الفنون الموسيقية السعودية نالت من الإقصاء ما لم تنله الفنون الأخرى

الفنون الموسيقية السعودية نالت من الإقصاء ما لم تنله الفنون الأخرى

أكد فنانون موسيقيون أن الموسيقى في السعودية نالت من الظلم ما لم تنله بقية الفنون الأخرى رغم مساهمتها في إبراز فرق الإنشاد الدينية التي انتشرت خلال الآونة الأخيرة ولقيت صدى وإقبالا عند كثير من مختلف شرائح المجتمع، إضافة إلى كون الموسيقى فنا لا يمكن الاستغناء عنه في مناسبات الزفاف أو التخرج أو الأعياد الوطنية والمهرجانات القائمة طوال العام، لافتين إلى أن الموسيقى فن عريق وأصيل له تاريخ موثق لدى الشعوب لاعتباره لغة دون كلمة في الترويح عن النفس والتحميس للقتال في الحروب.
وبحسب ما أفاد المؤسس لصفحة الموسيقى أنا ''مرسى الموسيقى'' أن واقع الموسيقيين من عازفين ومتذوقين مؤلم كونهم لم يلقوا التشجيع إلا من خلال إرادتهم وعزيمتهم ومن خلال بعض المقربين الذين يستمعون لمعزوفاتهم وفنهم ، قائلا: واقعنا هو البدء والانطلاق مع الثروة الهائلة لواقع الموسيقى وكأننا متخفون في الظلام لا نحظى بالتشجيع أو بمراكز لتعليم الموسيقى، وإنما السبيل الوحيد هو الاعتماد على النفس كون الموسيقى نالت من الظلم ما لم تنله بقية الفنون، إضافة إلى حالة الإحباط الذي يصاب بها العازف جراء محدودية المستمعين له الذين لا تتعدى أعدادهم ثلاثة أو جماعة قليلة في أحيان أخرى.
وقال لـ ''الاقتصادية'': نطالب في اجتماعاتنا ولقاءاتنا دوما سواء كانت في أماكن سكنانا أو بين الأصدقاء بوجود من يقف معنا أو في أقل القليل إبراز مواهبنا من خلال الأمسيات ولا سيما أن هذا الفن ساهم وبشدة في بزوغ الإنشاد الديني والفرق المنشدة نتيجة اعتماد الإنشاد على العزف الذي يمثل نصف الإنشاد والمحرك الرئيس لإضفاء ذائقة لطيفة لدى المستمعين، منوها إلى أن الموسيقى في الفرق الإنشادية رائجة في أوساط المنشدين والمتدينين الذين يخشون الوقوع في الطرب الغنائي لاعتقاد البعض في مخيلتهم أن الموسيقى هي ليست فقط موضع الغناء وإنما هي موضع اختلاط.
وأضاف أن المتبع في الأغلب مع المتشددين في رفض الموسيقى هو التزام الصمت حتى يتم فك الحصار عن الموسيقى ومتذوقيها لكيلا تنقطع وليبرز عازفيها أحاسيسهم ويطلقون مخيلتهم من خلال أناملهم التي باستطاعتها أن تشفي أمراضا مزمنة للإنسان كما أثبتت الدراسات الحديثة، مشيرا إلى أن تجربته في هذا الفن منذ ما يقارب 16 عاما جعلته واثقا بأن الموسيقى هي الغذاء والروح والكلمات وليست علاج فقط لمتعبي النفس وإنما لكل العالم بلا استثناء، مستشهدا بما حدث في العام الماضي للعازف العراقي ناصر شمة الذي لم يدخل للسعودية رغم الإعلان عن قدومه على مشارفها وبالتحديد في مدينة الظهران لإقامة أمسية موسيقية، نتيجة أن حقيقة ما يقف كحجر عثرة أمام المبدعين وهواة الموسيقى هي كلمة ممنوع.
وعن مشاركة المرأة كعازفة موسيقية'' أوضح ''مرسى الموسيقى'' أن هناك محاولات نسائية لكنها قليلة جدا بل تكاد تكون معدودة بسبب الموانع الدينية أو بحسب الأجواء العائلية إذ إلى الآن لم نتعرف إلا على واحدة أو اثنتين من مجتمعنا، كما أنهن لم يخرجن على الساحة الواقعية بل خرجنا على عالم الإنترنت لتمنيهن الحصول على التشجيع من خلال ظهورهن على هذا الاكتفاء ومعرفة إن كن أجدن العزف أم لا، مستدركا أن المرأة في بقية المجتمعات لها الدور الفعّال مع الموسيقى إذ إنها تجيده بالتمام وبعد دراستها الفن.
ولفت إلى أن الحديث في الموسيقى هو بحر لا حدود له، ولذا يتغنى دوما بأن للصمت كلاما وللموسيقى صمتا، خاصة أنه لم يعرف إلى الآن هذا الفن بأنه خالٍ من أي ضوضاء للإنسان، ولكن يوما ما سيكون مغردا في الطريق ليخرج أناس في المستقبل مبدعون موهوبون لو ظهروا على الشاشة لأحبهم الناس لما لهم من حس خيالي مصوب الهدف، لافتا إلى ضرورة معرفة ماهية الموسيقى بأنها عبارة عن إحساس مرهف يتعاطى معه العازف مع جمهوره بتأثير إيجابي متفاعل مشكلا الغذاء أو الفيتامين المعطى للروح ليجلي آلامها. كما أشار مرسى الموسيقى إلى أن تاريخ الموسيقى قديم جدا إذ إنها تعود لآلاف السنين كالمطلقة في الحروب لإضافة الحماس على المقاتلين، ولا سيما أنها موثقة في قصة نينوى التي قيل فيها قولان الأول إنها نينوى عاصمة الدولة الآشورية التي مضى عليها ما يتجاوز 3500 سنة، والآخر أن رجلا رآها منقوشة على خشبة وحاول أن يفكها إلى أن عزفها بدقة رائعة مكونا موسيقى شهيرة بآلة الناي وتداخل آلة الكمان معها تاركا سحرها الحزين لكل من يسمعها كونه استوحاها من مآسي كربلاء التاريخية وما خلفته من حروب بعدها، حيث عدت فيما بعد هذه المعزوفة بأنها ثاني أقدم موسيقى بعد موسيقى رأس شمرا.
وفيما يتعلق بالآلات الموسيقية المهمة التي تحتاج إليها الفرق الموسيقية أبان أن الآلات تنقسم لنوعين وقيل لثلاثة وهي آلة وترية، وآلة نفخية وآلات القوالب أشهرها عزف الجيتار والأورج والبيانو والكلاريينيت، وأن لكل آلة استخدام فالجيتار يستخدم للفرح، والبيانو لحالة الهدوء، أما الكلارينيت للحزن، والأورج متنوع الاستخدام ويعد شبيه بآلة البيانو ألا أنه أصغر منه حجما، وهي من ناحية توافرها قليلة وفي أماكن معدودة، ولذا فإن بعض مسافري الدول العاشقة للموسيقى كتركيا يجلب الآلة منها لجودتها، مفيدا بأن جميع الموسيقيين متأثرون فيما بينهم فمثلا نجد أن اليونانية تأخذ من الغربية أو من الشرقية والعكس.
إلى ذلك، بين سلمان جهام مشرف اللجنة الموسيقية بجمعية الثقافة والفنون فرع الدمام أن الموسيقى لا تزال تعاني الجدلية المثارة حولها لعدم القبول في أوساط المجتمع السعودي بشكل خاص وإن كانت عامة الفنون تعاني الحالة ذاتها، وعلى الرغم من أن المجتمع ينتقدها فهم يتعاطون ما لا يتقبلون بطريقة تدعو لإعادة النظر في النظرة المحبطة للموسيقى، متوقعا أن تحمل الأيام المقبلة مزيدا من الأمل والتغيير والتطوير لواقع الفنون وأن تتمكن الموسيقى من فرض نفسها والتعبير عن إبداعها وأن يكون القادم أجمل من المتاح.
وكشف جهام أن المنطقة الشرقية يوجد فيها فرقة موسيقية منظمة تم تأسيسها من خلال الجمعية وتعد الأولى على مستوى المنطقة وتضم 12 فردا تحت مظلة رسمية بعد أن كانت قبل أعوام بمسمى تخت موسيقي مكون من خمسة موسيقيين من الدمام والقطيف والخبر والجبيل تسعى إلى أن تكون فرقة تمثل المملكة وتشارك في المهرجانات الخليجية، منوها إلى أنه يرغب في مشاركة الموسيقيين الأحسائيين في فرقته وانضمامهم ولا سيما أنهم بارعون ومتمكنون ولم يوفقوا لغاية الآن في تأسيس فرقة منظمة تحت مظلة الجمعية؟
وأضاف جهام أن هناك أسماء برزت لسيدات موسيقيات على مستوى المملكة كالموسيقية توحة التي تعد تذكرة عبور لكثير من الموسيقيين وقتها وأخريات غيرها، في حين أن الوقت الراهن توجد فيه بعض المحاولات الفردية لسيدات قيدتهن الظروف المجتمعية والعائلية عن مواصلة المشوار التعليمي في هذا المجال، لافتا إلى أن عدم وجود جمعية للموسيقيين يلجأ لها الهواة ساعد على جعل الحركة خجولة وغير مسوق لها أو معلن عنها.
وقال جهام: منذ عام 2008 إلى عام 2012 تم تقديم الأمسيات الموسيقية وتشكيل الفرقة الموسيقية التي ضمت كورالا للكبار وكورالا للأطفال بعد تهيئتهم وتدريبهم ويصل عددهم 40 طفلا يقدمون المعزوفات في المهرجانات والأمسيات المختلفة والاحتفاء بالشخصيات البارزة في المجال.

الأكثر قراءة