عمليات التجميل.. هل أصبحت مبتذلة؟
انتشرت عيادات التجميل وصالونات العناية بالمرأة كالنار في الهشيم، نتيجة هوس المرأة السعودية بتغيير شكلها، ما بين رفع أرنبة الأنف، وترميم الحواجب، وعمل الوشم ''التاتو'' tatoo، لرسم الحواجب، وترميم ما بعد الولادة، ونفخ الشفاه، ونفخ الصدر، ورفع الصدر، وتنزيل الصدر، وتكبيره أو تلوين أجزاء منه، ورفع الوجنات وعمل ''غمازات الخد'' ونحوها! وهل تصدق ــ أيها القارئ الكريم ــ أن هناك أكثر من 1100 عيادة تجميل في مدينة الرياض وحدها!
لا اعتراض على إجراء عمليات تجميلية تصحح عيباً في أحد أعضاء الجسم، أو إزاحة خلل ملحوظ يتسبب في إحراج الفتاة، أو يلفت انتباهاً إليها، أو يؤثر في درجة الاندماج في المحيط الاجتماعي، ولكن المؤسف أن يكون سباقاً محموماً، وسلوكاً يحدوه الفراغ والتنافس والتباهي والقدرات المالية.
تُشير بعض التقارير إلى أن إنفاق النساء على التجميل في دول مجلس التعاون يزيد عن 32 مليار دولار سنوياً، ويشهد هذا الإنفاق تزايداً تصاعدياً مع الزمن. ومن جهة أخرى، تُقدر تكاليف عمليات التجميل بأنها تتراوح ما بين ثلاثة آلاف وأكثر من 50 ألف ريال! وهناك من يقول إن بعض النساء ينفقن ما يزيد على نصف دخلهن في الأناقة والتجميل! ومن اللافت للنظر، أيضاً، أن 40 في المائة من النساء في الفئة العمرية 28 إلى 37 يترددن على عيادات التجميل، حسبما تشير إحدى الدراسات!
إلى جانب الهدر المادي الكبير، فإن المبالغة في عمليات التجميل تؤدي إلى مشاكل صحية، إن لم يكن على المدى القصير، فلا بد أن يكون على المدى الطويل. تحدثت إلى إحدى السيدات حول هذا الموضوع، فأشارت إلى قصة تستحق الإشادة بها، لقد كانت تلك السيدة في الولايات المتحدة وطلبت من إحدى العيادات إجراء واحدة من العمليات المشار إليها آنفاً، ولكن المركز الصحي هناك رفض إجراءها، ونصحها بعدم إجرائها في أي مكان آخر، مشيراً إلى أن هذه العملية تتناسب مع امرأة في الـ 50، وليست امرأة في الـ 30 من العمر، ومحذراً لما قد ينجم من أضرار على البشرة على المدى الطويل!
هذا الأمر أثار في الذهن تساؤلاً مهماًً: هل المراكز الصحية في السعودية خصوصاً أو الدول العربية عموماً تتحلى بمثل تلك القيم والأخلاقيات المهنية العالية، لدرجة نصح مرضاها بعدم إجراء عملية معينة، ومن ثم الحرمان من أجور العملية الباهظة؟! أكاد أجزم أن ما يحدث هنا (أي في بلادي) يتنافى مع أخلاق المهنة ولا يلتزم بالإجراءات الطبية السلمية، بل يسعى جاهداً لشفط الجيوب قبل أن يشفط الشحوم من الأرداف والكروش!
والسؤال الآخر الذي لا يقل أهمية، لماذا الهوس بتغيير الشكل من قبل المرأة السعودية؟ ما سر هذا الطلب المرتفع؟ هل هو توافر الموارد المالية؟ أم عدم القناعة بشكلها الحقيقي؟ ولماذا تريد أن تشبه أناسا آخرين؟ وهل هناك رقابة صحية وإحصاءات دقيقة لطبيعة العمليات التجميلية التي تُجرى في المملكة؟
أعتقد أن الوقت حان لدراسة هذا الموضوع دراسة جادة من قبل وزارة الصحة، خاصة أن الدراسات الموجودة قامت على جهود فردية واعتمدت على عينات محدودة من النساء، ما يؤثر على دقة تعميم نتائجها على المجتمع السعودي.
وأختتم باقتراح طريف من أحد الزملاء يقول: لماذا لا يُضاف إلى شروط الزواج ضرورة الاطلاع على صورة حقيقية للمرأة في مرحلة طفولتها؟! فقلت: وربما تُطلب صورة مماثلة للرجل!