والآن .. بعد الأولمبية جاءت «القوى الرياضية» (1 من 2)

القوى الاقتصادية والسياسية تعابير استخدمت للدلالة على سطوة وتحكم فئة من البشر في مجال أو في مجريات الأحداث والظروف لحد كبير. أن تستخدم القوة ككلمة لتقرن بالرياضة للتعبير، كون الدولة تضم أبطالا تميزوا بقدرات تفوق قدرات أقرانهم، وخبرات يمكن أن تدير شؤون الحرب والقتال بدهاء كبير، فهذا نشأ أخيرا وأثبتت بعض الدول مدى قوتها الفعلية على مستوى الأفراد والفرق الجماعية. إن أولمبياد هذا العام 2012 وضعت تصورا ومعايير جديدة للألعاب الرياضية وتأثيرها على أصعدة عدة وجعلت المتابعين من شتى التخصصات يتابعون ذلك بشغف كبير. من إحصائيات أعداد الميداليات المكتسبة في المسابقة وضح أن الولايات المتحدة والصين قوتان رياضيتان كما هما في الاقتصاد والسياسة، وهما يسعيان لتسيد الرياضة على المستوى الدولي. هاتان القوتان لا يمكن الاستهانة بهما، حيث إنهما يعملان على أن تسعى باقي الدول باتباع نهجهما لترك بصمة في تاريخ الأمم.
مسيرتنا الرياضية في السعودية على صعيد الأولمبياد ما زالت اجتهادية. فعبر أكثر من 30 عاما مضت تميزت بأنها متقلبة في نتائجها الرياضية وذات نمط غير مستقر أو ثابت، إلا أنها لم تدرس بعناية وتحدد مكامن الخطأ بأسلوب علمي دقيق. ثم إن الدراسة عادة ما تنتهي بوضع أسس لتصور كيف يمكن لنا أخذ مقاعدنا في صفوف التتويج والتربع عليها لسنوات طويلة. لا شك أن المشكلة إدارية في المقام الأول، ولكن نحتاج إلى الخروج من دوامة المخصصات والأندية القائمة.. إلخ. نحن إذا ما ركزنا على عدة رياضات ومسابقات، فسنجد أن الألعاب الجماعية ليست هي الأقرب لطبيعة أجسامنا التي يمكن أن تحقق لنا بعض الاحترام والتقدير. في الواقع الألعاب الجماعية تحتاج إلى أن يكون الفريق بكامله بالعقلية والقدرات الفردية والقوة الجسمانية نفسها. ناهيك عن استيعاب الخطط والأساليب المستخدمة والتكتيك المتبع في كل لعبة في كل ظرف. هذه العوامل لا يمكن أن تكون متجانسة بين لاعبينا في كل فرقة فالمعايير صارمة ودقيقة، وتوفر الإعداد بتجانس كبير قد يصل إلى درجة اللامعقول. هذا يشعرنا بخيبة أمل ولكن على المستوى الفردي فهو يفتح آفاقا جديدة؛ لأن القوة الجسمانية والعقلية المطلوبة مشروط توفرها في شخص رياضي واحد، وبالتالي إمكانية فوزه تعتمد على أسلوب التفكير وقوة التحمل.
إن المستوى الثقافي الذي تحلى به المجتمع الحاضر والمشاهد للألعاب الفردية في حد ذاته يشجع على الحضور مرارا وتكرارا. لقد شجعوا المتسابقة سارة العطار في آخر لفة من الملعب في سباقها على مسافة 800 متر حتى وصلت إلى خط النهاية. هدفهم تشجيعها ودعمها نفسيا لإنهاء السباق دون تقاعس أو تراخ، الأمر الذي يحفظ ماء الوجه ويرفع راية وطنها الذي حرص على المشاركة للتعلم وبناء ''القوى الرياضية'' المستقبلية. هذا يؤكد مدى سمو ورفعة هذا الجمهور الذي عكس مكانة للندن خاصة وبريطانيا بشكل عام.
إن الجري والرماية والفروسية والجمباز والقفز وغيرها من الرياضات المثيلة لهي الأنسب من وجهة نظري لطبيعة أجسام أبنائنا، حيث إن في بعض الألعاب لا حجم العضلات ولا طول القامة كانا عوامل فوز فيها. وبالتالي فالفرصة سانحة أمامنا لحصد الذهب ــ بإذن الله ــ وذلك بجلب المدرب المناسب واختيار مواقع التدريب المهيأة بشكل نموذجي وبمتابعة متخصصة وحثيثة على مدار السنوات الأربع المقبلة حتى عام 2016، ثم بالتحفيز المادي سنكون مشاركين نتطلع للبرونز والفضة بآمال كبيرة. ولكن في عام 2020 سنكون محل تقدير واحترام المتنافسين والجمهور، حيث إن اللاعب أو اللاعبة اكتسب كل منهما الخبرة والدراية اللتين أضيفتا إلى القدرة والمهارة، حيث رجحت الفوز بالذهب وهو غاية كل بلد أراد أن يكون مصنفا من أفضل المهنيين أو الممارسين في هذا المجال أو في تلك اللعبة. فيما بعد ذلك ستكون المملكة منافسا قويا لتربعها على عرش الذهب لتأخذ مكانها الطبيعي ليس على المستوى الديني والسياسي والاقتصادي، بل أيضاً رياضياً. هذه هي الاستراتيجية التي يجب أن نعمل عليها من أول يوم تلا نهاية الألعاب الأولمبية وإطفاء الشعلة.
للتدليل على أن هذا هو التوجه الصحيح فقد شرعت البرازيل في رصد 700 مليون دولار من الآن قابلة للزيادة لتكون بلاعبيها من ضمن قائمة أفضل وأكثر عشر دول من حملة الميداليات (الذهبية بالذات) في أولمبياد 2016. هذا المبلغ خصص ليغطي تكاليف إعداد الرياضيين لحصد الميداليات لإعادة البرازيل لمقاعد الريادة في الرياضة. مصادر هذه الأموال ستكون بين دعم حكومي وصناديق استثمارية ودعم شركات من خلال إعلانات وتسويق وخلافه.
كما أن الصين اعتبرت في عام 2008 أكبر دولة أنفقت على الألعاب الأولمبية ولاعبيها على مستوى العالم. ليس لأنها استضافت الدورة، ولكن لأنها دفعت في تكاليف الميداليات الذهبية تكلفة قدرت لكل ميدالية ذهبية فازت بها بـ ''100 مليون دولار'' بناء على الميزانية التي رصدت لإعداد اللاعبين خلال سنوات الإعداد الأربعة السابقة للمسابقات. وبما أن عدد اللاعبين الذين اشتركوا في الألعاب الأولمبية أكثر من 600 لاعب ولاعبة فقد قدرت نسبة المشاركة بلاعب واحد لكل 2,500,000 مليون نسمة. وللحديث تتمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي