رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


والآن.. بعد الأولمبية جاءت «القوى الرياضية» (2 من 2)

لو استعرضنا بعض الأمثلة البسيطة في تأثير إقامة مثل هذه المسابقات على الوضع الاقتصادي للأفراد والمؤسسات في أي بلد يستضيف الألمبياد لوجدنا أن في بعض المقاطعات الجنوبية للمملكة المتحدة تم تأجير بعض المنازل القريبة من بعض الملاعب بما يعادل 125 ألف دولار لفترة الدورة؛ حيث ترك أصحابها المنازل ليسكنوا مع أقرباء لهم في مقاطعات أخرى أو خارج البلد ليستفيدوا من الدخل. كما سجلت السياحة وصول 31 مليون زائر للمملكة المتحدة في عام 2011م وبداية عام 2012م لمشاهدة الاستعدادات والبروفات في بعض المواقع. وتتوقع السياحة بنهاية السنوات الثلاث القادمة زيادة سنوية بين 20 و30 في المائة، وذلك لأن الزوار خلال فترة الألعاب يعودون لدولهم فيروجون للمواقع السياحية والمتاحف التي ستقام محتوية على كافة المشغولات والمصنوعات التي خصصت واستخدمت في الميادين المختلفة أثناء الدورة. لقد تم تقدير تكلفة إقامة الدورة بــ 38 مليار دولار وهم الآن يتوقعون أن يجنوا أرباحهم خلال 3 سنوات تالية. هذه أمثلة بسيطة جدا ولنا أن نتصور كيف أن القوة الرياضية باتت محركا لشعوب وتوجها لدول تقضي للتخطيط لها عقودا لنيل الذهب وإبراز أساطير في لعبة أو ألعاب مختلفة.
لقد كان هذا العام استثنائيا لكافة الرياضيين والمراقبين والمشاهدين. المعايير صارمة والنتائج متقاربة وكلها حُققت عن جدارة. ولأن البعض كان يستعد لسنوات عدة وصل في بعضها إلى 12 عاما كما حصل في سباق الزوارق، فالواضح جدا أن التكاليف كانت مرتفعة جدا ومستوى الصبر لدى اللاعبين وصل لذروته. لقد وضح أن حسم النتائج انتظر ليوم متأخر جدا حيث أزاحت الولايات المتحدة الأمريكية الصين بحصد الذهب الذي تمثل في قوة أبدان اللاعبين وإصرارهم وتركيزهم العالي. هنا أصبحت الرياضة (كقوة بدنية وعقلية) سببا في تفوق دولة جمعت القوى الاقتصادية والسياسية والعلمية وأصبحت الشعوب تنظر لها بأنها تملك قاعدة عريضة من الخبراء في المجالات المختلفة ما يعني تسيدهم هذا المجال.
هذا يجعلنا نبدأ من الآن في التفكير في إقامة الأولمبياد أو الاشتراك للمنافسة وليس فقط للتمثيل. إن من آثار استضافة الألعاب الأولمبية في أي بلد من شأنه أن يحقق لها ما تحلم به لعقود من عمرها ويخفف الكثير من الأعباء. ولكن النظرة الإيجابية تسلط الضوء على خمس فوائد رئيسة هي: (1) تحسين البنى التحتية وتكثيف المشاريع التنموية. (2) إتاحة الفرصة للعالم أجمع للاطلاع على معالم هذا البلد السياحية وثقافته تاركة بصمة لا تنسى حتى مع مرور الزمن. (3) تحريك وتنشيط الاقتصاد قبل وخلال وبعد فترة إقامة الألعاب، سواء على مستوى مدينة الألعاب أو أي محافظات ومناطق مجاورة. (4) تحسين إجراءات الأمن والسلامة ورفع مستوياتها بتبادل المعلومات مع المنظمات والهيئات الدولية المعروفة. (5) توليد الأفكار وتبادلها بما يحقق تحسين قيمة كل نشاط اجتماعي أو ثقافي أو سياسي أو اقتصادي يضمن للبلد مكانة واحتراما على الصعيد الدولي.
في الشأن الرياضي أصبحت الألعاب المختلفة تعتمد على التجارب والدراسات والأبحاث. فمن ذلك استخدمت التقنية للتصوير والتحليل ومتابعة النتائج. أما من ناحية إعداد الملاعب والتدريب على أفضل الأدوات والمستلزمات فقد وصل بتكلفة لاعب في الألعاب الفردية إلى أكثر من مليوني دولار سنويا فكيف ونحن نفكر في تجهيز خمسة لاعبين في عشر ألعاب يتم اختيارها للتنافس فيها للدورات القادمة؟ ثم كيف يمكن أن نفكر مع الأندية والشركات المتخصصة في تحويل أو إيجاد نواد تعتبر صفوة الأندية في تعدد الألعاب الأولمبية والتميز على كل المستويات؟
في الواقع لم يعد الإنفاق على الرياضة ترفا لتكون قوى للشموخ بنتائجها على المستوى الدولي. هذا لأن المجتمع الشبابي من ذكور وإناث لم يعد رقما للنمو السكاني فقط. وإذا كان الماضي يحمل تجارب مريرة فلنستفد منها ونتقدم بكل قوة لحصد ما تبحث عنه الدول وهو "البصمة الذهبية" كنتيجة لبلوغ القمم. فهل نخطط لمسيرتنا الرياضية لنكون بهذا التمكن ويتمتع لاعبونا ولاعباتنا بالمهارة والذكاء في الدورات القادمة؟ السؤال هنا: كيف يمكن أن نتحرك من هذا الموقع في هذا الوقت؟ هذا السؤال ستجيب عنه لجان تشكل من شباب هذا البلد الكريم الذين تشهد لهم الملاعب أو الأوساط الرياضية الأكاديمية أو غيرها بما قدموه وكان محل تقدير. إن التغيير والتجديد سمة العصر خصوصا إذا ما علمنا أن واقع الحال يتطلب خبرة ميدانية رياضية واستخداما للتقنية في كل مراحل الإعداد والممارسة، وبالتالي ضخا ماليا كبيرا في الإعداد للألعاب والملاعب. ما نحتاج إليه الآن هو قيادة شبابية متخصصة ومؤهلة تاهيلا علميا معتمدا دولياً. هؤلاء مع المخضرمين يعدون استراتيجية للرياضة عموما، يبدأ بعدها التنفيذ بالاعتناء باللاعب واللعبة والملعب لنكون جاهزين عند إقامة المحافل الدولية القادمة كقوة رياضية متجددة. والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي