رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


ما حجم استفادتنا من انتعاش الأسواق في الأعياد؟ (1 من 2)

في بعض الدول الغربية إذا ما اقتربت أيام الاعياد تجد المحال التجارية، بل كل أسواق تجارة التجزئة تحاول جاهدة كسب الزبائن بوسائل مختلفة كخفض الأسعار أو بيع كميات كبيرة بسعر النصف أو غير ذلك من أساليب مختلفة في التسويق وجذب المتسوقين. ففي المجتمع من يركز على ملبسه ومن خطط لبناء غرفة إضافية ومن توسع في زراعة الحديقة ومن تطوع في برنامج تكفل بشراء مستلزماته كلها.. وما إلى ذلك من أنشطة واهتمامات. في هذا يتفق الجميع على أن انتعاش السوق بتوفير البضائع وخفض أسعارها ينمي ويزيد من حركة الشراء ويلبي متطلبات كل فرد، وبالتالي يكون الانتعاش هنا مثمرا مزدهرا يعود على المجتمع بفوائد عدة. من ذلك (1) زيادة فرص العمل ولو كانت مؤقتة، (2) تطوير مهارات الأفراد لتلبية متطلبات السوق، (3) تعزيز قدرات بعض المنشآت، (4) تحسين أداء وتقديم الخدمات المختلفة، (5) توطيد التعاون بين المؤسسات المدنية المختلفة وحتى بينها وبين الدولية أيضا، (6) رفع مستوى وجودة المنتجات، (7) وتحديث البيانات حيث يعود ذلك بالنفع عند صنع القرارات. على العكس تماما في الدول العربية، فعبر عقود طويلة ما زال الوضع قائما وهو عكس ما يجري هناك، فالتخفيضات أصلا غير موثوق بها والرقابة الصارمة عليها علامات استفهام، بل إن الأسعار تزداد لأنها ''أيام عيد''! هذا يجعل مسألة مدى الاستفادة من انتعاش الأسواق غائبة باستمرار بالرغم من أننا نمر بزمن ذهبي ونهضة وفرت كما معلوماتيا يقلق الباحث إذا لم يستفد منه.
إن تجارة التجزئة في المملكة وصلت مستوى بلغت به المركز السابع على مستوى العالم، وهي حسب التوقعات ستكون في حدود 500 مليار ريال خلال ثلاثة أعوام. فكم من النتائج السابقة الذكر يمكن تحقيقها وقياسها لتحديد حجم الفائدة من هذا الانتعاش؟ لقد ظلت حاجة المواطن والمقيم في المملكة لشراء السلع الاستهلاكية مستمرة ولم تنقطع بل ستستمر لعقود قادمة. ونظرا لأن القدرة الشرائية كبيرة فإن الطبقات كلها تشترك في التجديد ولبس الجديد للشعور بالسعادة في أيام خاصة على مدار العام. الطبقات الأكبر هي المتوسطة والفقيرة وهي عادة ما تحاول تحقيق ''التجديد مع العيد''، وتقدم على تضحيات مأساوية في لجوئها للبدائل على حساب الكم والنوع والحالة. ولكن هذا باب في حد ذاته مغر لكثير من تجار السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية بأنواعها المختلفة. فيكون عندها اللجوء للغش والخداع والتزييف... إلخ. وما التقارير ربع السنوية التي تصدرها وزارة التجارة على موقعها عن حالات الغش وغيره إلا دليل على ذلك. وما إلى ذلك من وقائع إلا دليل على استمرارنا في عدم الاستفادة من انتعاش الأسواق في المواسم.
في جانب آخر من القضية، أصبحت بطاقات الائتمان قضية شائكة أخرى، حيث برفع سقف الصرف أو حد الائتمان، يتم أوتوماتيكيا رفع سقف الدين على المستويين الفردي والعام، وبالتالي تظل الثقافة قاصرة عن إخراج المجتمع من رحى الديون. في هذا الجانب خطت ''سمة'' خطوات جيدة، ولكن لا بد أيضا أن تمر النتائج عبر دراسة علمية متعمقة تكشف للمجتمع وتوعيه بأهمية تعلم كيفية استخدام البطاقات وتوقيت ذلك، وما الأعمار التي يفترض أن تستخدمها بناء على الوضع المالي والخلفية الاقتصادية، وغير ذلك من توضيح يمكن أن نستفيد منه في وقف سبل الاستدانة الحديثة المتزايدة التي ترحل الديون السابقة لسنوات مقبلة دون سدادها وبالتالي يعيش كثير من الأفراد عيشة ضنكا.
تسويقيا، يبرز في أسواقنا المحلية بين الحين والآخر موضوع هلامي عن عزوف المشترين لغلاء الأسعار، أو شعور البائعين بقدرات المستهلكين المالية فباتوا يقدمون تنازلات في الأسعار والكميات وتقديم الخدمات... إلخ. كل هذه العبارات وغيرها قد تبعث بالطمأنينة في نفوس أفراد المجتمع إذا ما تناقلها الإعلام، ولكن أعتقد أنها أسهمت في التسويق ولم تسهم في إيقاف المخالف عند حده، لأنها توجه المراقب نحو الاتجاه الخطأ في القضية فيصبح الإعلام أداة للتجار لجذب المستهلك؛ ويظن المستهلك أن الأسعار معقولة.
اقتصاديا الإجابة عن الأسئلة التي تتردد كثيرا وتحديث الدراسات بشكل سنوي، سيؤمنان طمأنينة لدى المستهلك تكفل للمجتمع كله راحة مستدامة تتعزز بها الأوضاع الحالية للأسواق، ومن جهة أخرى الموارد البشرية الباحثة عن عمل وترغب في تحسين مستواها المعيشي. من هذه الأسئلة: لماذا لا تكون أسعار البضائع على المغلف ثابتة لا يستطيع معها أصحاب المحال أو التجار المراوغة أو التكذيب عند حدوث شكوى أو تبليغ؟ كم نسب الزيادة في الأسعار إذا كنا نلمسها، ولكن لا نستطيع قياسها أو قياس مدى تأثيرها بشكل دقيق؟ ما الفرق بين العيدين في ماهية المشتريات وقيمتها؟ كيف يمكن ضبط عملية البيع على الرصيف وبأسعار تضاهي تلك التي من داخل المحال الرسمية والمرخصة؟ ما علاقة الأزمات المالية العالمية بما يحدث في أسواقنا خلال شهر رمضان أو فترات الأعياد؟ ما حجم ارتباط زيادة الأسعار بسعر العملات إذا كنا لا نعاني جراء هذه المشكلة بشكل كبير؟ ما علاقة تزامن الزلازل مع فترات الأعياد إذا كان التجار يشحنون بضائعهم قبل ذلك بأشهر؟ وللحديث تتمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي