التجارب السينمائية السعودية.. بين خصوصية الثقافة ومحدودية التجربة

التجارب السينمائية السعودية.. بين خصوصية الثقافة ومحدودية التجربة
التجارب السينمائية السعودية.. بين خصوصية الثقافة ومحدودية التجربة

هل توجد صناعة للسينما في السعودية؟ سؤال يطرحه المهتمون بالثقافة حين يسمعون بقضايا السينمائيين في المملكة، وحديثهم المطول عن واقع صعب تعيشه السينما في بلاد تفتخر بحفاظها على التقاليد، فيما يطالب أكثر هؤلاء بواقع ثقافي يكرس للتجديد والإبداع في هذا المجال، غير أن الكثير من المبدعين الأذكياء في مجال السينما استطاعوا العبور إلى الإبداع من بوابة التقليد، والحفاظ على المقدسات بل وأحيانا تكريسها.
تمثل الأفلام السينمائية القصيرة التي أبدعتها أياد سعودية قدرة هؤلاء الشبان على اقتحام عالم السينما بمفاهيم سعودية خاصة تنسجم مع التقاليد العالمية للفن السابع مثل فيلم ''مونوبولي''، حيث يظهر في مقدمة الفيلم ذو الإخراج الرائع شاب سعودي يتوضأ من البحر على خلفية صوت تلاوة خاشع يتردد من مذياع السيارة التي اتخذها بطل الفيلم مسكنا يأوي إليه في إشاره إلى المصاعب التي تواجه السعوديين في امتلاك مسكن.

#2#

فيلم آخر يحمل المتعة السينمائية المطلوبة، وفي الوقت نفسه يحقق الرسالة الدينية المطلوبة، فاز هو الآخر في مسابقة للأفلام القصيرة الأسبوع الماضي في الرياض، حيث فاز فيلم ''الصلاة سعادة'' بجائزة الفيلم الأفضل مونتاجا، ما يعكس الواقع الجديد الذي قد تخلقه ''السينما السعودية'' في حال ولادتها مجددا على يد شباب جدد يبحثون عن الإبداع في ظل القيم لا بعيدا عنها ليؤثر بالمجمل في حال اكتماله على كل العمل السينمائي العربي الذي يراوح منذ عقود اللعب على وتر الملذات الحسية واستدرار المال.
غير أن عبد العزيز الصقعبي وهو مثقف مهتم بالفن السابع يجيب على سؤال يطرح دائما حول وجود السينما والمسرح في المملكة بالقول: ''في الوقت الذي نقول فيه دوما بوجود مسرحيين سعوديين من غير مسرح، يمكننا أيضا أن نقول يوجد لدينا سينمائيون متميزون، ولكن من دون سينما''، مشيرا إلى تجارب كثيرة في السينما خصوصا فيما يتعلق بالأفلام القصيرة التي تكون مساحة عرضها متوافرة في مواقع عرض الفيديو الإلكترونية مثل ''يوتيوب''.
ويلفت عدد من المهتمين بالسينما السعودية إلى أن غياب الدعم يمثل المعضلة الأساسية التي تواجه السينما السعودية، يضاف إلى ذلك تخوف القطاع الخاص ورجال الأعمال من دخول التجربة في هذا المجال، لهامش المغامرة الكبير الذي يحوطه، في ظل غياب دور العرض السينمائية التي تضمن لهم الربح من خلال العرض، بجانب غياب المعاهد والأكاديميات المنوط بها تأهيل الكوادر المناسبة بطرق علمية في مجال السينما من كُتاب سيناريو ومعدين ومخرجين ومصورين وممثلين.
ورغم المصاعب التي تكتنف صناعة السينما محليا في ظل غياب مقوماتها، إلا أن المنتجين السعوديين استطاعوا بإمكانات محدودة تخطي كثير من العوائق التي وقفت في طريق نجاح أعمالهم، ودخولهم رسميا نادي صناع السينما، وهي المخزن الثقافي المرئي للشعوب، وفي أول تجربة سينمائية يخوضها أبناء المدينة المنورة حصدوا جائزة أفضل فيلم مونتاجياً في مهرجان الفيلم السعودي الذي أقامته مجموعة روتانا وذلك بفيلم ''الصلاة سعادة''.
ويؤكد منتج الفيلم وائل رفيق لـ''الاقتصادية'' أن الفيلم يعد أول إنتاج مديني يدخل به أبناء المدينة المنورة عالم السينما، وهو فيلم دعوي يحث على الصلاة وما تبثه في حياة الإنسان من توفيق وسعادة وطمأنينة، مشيراً إلى أن الفيلم من إخراج عامر عاشور، وتمثيل الشاب علاء رفيق، وقال إن فريق العمل بذل جهدا كبيرا وكفاحا امتد مدة طويلة حتى ظهر الفيلم للنور، مؤكداً أنه واجه تحديات كبيرة من عدد من التيارات التي تحاول منع دخول أبناء المدينة المنورة مجال السينما، مضيفاً أن الفوز جاء امتدادا لدعم الأمير عبد العزيز بن ماجد أمير منطقة المدينة المنورة للشباب من خلال إعلانه في لقائه الأخير مع شباب المنطقة عن تخصيص مدينة للشباب مساحتها ألف متر تتضمن دور سينما هادفة.
ويشير رفيق إلى أن تجارب سينمائية أخرى في الطريق، مؤكدا أن العمل جارٍ مع المخرج رامي عاشور لإنتاج أضخم عمل سينمائي ستشهده السعودية من رحاب المدينة المنورة، ومن إنتاج أبنائها ليثبتوا بذلك - حسب قوله - منهج الوسطية والاعتدال وأن أبناء المملكة قادرون على ترجمة رسالتهم الهادفة عن طريق صناعة السينما المحترفة. ويبقى واضحا أن تجربة السينما السعودية ما زالت في خطواتها الأولى، وهي بانتظار مبادرات شبابية تصعد بها من صناعة قائمة على الربح المادي فقط إلى صناعة مشوقة للجمهور تقوم على الربح، ليكون المنتج قادرا على الاستمرار، وفي الوقت نفسه تكون قائمة على تعزيز القيم ليكون المجتمع بكامله رابحا من هذه الصناعة المثيرة دوما للجدل.

الأكثر قراءة