رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لماذا يكرهون «محمدا»؟

تنامى خلال العقود القليلة الماضية تعمد الأفراد والشعوب الغربية بدعم مبطن من حكوماتها إهانة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في ذاته وأهله والتشكيك في دعوته. فلم نكد ننسى الرسومات التي تبناها أحد الصحافيين الدنماركيين حتى ظهر لنا الفيلم المشين الذي قام به بعض العبثيين في الولايات المتحدة، الذي يسيء لسيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وهو الشخصية الفذة والعقلية القيادية الأسطورية والقامة الشامخة التي لم تعرف البشرية أعظم منها، وشهد بذلك علماء ومفكرون غربيون وشرقيون، والحق ما شهدت به الأعداء.
ونحن إذ ننكر ونستنكر تلك الأعمال التي تخالف مبادئ العلاقات الدولية والديمقراطية واحترام الأديان، التي يرفعها الغرب أنفسهم ويتفاخرون بها، إلا أننا في الوقت نفسه نريد أن نتعرف على الأسباب الحقيقية التي تجعل الدول العظمى والحضارات الكبرى تتعمد إهانة هذا النبي الأمي الذي ووري الثرى قبل نحو 1400 عام، وأتت بعده قيادات وتكونت حكومات واندثرت إمبراطوريات. لماذا يكرهون ''محمدا'' دون غيره؟ نريد أن نقف مع أنفسنا ونفكر بكل هدوء وعقلانية وأريحية عن أسباب هذه الانحرافات الأخلاقية والتصرفات الصبيانية من قبل الحكومات الغربية للنيل من نبينا وتشويه صورته، فنحن موقنون أن هذه الإساءات ليست تصرفات فردية أو سلوكيات عشوائية، بل أفعال مخطط لها وتقف وراءها هيئات كبرى وحكومات عظمى.
عندما علمت بخبر إهانة النبي الكريم وسمعت عن الفيلم الذي يقدح فيه ومن قبله الرسومات الدانماركية والمحاولات التشويهية الأخرى وقفت مع نفسى وتساءلت عن تلك الأسباب التي تلجئ هؤلاء الأفراد بدعم من الشعوب والحكومات إلى أن تنال من هذا النبي العظيم، فخرجت بأسباب عدة أريد أن أطلعكم عليها.
أول سبب أراه هو إشغال العالم الإسلامي والزج به في دوامة لا تهدأ من التشتت الفكري والعراك النفسي والاضطراب الاجتماعي من أجل إعاقة مسيرة التنمية، وأن يبقى في حالة من التخلف والتبعية، ويظل شغله الشاغل الدفاع عن رموزه الدينية. فالتظاهرات التي تندلع في شرق العالم الإسلامي وغربه وشماله وجنوبه للدفاع عن الحبيب - صلى الله عليه وسلم - لها أثمان باهظة تدفعها الشعوب الإسلامية وحدها من حيث تدري أو لا تدري. لك معي أن تتخيل الخسائر التي يدفعها الأفراد والحكومات نتيجة خروج الناس في احتجاجات لأيام عدة وأثرها في اقتصادات الدول الإسلامية والخسائر الأخرى غير المرئية من تعطيل الأعمال اليومية ومصالح الناس الضرورية وانقسام البلد الواحد إلى جزأين متناحرين يذيق بعضهم بأس بعض: يتصادم المواطنون الثائرون المدافعون عن عرض نبيهم مع الأجهزة الأمنية التى من واجبها حماية السفارات والقنصليات والهيئات الأجنبية التى تقع على أراضيها.
السبب الآخر - من وجهة نظري - لهذه الإهانات المتعاقبة لرسول البشرية هو تقسيم العالم إلى محورين: الأول ''إرهابي'' ويمثله بطبيعة الحال المسلمون، والآخر ''حضاري'' وهم بقية الأديان والأجناس والأعراق. فكأن تعمد الإساءة إلى الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - يريدون منه استفزاز المسلمين كي يظهر أمام العالم أن أتباع هذا النبي ما هم سوى شعوب غوغائية سطحية يسهل إثارتها وتأجيجها واللعب بعواطفها، ولسان حالهم يقول انظروا إليهم وهم يهدمون المرافق ويقتلون السفراء ويحرقون الممتلكات. يظن البعض أن من قام بهذا السلوك المشين لا يتوقع ردة فعل المسلمين وأنهم أقدموا على فعلتهم دون أن يكون في مخيلتهم ثورة الشعوب الإسلامية، لكن الأمر خلاف ذلك تماما، فهم يريدون تلك الثورة ويخططون لها ويجنون أثمانها. إن من يقوم بمثل تلك الرسومات ومن ينتج مثل ذلك الفيلم يعلم علم اليقين أن هذا يؤذي مشاعر المسلمين ويجرح نفسياتهم وينال من تفكيرهم ويأخذ من أوقاتهم، وهم يعلمون مسبقا ما سيقومون به ويدركون ردات أفعالهم.
أما السبب الثالث، فأرى أنه الحقد الدفين على ذلك النبي الذي استطاع أن يؤلف بين قلوب العرب المتناحرة ويلم شتاتهم ويصنع منهم قادة ويبني بهم حضارة ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين. فعندما يهزأون من بشر ونبي مات منذ أزل فهذا يعنى أنه أثار حسدهم وأدمى قلوبهم في شيء لا نعلمه، ولو لم يكن ذلك فلن يسخروا منه وقد ووري الثرى ولم يتعمدوا نهج مثل هذا الطريقة الساقطة في الشتم والإساءة. فمحمد - صلى الله عليه وسلم - أدمى قلوبهم، وفضح أسرارهم، وهتك أستارهم، وكشف سوءاتهم فلم يجدوا طريقة ينتقمون بها منه سوى فعل العاجز الذليل والطفل الخائف الكسير. ويجب أن نعي ونعرف وندرك أن مثل هذه الإساءات لم تزد ''محمدا'' إلا محبة في قلوب أتباعه، ورفعة وإجلالا في نفوس المعجبين به وعلما ومعرفة في الذين لم يسمعوا به.
هذه أبرز الأسباب التي أراها وهناك أسباب أخرى سمعنا عنها من رغبتهم في توجيه الأنظار عن بعض القضايا الجوهرية واستغلال هذا الحدث لإدارة بعض القضايا السياسية والاقتصادية كالصراع في سورية وفي فلسطين، ومنها معرفة ردة فعل بعض الدول الإسلامية وقياس مقدرتها على الدفاع عن قضاياها بعد أحداث الربيع العربي.
وأريد من الذين يحبون محمدا أن يختلوا بأنفسهم ويتفكروا ويفكروا لماذا يكرهون نبينا؟ فقد تظهر لكم أسباب أخرى غير تلك التي تم عرضها، فهم لن يهدأوا أبدا ولن يكفوا من النيل منه ولو دفعوا ثمن ذلك أبرز قياديهم وأفضل رجالات حكوماتهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي