رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


اقتصادنا في عيون صندوق النقد

موقف سياسات الاقتصاد الكلي والمخاطر الرئيسة وإطار سياسة الاقتصاد الكلي ومؤسساتها الداعمة وأدوات السياسة العامة، والنمو الاقتصادي واستدامته، واستحداث الوظائف، ونمو قطاعات الخدمات المالية وتطوراتها؛ مجموعة من المحاور الرئيسة ناقشها تقرير المراجعة السنوي لصندوق النقد الدولي عن أداء الاقتصاد السعودي للعام الجاري. صدر التقرير مطلع الأسبوع الحالي وحمل في طياته نتائج المراجعة السنوية لأداء الاقتصاد السعودي من قبل صندوق النقد الدولي. يقودنا ما صدر في التقرير من استشراق لمستقبل الاقتصاد السعودي ومناقشته لأهم تحدياته إلى مدارسة التقرير للتعرف بشكل أكثر تفصيلاً على تطورات الاقتصاد السعودي من المنظور الدولي.
من أهم ملاحظات التقرير التوضيح بظهور مؤشرات على دخول الاقتصاد السعودي في مرحلة النمو السريع والمؤدية بدورها إلى زيادة معدل التضخم ونمو أسعار الفائدة. وعلى الرغم من دور ارتفاع أسعار المواد الغذائية والإيجارات في زيادة معدل التضخم، إلا أن استمرار الإنفاق الحكومي، ونمو الائتمان المصرفي، وتطبيق السياسة النقدية لمتطلبات ارتباط الريال بالدولار الأمريكي أسهمت في توقع أن يسجل معدل التضخم نهاية العام الجاري مستوى 5 في المائة.
وأشار التقرير كذلك إلى أن انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية يعد أحد أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي على المدى المتوسط، عطفاً على تبعيات هذا الانخفاض على عائدات الدولة من النفط ومستويات الإنفاق الحكومي التي يتطلبها الاقتصاد لتحقيق مستهدفاته على المدى المتوسط. وعلى الرغم من هذه التحديات، إلا أن تطمينات المسؤولين السعوديين فيما حققته إنجازات الاقتصاد أخيرا من زيادة في العائدات غير النفطية، وتنفيذ مشاريع البنى التحتية الرئيسة، وتطوير الأسواق المالية، وزيادة كفاءة القطاع المصرفي، ستسهم في تقليل المخاوف من انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وتحفظ التقرير على بقاء أسعار الوقود والكهرباء والمياه عند مستويات منخفضة مقارنة بالمعدلات العالمية، ما سيؤثر بالسلب في النمط الاستهلاكي للمستهلكين الأفراد في حال انخفضت أسعار النفط في الأسواق العالمية. يضاف إلى ذلك أن التسعيرة المتبعة حالياً لا تراعي تصنيف المستهلكين بين أفراد وشركات صناعات تحويلية، ما أسهم في اكتساب الصناعات التحويلية ميزة نسبية عن منافسيها في الأسواق الإقليمية مع مشاركتهم بهذه الميزة في مخصصات المستهلكين الأفراد.
كما اقترح التقرير التوسع في نقل النفط عبر البحر الأحمر، والخزن الاستراتيجي للنفط بقرب المستهلكين كطرق نقل نفط بديلة للمحافظة على مستوى تدفق النفط السعودي إلى الأسواق العالمية وبقاء أسعار النفط في نطاق مقبول عوضاً عن التأثر بالتطورات السياسية والعسكرية في الخليج العربي وانعكاساتها السلبية على التدفقات النفطية والأسعار. ولاحظ كذلك التقرير تباطؤ نمو الأنشطة غير النفطية وتوقع تسجيلها 6.5 في المائة كمعدل نمو سنوي نهاية العام الجاري مقارنة بالعام الماضي.
وعلاوة على مخاوف انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية فقد سلط التقرير الضوء كذلك على تحديات ارتفاع معدلات البطالة بين فئة الشباب السعودي وتواضع قدرتهم المالية لتملك المنازل. وعلى الرغم من البرامج التنموية الأخيرة الهادفة إلى توظيف الشباب وتذليل تحدي تملك المنازل، إلا أن نتائج مثل هذه البرامج من الأهمية أن تركز على تحقيق الحلول الدائمة عوضاً على الحلول الآنية. وأوصى التقرير في هذا الجانب بدعم قدرة القطاع الخاص على استحداث الوظائف وتوطينها في ظل تواضع نسبة العاملين السعوديين في القطاع الخاص بعدم تجاوزها 10 في المائة من إجمالي القوى العاملة في القطاع الخاص. كما أشار التقرير إلى أن البرامج الداعمة لزيادة مشاركة العامل السعودي في القطاع الخاص من الأهمية أن تركز على تقليص الفوارق في الأجر المادي والتأهيل المهني بين العامل السعودي وغير السعودي.
كما قدم التقرير استقراء لمستقبل الاقتصاد السعودي على المدى المتوسط من خلال توقعات نمو مجموعة من المؤشرات الاقتصادية. حيث توقّع التقرير أن ينمو الإنتاج النفطي للمملكة من 9.6 مليون برميل يومياً وبمعدل سعر يبلغ 99.7 دولار للبرميل الواحد في 2011 إلى 10.7 مليون برميل يومياً وبمعدل سعر يبلغ 87.2 دولار للبرميل الواحد في 2017. كما توقع التقرير أن تنمو عائدات الدولة من 540 مليار ريال سعودي نهاية 2011 إلى قرابة 1100 مليار ريال سعودي نهاية 2017، مع محافظة العائدات النفطية على معدل 87 في المائة حتى 2017 مقابل 13 في المائة للعائدات غير النفطية. تقابل هذه العائدات المتوقعة نمو في مستوى الإنفاق من قرابة 580 مليار ريال نهاية 2011 إلى قرابة 1130 مليار ريال نهاية 2017.
حمل تقرير صندوق النقد الدولي عن الأداء السنوي للاقتصاد السعودي قراءة لمستقبل الاقتصاد السعودي على المستوى المتوسط من خلال التوازن بين نظرتي التفاؤل واليقظة باستدامة أسعار النفط عند مستوياتها الحالية. فوجود تحدي تراجع أسعار النفط يدعو إلى أهمية التأكيد على أهمية مبادرة الاقتصاد السعودي إلى تغيير سلوك مستهلك النفط السعودي في الأسواق العالمية بما يضمن استدامة العلاقة بين النفط السعودي والأسواق المستوردة. علاقة من الأهمية أن تحفظ التوازن بما لا يدفع المستهلك في تلك الأسواق إلى الاعتماد على المصدرين الآخرين. وفي الوقت ذاته من الأهمية التأكيد على تطوير أدوات السياسة المالية السعودية بما يضمن لها تعاملا أكثر إيجابية مع عائدات النفط وتوظيفها لدعم سياسة الإنفاق الحكومي في خطط التنمية الثلاث حتى 2024. تعامل من الأهمية أن يكون أكثر فاعلية في معالجة تحديات البطالة والإسكان. عمل دؤوب مطلوب من جميع مقومات الاقتصاد السعودي أن تؤديه وتسجّل مستويات تواكب التطلعات، بعون الله تعالى وتوفيقه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي