رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


أشكال الطاقة التقليدية ستستمر في الهيمنة على مزيج الطاقة العالمي

تعتبر الطاقة شريان الحياة للاقتصاد العالمي، وهي ضرورية لديمومة تقدم البشرية وازدهارها. للحفاظ على مستويات المعيشة الحالية وتحسينها، المطلوب أن تتوافر الطاقة بأسعار ضمن مستويات معقولة بالنسبة للمنتجين والمستهلكين على حد سواء. مع الزيادة المتوقعة في عدد سكان العالم وتحسن الدخل، من المرجح أن يستمر ارتفاع الطلب على الطاقة. إنتاج واستهلاك الطاقة سيستمر أيضا في الارتفاع مع استمرار التكامل العالمي الذي يبشر بزيادة التنافس العالمي. بعد الركود الاقتصادي الذي شهده العالم في عام 2009 تغيرت كثيرا مفاهيم أمن الطاقة وأصبح لها دلالات جديدة.
مع ذلك، غالبا ما يتم تجاهل أهمية قطاع صناعة الطاقة، على الرغم من أن مساهمة هذا القطاع له تداعيات كبيرة على إجمالي الناتج المحلي للدول المنتجة والمستهلكة، خصوصا في ظل المناخ الاقتصادي المضطرب. على الرغم من أن الاقتصاد العالمي لا يزال يكافح للخروج من الركود الذي شهده العالم في عام 2009، وأزمة الديون المالية اللاحقة في بعض المناطق، إلا أن الطلب والإنتاج العالمي على الطاقة استمر. في هذا الجانب يشير المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن قطاع الصناعة الاستخراجية للنفط والغاز في الولايات المتحدة استمر في النمو بمعدل 4.5 في المائة على الرغم من أن الناتج المحلي الإجمالي نما بمعدل 1.7 في المائة.
وفقا لوكالة الطاقة الدولية، الاقتصادات الناشئة ستلعب دورا كبيرا في تحديد ديناميكية أسواق الطاقة خلال العقدين القادمين. من المتوقع أن تسهم الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادي بمعظم الطلب على الطاقة في المستقبل، حيث من المرجح أن تسهم بما يصل إلى 90 في المائة من النمو المتوقع في الطلب العالمي على الطاقة. الطلب على الطاقة في الصين وحدها من المرجح أن يشكل أكثر من 22 في المائة من الاستهلاك العالمي في عام 2035، من المتوقع أن تستهلك الصين ما يقرب من 70 في المائة أكثر من الولايات المتحدة بحلول عام 2035.
من المحتمل أن تكون الهند، والصين، والبرازيل في المستقبل مناطق مهمة لمصادر طاقة استراتيجية منخفضة التكلفة، في حين ستشهد الاقتصادات المتقدمة نموا في فرص الخدمات ذات القيمة المضافة. ومن المتوقع أن ينمو استهلاك الطاقة في الهند، البرازيل، الشرق الأوسط، وإندونيسيا بشكل أسرع من الصين خلال هذه الفترة، حيث من المتوقع أن تقود هذه الاقتصادات الناشئة التوسع في إنتاج الطاقة. هذا الطلب المتزايد على الطاقة من المتوقع أن يُلبى من قبل منظمة البلدان المصدرة للنفط ''أوبك''، حيث من المتوقع أن ينمو إنتاج النفط فيها بنحو 50 في المائة بحلول عام 2035.
في عام 2011، نما قطاع الطاقة المتجددة أسرع من باقي قطاعات الطاقة، هذا النمو كان مدعوما بارتفاع أسعار النفط والحوافز الحكومية في كثير من دول العالم. مع تطور تقنيات الطاقة المتجددة خاصة تقنيات طاقة الرياح، الطاقة الشمسية والمائية، من المتوقع أن ينمو قطاع الطاقة المتجددة بوتيرة أسرع من غيرها من أشكال الطاقة التقليدية. بصورة عامة، من المتوقع أن يكون النمو النسبي لمصادر الطاقة المتجددة الحديثة أسرع من أي شكل آخر للطاقة. لكن من الناحية المطلقة، إجمالي المعروض من الطاقة المتجددة بحلول عام 2035 سيكون أقل من مستوى أي مصدر من مصادر الوقود الأحفوري منفردة. في الدول النامية، اعتماد الطاقة المتجددة سيكون مدعوما بسرعة نمو الطلب، سواء تغطية شبكات التوزيع وجودة الطاقة، الحاجة إلى الحفاظ على النمو الاقتصادي والحد من انبعاثات الكربون. لكن في الدول المتقدمة، الدوافع الرئيسة وراء اعتماد الطاقة المتجددة هي التخلص التدريجي من البنى التحتية القديمة، من محطات الطاقة النووية الحالية، من المحطات الحالية العاملة على الفحم والحاجة إلى الحد من انبعاثات الكربون.
الزلزال الذي ضرب اليابان في 11 آذار (مارس) 2011، والكارثة النووية اللاحقة في مجمع فوكوشيما Daiichi النووي لتوليد الطاقة الكهربائية، سيكون لها أيضا تأثير كبير في تطور قطاع الطاقة العالمي، ما قد يؤدي إلى إعادة تنظيم هيكل قطاع الطاقة العالمية. في بعض المناطق من العالم تم إلغاء العديد من مشاريع الطاقة النووية المقترحة، كما أن العديد من البلدان تدرس خططا للتخلص التدريجي من محطات الطاقة النووية. في الجانب الآخر تم تسريع وتيرة الاستثمارات في قطاع الغاز الطبيعي. كما اكتسبت مشاريع الطاقة الكهرومائية، طاقة الرياح، والطاقة الشمسية أهمية كبيرة على خلفية دعم مشاريع الطاقة النظيفة.
على الرغم من ذلك، الأنباء ليست سيئة تماما لمؤيدي الطاقة النووية. من مقارنة عدد المشاريع الجديدة في قطاع الطاقة نلاحظ تراجع الاقتصادات المتقدمة وراء الاقتصادات النامية، ما أدى إلى آفاق نمو أعلى في توليد الطاقة النووية في مناطق الأخيرة. النمو في توليد الطاقة النووية مدعوم من جانب الصين والهند، إضافة إلى روسيا التي لديها أكثر عدد من المفاعلات تحت الإنشاء في الوقت الحاضر. وفقا لوكالة الطاقة الدولية، من المتوقع أن تسهم الطاقة النووية بنحو 25 إلى 30 في المائة من مزيج الطاقة في روسيا بحلول عام 2030.
أما نمو الإمدادات من مصادر الغاز الطبيعي غير التقليدية، التي تمثل إحدى الدعامات المهمة لمستقبل الطاقة، تعتمد بدرجة كبيرة على كيفية تعامل الحكومات، الصناعة والجهات المعنية الأخرى مع الآثار البيئية والاجتماعية المرتبطة بتطوير وإنتاج هذه المصادر، حسبما جاء في ''القواعد الذهبية'' التي صدرت أخيرا عن وكالة الطاقة الدولية. على خلفية التقدم التكنولوجي الذي حصل في مجال تطوير وإنتاج مصادر الغاز الصخري تمكنت الولايات المتحدة من الأداء بصورة جيدة في هذا القطاع على مدى العقد الماضي. لقد غير هذا التطور من واقع المنافسة في مجال النفط والغاز الطبيعي، حيث قفزت أمريكا مرة أخرى إلى المرتبة الأولى كأكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، نظرا لاقتصاديات التطوير والاحتياطيات الهائلة التي تملكها.
إن الطلب الكبير على الطاقة في الصين وفي غيرها من الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادي من المتوقع أن يؤثر في أسعار الطاقة والأسواق. الاقتصادات النامية، مثل الهند ودول الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية المنتجة للنفط من المرجح أن تعوض عن انخفاض النمو في الطلب على الطاقة الذي تشهده البلدان المتقدمة. في المحصلة، النهوض الذي ستشهده الاقتصادات الناشئة والنامية من المرجح أن يركز الأنظار على ضرورة التخفيف من الأثر البيئي، ما قد يؤدي إلى زيادة التركيز أكثر على مصادر الطاقة المتجددة، لكن على الرغم من ذلك ستستمر هيمنة الأشكال التقليدية من الطاقة على مزيج الطاقة العالمي لقرون طويلة قادمة.
تنويه: المقال يعبر عن رأي الكاتب الشخصي وليس بالضرورة يمثل رأي الجهة التي يعمل فيها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي