رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مجرد طفيلي

التطفل لغة من تطفّل، وهو خماسي يدل على:
1. "تَطَفَّلَ الرَّجُلُ": صَارَ طُفَيْلِيّاً، أَيْ مَنْ يُضَيِّفُ نَفْسَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ بِلاَ دَعْوَةٍ.
2. "تَطَفَّلَ الشَّيْخُ": تَخَلَّقَ بِأَخْلاَقِ الأَطْفَالِ.
3. "تَطَفَّلَ الغَرِيبُ": تَدَخَّلَ فِيمَا لاَ يَعْنِيهِ.
أما علميا فهو يدل على كائن حي معين يأخذ غذاءه من كائن حي آخر ويسبب له الضرر، وهذا كثيرا ما نراه في الطفيليات البحرية، وأيضا بعض الطفيليات على سطح الكرة الأرضية.. كأن تقوم أنثى بعض الطيور بوضع بيضها في عش آخر ليحتضن من قبل أم أخرى، وفي الإنسان حين يولد توأم طفيلي ملتصق بالتوأم السليم، ما يلزم معه إجراء جراحة لفصل الطفيلي الذي يتسبب بالأذى للتوأم للسليم.
ومن أشهر الطفيليين أشعب وبنان وغيرهما، وقد أُلفت كتب شهيرة عن التطفل والمتطفلين على مر التاريخ.
ونصح ابن الدراج الطفيلي زملاءه في المهنة فقال: (لا يهولنكم إغلاق الباب، ولا شدة الحجاب وسوء الجواب وعبوس البواب ولا تحذير الغراب ولا منابزة الألقاب، فإن ذلك صائر بكم إلى محمود النوال، ومغن لكم عن ذل السؤال. واحتملوا اللكزة الموهنة، واللطمة المزمنة، في جنب الظفر بالبغية، والدرك للأمنية... إلخ).
في الأزمنة الماضية كان الطفيليون مشهورين بالتطفل على موائد الطعام، والحضور لولائم لا يدعون إليها، لكن في زماننا الحالي امتد مفهوم التطفل حتى وصل بكل أريحية إلى الخصوصيات والأسرار وربما الأفكار حتى!
فلم يعد غريبا أن تبتلى بمتطفل (أي ملقوف بالمعنى الشعبي) يسألك عن أمور شخصية ربما تضن بها حتى على أقرب أصدقائك من شدة خصوصيتها، من نوعية كم راتبك؟ كيف هي علاقتك مع زوجتك؟ هل لديك حساب في البنك؟ كم يذهب من راتبك أقساط؟ لماذا العلاقة بينك وبين أهلك متوترة؟ لماذا لم تتزوج إلى الآن؟ كم عمرك؟ مع ملاحظة أن السؤال الأخير هو أكثرها حساسية خاصة للمرأة إن كانت قد تعدت سن الـ 30!
هؤلاء المتطفلون لا تفتح لهم أبواب حياتك أبدا، لأنهم سيزرعون أشجار التوتر وبعثرة الجهد في ساحتك بلا جدوى ولا منفعة، وإنما أجب عن أسئلتهم بأسئلة تحرجهم كأن تقول لمن يسألك عن أقساطك: هل ستسددها؟
أو أجبهم بإجابات مفحمة، مثل من يسألك عن راتبك تقول له: راتبي مثل راتبك فكم راتبك؟
أو تستطيع أن توضح له بشكل مباشر أنك لا تسمح لأي أحد بالسؤال عن خصوصياتك وأمورك الشخصية.
أو تستطيع بطريقة غير مباشرة أن توضح له معنى حديث حبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، ولا تدري فربما اهتدى أحدهم (على يديك)!
أو تستطيع أن تحول الأمر لمزحة من النوع الثقيل (مزحة برزحة) لماذا تسألني هل هناك استبيان معين أو مسابقة؟
قيل للقمان: "ما حكمتك؟ قال: لا أسأل عما كفيت، ولا أتكلف ما لا يعنيني".
الذي يهمنا في النهاية ألا يتكاثر أمثال هؤلاء في المجتمع، لأن تكاثرهم يشير إلى وجود خلل عظيم في تركيبة المجتمع، ويدل على الانحطاط الأخلاقي وانحدار المستوى الحضاري والثقافي لأي أمة يعشش فيها المتطفلون الفضوليون حمانا الله وإياكم منهم!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي