رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


ما حجم استفادتنا من انتعاش الأسواق في الأعياد؟ (2 من 2)

أما اجتماعيا فهناك أبعاد عدة نجهل عمقها ومدى تأثيرها على مستوى المحافظة والمنطقة ومناطق المملكة بصفة عامة وحري بنا أن نتساءل هل: يمكن أن يصبح العيد كئيبا أو مملاً دون الشراء بسيطا كان أو معتدلا أو فاحشا؟ بالطبع لكل حالة بعد لا بد أن يقاس لأن الإجابة ستضيء الطريق لأفراد المجتمع كافة. هل تأثير زيادة أو تقليص المشتريات تكون على الأطفال أم الآباء والأمهات والأوصياء؟ ما تأثير البطالة بأنواعها المختلفة على بهجة العيد داخل البيت وبين الأسر؟ هل يمكن أن تكون الأعياد سببا في نشر ثقافة فن ومهارة التسوق والتسويق لعامة الناس؟ هذه الظواهر في حاجة إلى دراسات متعمقة لتطور أساليب وأنماط العيش مع اختلاف الدخول بين أفراد المجتمع وبين الشرائح المختلفة في المحافظات وبالتالي المناطق.
من ناحية تشريعية ونظامية فنحن نعلم أن شرائح عديدة من المجتمع في السعودية توجهت نحو منتجات رديئة الصنع ورخيصة الثمن على مدى أكثر من عقدين. بذلك تم تبني أسلوب شراء استنزافي لم يتوافق معه رفع لمستوى الرقابة أو تطبيق كبير ودقيق للأنظمة. دل على ذلك استمرار إصدار تقارير ضبط آلاف المنتجات رديئة الجودة وحتى هذا العام. لماذا إذن لم تكن الرقابة استباقية، حيث لا يتم فسح أي بضاعة مخالفة للشروط والمواصفات الصادرة من قبل الهيئة؟ ثم إذا كانت هناك أساليب غش فلماذا ما زالت مستمرة ليكون الغش مركبا بانتشار وتسويق البضائع واستخدامها من قبل المستهلك الذي يحتاج إلى ثقافة بدلا من أجهزة لكشف التقليد ورداءة الصناعة؟
في الواقع لا نعرف ولم نفهم بعد ما القوى المؤثرة في اختيار المستهلك لهذه البضاعة أو تلك؟ هل هي من أي من هذه القوى: الموقع، السعر، الصنع، الحجم أو الكمية، الخدمات المقدمة خلال وبعد البيع، تنوع الخيارات، الجودة، ساعات العمل، طريقة الدفع، الدعاية.. إلخ. أم هناك ما استجد عليها؟ هل عادات التسوق تغيرت أم ظلت كما هي لتنطبق عليها الضوابط واللوائح المكتوبة سابقا؟
في العادة تكون الأنظمة واللوائح المعدة بشكل احترافي محددة لحجم الخسائر ومقلصة لمساحة المراوغة، ولكن ما يقلق هو آلية التنفيذ والتطبيق التي تسببت في استمرار ضبابية معرفة حجم استفادتنا من انتعاش الأسواق خلال العام وعلى مدار الأعوام الخمسة السابقة؟ البعض يقول إنه من الممكن أن يعود هذا الانتعاش بفائدة كبيرة على المجتمع إذا ما تم توفير فرص عمل أكثر للجنسين ولمستويات تأهيلية مختلفة، وإصدار تنظيم يقنن فسح وتسعير البضائع ويفرض احترام علاقة المستهلك بالتاجر. كما لا بد من تصحيح السياسات والإجراءات بعد الخبرة العملية والعلمية المكتسبة بواقع السوق خلال أعلى فترات العرض والطلب في السنة. أما مراقبة سياسة العرض والطلب للتصدي لأي أسلوب احتكار أو تدليس فهذه تحتاج إلى برامج تثقيفية للمجتمع بجانب تطبيق الأنظمة ومتابعة حركة السوق. كما لا بد من تشجيع الصناعة المحلية لكثير من أنواع الملابس والمواد الغذائية، كما شجعت للأثاث والفرش وما زلنا في حاجة إلى نموها بشكل متسارع. هذه الاجتهادات صائبة إلى حد ما ولكنها ليست مقارنة ومقاسة، حيث توضح مدى تحقيق ذلك عبر مدة زمنية أو خطة تنفيذية أو خلاف ذلك. هذا يجعل نتائج تقدير حجم الاستفادة غير دقيقة بل تقديرية قد لا تصيب في أجزاء عديدة منها. لذلك فاستغلال هذه الأيام المنتعشة أصبح مسألة تحتاج إلى قرارات جريئة. فالتحكم في الأسواق وأسعار البضائع للندرة الوهمية التي يوهمون العامة بها، وزيادة السعر مع التلاعب بكمية المنتج في المغلف أو بيع المقلد على أساس أنه أصيل وغير ذلك من أساليب تجارية أمر يحتاج إلى متابعة تقنية قبل أن تكون دفترية وورقية. كما أنه يوضح استمرار وضع لعقود طويلة ولا بد من وقفة حازمة.
من الواضح أنه لا يوجد تحجيم للمشكلة ولا يعرف ما إذا كان أي من الهيئات أو اللجان أو الإدارات المعنية والمسؤولة عن هذه الظواهر كانت قد تعاونت مع أحد المراكز البحثية أو مولت دراسة علمية ميدانية أو أسست لكراسي علمية تساهم في فهم الوضع في هذه النقاط. وإذا كانت موجودة فلماذا لا تكون موفرة ومتاحة من أجل شفافية أكبر ودراسات مستقبلية أفضل؟ التقارير الفردية أكدت أنه لم تعد الآن مجزية أو مجدية للوصول للقرار الجريء السريع، كما أن جمع النتائج المختلفة من دراسات تقوم بها جهات مختلفة لا يحقق للدراسات انطلاقة معيارية لها ضوابط مرجعية وأسس شبه موحدة تنطلق منها. إن الدراسات التي تستفيد منها وزارة التجارة ووزارة العمل، إضافة إلى وزارة التخطيط والاقتصاد الوطني ووزارة المالية كأضلاع رئيسة في إدارة دفة الاقتصاد والأسواق المختلفة. ناهيك عن باقي قطاعات الدولة التشريعية والتنفيذية أعانهم الله جميعا، لهي في أمس الحاجة الآن لإعادة ترتيب الأوراق مع قطاع التجارة للمستقبل الذي ينتظر أجيالنا المقبلة.
لو تم إشغال طلاب وطالبات السنتين الأخيرتين من مراحل الدراسة الجامعية في كليات الأعمال والإدارة والاقتصاد والتجارة ليتعلموا أسس ومناهج البحث، إضافة إلى كيفية الرقابة والمتابعة مع آلية إعداد التقارير العلمية والتجارية في هذا المجال الحيوي المهم. فإن كل المعلومات التي تتعلق بهذا العلم ستخرج من المقررات الدراسية أو الرسائل الجامعية وأرفف المكتبات إلى مواقع الإنترنت وصفحات الجرائد، ومن ثم نزيد المحتوى العربي الاقتصادي ونستفيد منها في تسهيل تنفيذ البرامج التوعوية للمجتمع. والله الموفق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي