رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


نمطية الجمعيات الخيرية في التعامل مع قضية الفقر

من الواجب أن تُسهم الجمعيات الخيرية في معالجة قضية الفقر في المحيط الذي تتواجد فيه. لكن ما الفقر الذي تعالجه هذه الجمعيات؟ لا يوجد تعريف واحد يمكن الاعتماد عليه في تأطير ظاهرة الفقر، خصوصا في العصر الذي نعيش فيه. هل حالة الفقر تعني هؤلاء الأشخاص الذين لا مصدر دخل ثابت لهم. أم أولئك الذين يعيشون حياة أقل من المتوسط، أم من لا يعمل في وظيفة أو عمل تجاري، من لا يملك منزلا؟ وتطول القائمة وكل منا قد يعرفه بالتعريف الذي يراه.
بما أنه لا توجد دراسات دقيقة يعتد بها في تعريف حالة الفقر أو نسبته في المجتمع، فإن الجمعيات الخيرية قد تكون الرافد الوحيد مع وزارة الشؤون الاجتماعية في إعطاء تقدير عن حالة الفقر في المجتمع والمدن المختلفة. هذا إذا سلمنا بأن هذه الجمعيات تملك الأدوات التي تمكنها من تحديد هذه الظاهرة وإعطاء حقائق من واقع معايشتهم لها.
الملاحظ أيضا أن جمعيات المجتمع الخيرية في غالبها تعتمد نمطية واحدة في مساعدة المجتمع والتصدي للظواهر التي يعانيها، ومن أهمها ظاهرة الفقر. معالجة الفقر لا تتم فقط بتقديم المسكنات المرحلية من خلال المساعدات العينية لمن يعانون الحالة، بل بالمساعدة على اجتثاث حالة الفقر التي يعانيها طيف من المجتمع، وتقديم المشورة للجهات الرسمية للمساعدة على إيجاد حلول مستديمة لمعالجة ظاهرة الفقر في المجتمع.
لا شك أن العالم في السنوات العشر الماضية بدأ يتغير كثيرا من حولنا. ارتفاع الأسعار أصبح ظاهرة عالمية، زيادة عدد السكان محليا تقابله زيادة في نسب البطالة. زيادة نسب التضخم، ورخص الأيادي العاملة المستوردة. أصبحت الفوارق كبيرة بين طبقات المجتمع وهذا يهدد كثيرا بتوسيع طبقة الفقراء مقارنة بالطبقة الميسورة.
هذا يقابله ضعف في نمو أعداد الجمعيات الخيرية المتخصصة في محاربة الفقر ومساعدة المجتمع وأفراده في التغلب على حالات العوز التي يعانيها بعض أفراد المجتمع. عدد الجمعيات الخيرية في المملكة لا يتناسب مع اتساع رقعة المملكة واختلاف مناطقها.
زيادة عدد الجمعيات الخيرية في حاجة إلى وقفة جادة من المتخصصين، وأصحاب الأيادي البيضاء في تأسيس مثل هذه الجمعيات تحت مظلة الجهات الرسمية. وكذلك فمشاريع هذه الجمعيات يجب ألا تنساق للنمطية المعهودة من الجمعيات الحالية. وإنما يفترض بها أن تخرج من هذا المحيط وتبحث عن فرص حقيقية لمعالجة مشاكل المجتمع من ناحية الفقر، وتنمية المجتمع فكريا ومهاريا.
هذا العصر في حاجة إلى أيدي متطوعين ومتطوعات متخصصين يبدعون في تأسيس جمعيات تعنى برعاية المجتمع معيشيا وصحيا وفكريا. وفي المقابل يجب أن تتحرر الجهات الرسمية المسؤولة من القيود التي تفرضها على نفسها وعلى مؤسسات المجتمع الخيرية، حتى تسهم في محاربة بعض الظواهر التي بدأ المجتمع يعايشها، والتي قد تتطور إلى مشكلات متجذرة يصعب لاحقا معالجتها بالسهولة الحالية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي