المعاملة على مائدة الموظف

تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مطلع هذا الأسبوع صورة موظف حكومي يفترش طاولة المكتب بمائدة تُنهك العقل وتثقل البطن. هذه الصورة دارجة في أغلب إداراتنا الحكومية بلا استثناء، رغم التأكيدات والتعليمات المرسلة من اتجاه واحد فقط بمنع الفطور الجماعي، أو مقاطعة وقت العمل الرسمي بذلك. السؤال هنا إذا كنا نؤمن جميعا بأن راحة الموظف وتناوله وجباته الرئيسة حق من حقوقه الإنسانية والوظيفية، وكنا نعرف حقيقة أنه لا يوجد نظام يمكن أن يفرض على الموظف الجلوس على مكتبه سبع ساعات دون حركة، أو بحرمانه من تناول وجبة الإفطار، أو الغداء. يكون السؤال: لماذا يصر النظام على جعل موظفيه يخترقون هذا النظام؟ ويخلون بأداء الأمانات الموكلة إليهم؟
بالبحث عن حقوق وواجبات الموظف، وجدت النص التالي في موقع وزارة الخدمة المدنية ضمن واجبات الموظف، استنادا لنظام الخدمة المدنية ذي 35 ربيعا، والصادر بالمرسوم الملكي م/49 وتاريخ 10/7/1397هـ. يقول نص الموقع:

واجبات الموظف
تنطلق هذه الواجبات مما نصت عليه المواد (11، 12، 13) من نظام الخدمة المدنية، فللوظيفة العامة حقوق وواجبات، فكما أن الموظف يسعى لاستيفاء حقوقه الوظيفية، فإنه يجب عليه بالمقابل أداء أعماله وواجباته الوظيفية بالصورة المطلوبة، ومن الواجبات الوظيفية ما يلي:
أ - الالتزام بوقت الدوام الرسمي:
انطلاقاً من المادة (11) من نظام الخدمة المدنية، وقت الدوام هو بمثابة الوعاء للوظيفة، ففيه تؤدى أعمالها وخدماتها، ولذا فإنه كلما كان الالتزام به مكتملاً أدى ذلك في الغالب إلى الإنتاج والموضوعية في الأعمال، والالتزام بهذا الواجب أمر مطلوب من سائر الموظفين بمن فيهم المشرفين والمسؤولين وذلك لأهمية دور الأسوة الحسنة في هذا المجال بالنسبة للموظفين الآخرين.
وتتحدد مسؤولية المشرفين المباشرين في التأكد من أن جميع مرؤوسيهم يتواجدون على مكاتبهم طيلة فترة الدوام الرسمي مع التزامهم بأوقات الدوام الرسمي ومراقبة التأخر عن الدوام والانصراف قبل نهاية موعد الدوام وفق كشوفات مواعيد الحضور والانصراف اليومية بصورة مستمرة وكذلك دقة تسجيل هذه البيانات".
تقول المادة إنه "كلما كان الالتزام به مكتملاً (أي وقت العمل) أدى ذلك في الغالب إلى الإنتاج والموضوعية في الأعمال"، لكن المادة وواضعوها لم يلتفتوا للحاجات الأساسية للموظف من طعام وشراب ووقت راحة ووقت للصلاة، والتي قد تزيد من عطاء الموظف وإنتاجيته.
وهنا يبقى الحديث عن أن ما يصدر من تعليمات أو توجيهات تمنع ممارسات كهذه، لن يلتزم بها الموظف ورئيسه المباشر لن يضغط عليه للالتزام بها، لأنه يعلم أنها حق من حقوق الموظف أولا، وأن الضغط على الموظف سيأتي بنتائج عكسية تؤثر على الإنتاجية والموضوعية في العمل.
إذن يأتي السؤال الأخير: لماذا لا تحرص وزارة الخدمة المدنية على تحديث مثل هذه الأنظمة التي جار عليها الزمان، فلا هي طُبقت ولا هي عُدلت. وتمنح الموظف أبسط حقوقه التي يكفلها له النظام الإنساني، ثم تطالبه بكل حزم بأداء واجبات وظيفته المسؤول عنها، وأداء المهمة التي أوكلت إليه حتى يكون لبنة بناء فاعلة لهذا المجتمع وأهله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي