رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


طفرة الصخر الزيتي تزيد من معاناة قطاع تكرير النفط

في السنوات الأخيرة لم تكن صناعة تكرير النفط العالمية موفقة مرتين، المرة الأولى في فترة الركود الاقتصادي العالمي بين عامي 2008 و2009 ولم تكن موفقة أكثر أخيرا على خلفية ارتفاع إنتاج النفط في الولايات المتحدة من طبقات الرمال المحكمة Tight Oil الغنية بالنفط الخفيف في حوض باكن Bakken في ولاية داكوتا الشمالية، ومن طبقات السجيل الغازي الغنية بالنفط في ولاية تكساس، أو ما يعرف في الأدبيات الحديثة ''بطفرة الصخر الزيتي''.
نظرا لكون اتخاذ القرار والتخطيط لإنشاء المصافي يحتاج إلى فترات زمنية طويلة، فإنه من الواضح جدا أن قطاع تكرير النفط سيستمر في المعاناة لعدة سنوات قادمة من أخطاء قرارات الاستثمار التي اتخذت أخيرا.
بعد نمو استثنائي للغاية بين عامي 2004 و2007، شهدت السنوات الأخيرة تعثر الاقتصاد العالمي والطلب على النفط على حد سواء، في أعقاب هذا التراجع تشكل فائضا غير مرغوب فيه في طاقات تكرير النفط الخام. لقد نما الاقتصاد العامي بنحو 5 في المائة في المتوسط سنويا في سنوات الذروة بين عامي 2004 و2007، مقارنة مع متوسط نمو قدره 3 في المائة بين عامي 1991 و2003، و2.9 في المائة من عام 2008 إلى 2011. على ضوء المعطيات الحالية من المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنحو 3.2 في المائة في عام 2013، تقريبا معدل نمو عام 2012 نفسه. خلال السنوات الأربع الماضية بلغ متوسط نمو الطلب العالمي على النفط السنوي أقل من 0.7 مليون برميل في اليوم، مقارنة مع 1.7 مليون برميل في اليوم خلال فترة الازدهار بين عامي 2004 و2007. تشير التوقعات الأولية لعام 2013 إلى نمو الطلب العالمي على النفط بنحو 0.9 مليون برميل في اليوم، مقارنة بـ 0.85 مليون برميل في اليوم للعام الجاري.
في المقابل ارتفعت طاقات تكرير النفط العالمية بنحو 2.5 مليون برميل في اليوم على مدى السنوات الثلاث الماضية، مقارنة مع 0.5 مليون برميل في اليوم بين عامي 2006 و2009، على خلفية سلسلة من التوسعات والمشاريع الجديدة، ولا سيما في آسيا والشرق الأوسط. لإفساح المجال لهذه الطاقات الجديدة، تم إغلاق أو خصص للإغلاق نحو 1.6 مليون برميل في اليوم من طاقات التكرير الأوروبية، إضافة إلى إغلاق نحو 1.0 مليون برميل في اليوم في منطقة البحر الكاريبي وشمال شرق الولايات المتحدة.
إن المشكلة ليست فقط مجرد وجود فائض كبير في طاقات التكرير، بل إن هذا الفائض في الطاقات هو من النوع الخطأ. لقد استمرت هوامش أرباح وحدات التفحيم والتكسير عالية لفترة طويلة امتدت بين عامي 2006 و2008، ما شجع المصافي على إضافة طاقات تحويلية جديدة، إما من خلال رفع مستوى طاقات المصافي الحالية، كما هي الحال في الولايات المتحدة، أو من خلال إنشاء مرافق تكرير جديدة في أماكن أخرى من العالم.
الكثير من هذه الطاقات بدأت الآن فقط بالعمل، تماما في الوقت نفسه الذي شهد ارتفاعا في إنتاج النفط الخام الخفيف الحلو (واطئ الكبريت) من طبقات الرمال المحكمة في الولايات المتحدة. هذه المصادفة غير السعيدة قد أثرت بالفعل على هوامش أرباح الوحدات التحويلية في الولايات المتحدة، مع انحسار واردات أمريكا الشمالية من النفط الخام الخفيف الحلو أكثر وأكثر، بدأت هوامش أرباح الوحدات التحويلية في أماكن أخرى من العالم تعاني أيضا.
في عام 2011، الارتفاع في إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام الخفيف الحلو قابله انخفاض في إنتاجها من النفط الخام المتوسط الحامضي (عالي الكبريت) من خليج المكسيك بنحو 230 ألف برميل في اليوم، فكان إجمالي ارتفاع إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة فقط 180 ألف برميل في اليوم، حيث وصل إنتاجها إلى 5.7 مليون برميل في اليوم في العام الماضي.
لكن مع وصول إنتاج الولايات المتحدة الآن إلى ما يقرب من 6.4 مليون برميل في اليوم، تراجعت واردات النفط الخام الخفيف الحلو بنحو مليون برميل في اليوم في المتوسط في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، بانخفاض قدره 1.4 مليون برميل في اليوم مقارنة مع عام 2011 ونحو 2.0 مليون برميل في اليوم مقارنة مع عام 2007.
نتيجة لذلك، تراجعت علاوة Premium التحسين من معالجة خام مايا المكسيكي في المصافي التي تستخدم وحدات التفحيم Coking بدلا من المصافي التي تستخدم وحدات تكسير بالتحفيز المائعfluid catalytic cracking على ساحل خليج الولايات المتحدة إلى 2.8 دولار للبرميل الواحد في النصف الأول من هذا العام، بانخفاض قدره 58 في المائة من متوسط السنوات الخمس. وتراجعت علاوة التحسين من معالجة خام عُمان في المصافي التي تستخدم وحدات تحفيز بالتكسير الهيدروجيني catalytic hydrocracker بدلا من المصافي البسيطة التي تستخدم طريقة الـ Hydro Skimming في سنغافورة بنسبة 21 في المائة إلى 2.5 دولار للبرميل الواحد خلال الفترة نفسها. في حين أن الأفضلية من تكرير خام نفط بحر الشمال برنت في المصافي التي تستخدم وحدات تكسير بالتحفيز المائع fluid catalytic cracking بدلا من المصافي البسيطة التي تستخدم طريقة الـ Hydro Skimming في روتردام بقت على حالها عند 5.6 دولار للبرميل الواحد.
على المدى المتوسط، التباين بين الطلب العالمي على النفط ونمو طاقات التكرير للمصافي من المرجح أن يتضاءل في السنوات القادمة. لكن مع ذلك، عدم التوافق بين مواصفات لائحة النفوط الخام العالمية ومواصفات المصافي، من المرجح أن يستمر حتى عام 2018 على أقل تقدير، ما قد يضع ضغوطا تنازلية إضافية على هوامش أرباح عمليات التحسين. على الرغم من وجود تباين كبير بخصوص توقعات إنتاج الخام الأمريكي الخفيف الحلو والمكثفات النفطية، إلا أنه من المتوقع أن يرتفع إنتاج الولايات المتحدة بما لا يقل عن 0.5 مليون برميل في اليوم سنويا في المستقبل المنظور، ما يساعد على تحسين نوعية (تخفيف كثافة) لائحة النفوط الخام العالمية.
على النقيض من ذلك، تتوقع بعض الجهات الاستشارية أن صناعة التكرير العالمية ستكون مهيأة لمعالجة مليوني برميل في اليوم أكثر من النفط الخام الثقيل بحلول عام 2018، ونحو 0.5 مليون برميل في اليوم أقل من النفط الخام الخفيف الحلو.
تنويه: المقال يعبر عن رأي الكاتب الشخصي وليس بالضرورة يمثل رأي الجهة التي يعمل فيها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي