دخل وإنفاق الأسر السعودية في قيود الخدمات التمويلية
النمو التدريجي لحجم ما تنفقه الأسر في المملكة من إجمالي دخلها على الخدمات المالية وما يندرج تحت هذه الخدمات من سداد مستحقات الأقساط الدورية للسلف الشخصية والخدمات التمويلية المختلفة مقارنة بما كانت تدخره هذه الأسر في الماضي للوفاء بالتزاماتها المالية المقبلة، مؤشر خطير يطلق صافرات إنذار بتلاشي ثقافة الادخار العريقة في المجتمع السعودي لمصلحة ثقافة الائتمان الناشئة.
تتضح هذه المؤشرات جلياً عندما نقارن أحجام بنود إنفاق الأسر على احتياجاتها الدورية من واقع نتائج المسوح الخمسية، المسماة ''إنفاق ودخل الأسرة''، الصادرة من مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات منذ الإصدار الأول في 1971 حتى الإصدار السادس في 2007، حيث دأبت المصلحة على إجراء مسح ميداني كل خمسة أعوام يسمى ''مسح إنفاق ودخل الأسرة'' يعود تاريخ أول مسح إلى عام 1971. توالت الإصدارات بعد ذلك كل خمسة أعوام كان آخرها الإصدار السادس عام 2007. كما تستعد المصلحة هذه الأيام لإجراء مسح آخر تمهيداً لإصدار المسح السابع 2012.
يعتمد ''مسح إنفاق ودخل الأسرة'' على زيارات ميدانية تقوم بها مجموعة من الباحثين إلى مجموعة من الأسر في جميع مناطق المملكة. تسعى هذه الزيارات إلى استقاء مرئيات الأسر حول أوجه الدخل والإنفاق الأسري من خلال استبانة معلومات مختلفة تشمل معلومات جغرافية، وسكنية، وديموغرافية، واستهلاكية، ومالية.
تشير المصلحة إلى خمسة أهداف رئيسة من إجراء المسح في مقدمتها معرفة التوزيع النسبي للإنفاق على السلع والخدمات لاستخدامها في تركيب الرقم القياسي لتكاليف المعيشة. والثاني التعرف على مقدار التغير النسبي في الإنفاق على السلع والخدمات المصاحب لكل تغير نسبي في الدخل للاستفادة من ذلك لأغراض التخطيط لمواجهة الطلب المتوقع على هذه السلع والخدمات مستقبلاً. والثالث دراسة العلاقة بين الخصائص السكانية والسكنية للأسر ودخلها، وكذلك دراسة العلاقة بين إنفاق الأسر ودخلها. والرابع الحصول على تقديرات عن الإنفاق العائلي للمساهمة في تركيب الحسابات القومية. وأخيراً الخامس التعرف على حجم التحويلات الجارية الخاصة بالقطاع العائلي.
عديدة هي الفوائد عندما نقارن أنماط إنفاق الأسر السعودية على السلع والخدمات ومستويات دخولها المالية منذ الإصدار الأول (1971)، ومروراً بالثاني (1976)، والثالث (1981)، والرابع (1986)، والخامس (1991)، والسادس (2007). وعلى الرغم من أهمية هذه المقارنة البينية، إلا أنه بسبب أن نشر هذه الإصدارات لعموم الجمهور من قبل المصلحة اقتصر فقط على الإصدار السادس (2007)، فإن هذه المقارنة البينية ستقتصر فقط على مقارنة الإصدار السادس (2007) بالمسح المنشور والمسمى ''بحث الإنفاق الاستهلاكي 2000'' في محاولة لاستباق نتائج المسح الحالي والتوعية بأهميته بما يساعد على المساهمة في توفير متطلبات العملية التنموية السعودية المقبلة.
أحد التطورات المهمة في مجال أنماط إنفاق الأسر السعودية على السلع والخدمات ومستويات دخولها المالية التطور في متوسط دخل الأسرة خلال الفترة 2000-2006، حيث زاد معدل الإنفاق الشهري للأسرة الواحدة في المملكة على احتياجاتها من السلع والخدمات من 7836 ريالا في 2000 إلى 10280 ريالا في 2007. وزادت هذه المعدلات للأسرة السعودية الواحدة من 10127 ريالا شهرياً في 2000 إلى 13251 ريالا شهرياً في 2007.
وأحد التطورات المهمة كذلك في مجال أنماط إنفاق الأسر السعودية صعود بنود إنفاق جديدة على حساب تراجع بنود أخرى، حيث كان بند ''الأغذية والمشروبات'' يستحوذ على النصيب الأكبر والمرتبة الأولى من الإنفاق في 2000 بمعدل 26 في المائة من معدل الدخل الشهري للأسر السعودية وغير السعودية قبل أن يتراجع إلى المرتبة الثانية في 2007 وبمعدل 17 في المائة لمصلحة بند ''الخدمات المالية''. وصعد نجم بند ''الخدمات المالية'' باستحواذه على النصيب الأكبر والمرتبة الأولى من معدل الدخل الشهري في 2007 بمعدل 21 في المائة من معدل الدخل الشهري للأسر السعودية وغير السعودية بعدما كان يحتل المرتبة الرابعة في 2000 وبمعدل 15 في المائة من معدل الدخل الشهري.
ومن الملاحظات الأخرى كذلك في مجال أنماط إنفاق الأسر السعودية نمو حجم بند ''السكن والمياه والكهرباء والغاز ووقود أخرى'' خلال الفترة 2000 - 2007 مع محافظته على المرتبة الثانية من بنود إنفاق الأسر السعودية وغير السعودية، حيث بلغ حجم هذا البند معدل 17 في المائة من معدل الدخل الشهري للأسر السعودية وغير السعودية في 2007 مشكلاً نمواً طفيفاً عن المسجل في 2000 البالغ 16 في المائة من معدل الدخل الشهري.
ويستهدف المسح الحالي، الإصدار السابع (2012)، قرابة 20448 أسرة بعد أن شملت عينة الإصدار السادس (2007) 15936 أسرة، وكذلك عينة ''بحث الإنفاق الاستهلاكي 2000'' 10578 أسرة. كما سيستهدف المسح الحالي التعرف على دخل الأسر في المملكة ليضاف إلى المسجل في الإصدار السادس (2007) البالغ 11092 ريالا شهرياً، وبمعدل ادخار من هذا المبلغ يصل إلى 7 في المائة في 2007.
تحمل نتائج ''مسح إنفاق ودخل الأسرة'' في طياتها العديد من الفوائد حول أنماط إنفاق الدخل الشهري للأسر في المملكة على السلع والخدمات ومستويات الدخل المالي وتطوراته، وانعكاسات ذلك على العملية التنموية وتخطيطها. نتائج من الأهمية بمكان التعرف عليها بشكل أكثر وضوحاً، ما من شأنه توضيح العلاقة بين الخصائص السكانية والسكنية للأسر ودخلها الشهري، وانعكاسات ذلك في التعرف على تقديرات الإنفاق العائلي وتركيبة الحسابات الوطنية. فأنماط إنفاق الأسر السعودية على السلع والخدمات ومستويات دخولها المالية وتطوراتها تحمل في طياتها تحديات جساما تنذر بخلل في الثقافة التنموية للأسر السعودية. فكون معظم دخل الأسرة السعودية ينفق في ''الخدمات المالية'' وما يندرج تحت هذه الخدمات من سداد مستحقات الأقساط الدورية للسلف الشخصية والخدمات التمويلية المختلفة مقارنة بما كانت تدخره هذه الأسر في الماضي للوفاء بالتزاماتها المالية المقبلة مؤشر خطير يطلق صافرات إنذار بتلاشي ثقافة الادخار العريقة في المجتمع السعودي لمصلحة ثقافة الائتمان الناشئة.