دعم مرضى الفشل الكلوي
فقدان الشهية، والغثيان، والتقيؤ، والضعف العام، والفتور، والحكة الشديدة في الجلد، والتورم في الرجلين، وضيق التنفس، وارتفاع ضغط الدم، وقلّة القدرة على التركيز، وانخفاض الوعي، والإغماء. جميعها مؤشرات صحية قد تدل على انخفاض وظيفة الكلية إلى ما دون 30 في المائة عن طاقتها التشغيلية الطبيعية. لا تتوقف هذه الأعراض الصحية عند هذه المؤشرات، بل قد تتطوّر إلى مرض الفشل الكلوي. كما تشترك مجموعة من الأمراض في مسببات هذا المرض الخطير. من هذه الأسباب الالتهاب المناعي في الكليتين، وداء السكري، وارتفاع ضغط الدم، والالتهاب البولي الجرثومي المزمن، وحصيات الكلى، وأورام الكلى، وأمراض الكلى الوراثية، إضافة إلى أسباب غير معروفة، بسبب التأخر في علاج المرض.
وعلى الرغم من حجم معضلة مرض الفشل الكلوي، إلا أن علاجه يمكن أن يتم من خلال طرق ثلاث. الأولى عبر الغسيل الدموي الذي عادة ما يتم في مركز غسيل الكلى عن طريق ضخ دم المريض إلى جهاز غسيل الكلى ومن ثم ترشيح السموم والأملاح من الدم إلى سائل الغسيل، ثم إعادة الدم المنقى إلى الجسم. أما سائل الغسيل المحمول بهذه السموم والأملاح فيتم ضخه إلى تصريف المياه في مركز الغسيل. وتستمر هذه العملية نحو أربع ساعات حتى تنقية الدم كاملا، تتم إعادة العملية نحو ثلاث مرات أسبوعيا حتى تستديم نقاوة دم المريض. والطريقة الثانية الغسيل البريوتوني الذي عادة ما يتم في المنزل، حيث يوضع أنبوب دائم من البلاستيك في تجويف بطن المريض. يحقن هذا الأنبوب بعد ذلك بسائل الغسيل البريتوني، ومن ثم يسحب هذا السائل المحمل بالسموم من تجويف البطن. يعاد إجراء العملية نحو أربع مرات يوميا. تتميز طريقة الغسيل البريوتوني بانخفاض تكلفتها المادية مقارنة بطريقة الغسيل الدموي، لكن يكمن تحديها في حاجتها إلى تدريب المريض على توخي النظافة وحسن استخدام الأدوات. والطريقة الثالثة 'زراعة الكلى الذي يتم عن طريق تبرع إنسان حي أو ميت بإحدى كليتيه إلى مريض بالفشل الكلوي. تتميز طريقة زراعة الكلى بأنها قليلة التكلفة المادية على المدى البعيد مقارنة بطريقتي الغسيل الدموي والغسيل البريوتوني.
يعد مرض الفشل الكلوي من الأمراض المنتشرة في المملكة. تشير دراسة أجرتها جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي ''كلانا'' في 2007 بعنوان ''المسح الميداني''، إلى أن عدد مرضى الفشل الكلوي في المملكة وصل عام 2007 إلى أكثر من 9400 مريض. يزداد هذا الرقم بمعدل 9 في المائة سنويا ليصل إلى أكثر من 10200 مريض في 2008، وأكثر من 11100 مريض في 2009، وأكثر من 12100 مريض في 2010. يشكل مرضى الفشل الكلوي السعوديون نحو 53 في المائة، وغير السعوديين نحو 47 في المائة. يوجد معظم هؤلاء المرضى في المنطقة الغربية بنسبة تقارب 36 في المائة، فالمنطقة الوسطى بنسبة نحو 24 في المائة، فالمنطقة الجنوبية بنسبة نحو 16 في المائة، فالمنطقة الشرقية بنسبة نحو 16 في المائة، فالمنطقة الشمالية بنسبة نحو 8 في المائة.
يشير كذلك المسح الميداني لـ ''كلانا'' إلى طريقة معالجة هؤلاء المرضى. حيث يتّبع نحو 84 في المائة من مرضى الفشل الكلوي في المملكة إما طريقة الغسيل الدموي أو طريقة الغسيل البريوتوني، بينما مارس 16 في المائة الباقية طريقة زراعة الكلى. ومن هؤلاء الذين اتبعوا طرق الغسيل، نجد أن نحو 61 في المائة اتبعوا طريقة الغسيل الدموي، ونحو 3 في المائة اتبعوا طريقة الغسيل البريوتوني، و36 في المائة الباقين اتبعوا طرقا غير محددة أو غير معروفة.
يتم تقديم خدمات الغسيل الكلوي لمرضى الفشل الكلوي عبر شبكة من مراكز غسيل الكلى المنتشرة في المملكة، والمقدمة من الهيئات الحكومية. من أهم هذه الهيئات وزارة الصحة، والخدمات الطبية في وزارة الداخلية، والشؤون الصحية في الحرس الوطني، والخدمات الطبية في القوات المسلحة، ومستشفيات الملك فيصل ومراكز الأبحاث التخصصية، والمستشفيات الجامعية، إضافة إلى مجموعة من مراكز القطاع الصحي الخاص.
وعلى الرغم مما تقدمه هذه المراكز من خدمات غسيل الكلى المتنوعة لمرضى الفشل الكلوي، إلا أن هناك مجموعة من هؤلاء المرضى لسبب أو لآخر لم يشملهم نطاق تغطية خدمات غسيل الكلى المقدمة من المراكز الحكومية. من أهم هذه الأسباب: وجود مجموعة من المرضى ذوي الموارد المتواضعة التي تحبسهم عن الحضور إلى مراكز الغسيل في الوقت المحدد. والسبب الثاني التزاحم الشديد الذي تشهده مراكز غسيل الكلى الحكومية. والسبب الثالث عدم أهلية بعض المرضى للعلاج في المراكز الحكومية.
أدت هذه الأسباب إلى وجود شريحة من مرضى الفشل الكلوي غير الحاصلين على خدمات الغسيل من الهيئات الحكومية، ما جعل الاعتماد على مراكز القطاع الصحي الخاص أمرا ضروريا تعوقه التكلفة العالية لعمليات الغسيل. تشير تقارير ''كلانا'' إلى أن معدل تكلفة المريض الواحد تقارب 115 ألف ريال سعودي سنويا. تشمل هذه التكلفة تكاليف الغسيل والتكاليف المصاحبة لذلك كإجراء عمليات تركيب قسطرة، أو إزالة التجلط من الوصلة الوريدية، أو عمل بعض الفحوص والتحاليل الطبية ذات العلاقة.
ونظرا لما تمثله هذه التكلفة من تحد أمام مجموعة من الناس ناهيك عن مرضى الفشل الكلوي، فإن الأمور آلت مع هؤلاء المرضى إلى أن يواجهوا هذا التحدي بمفردهم. شجّع هذا التحدي ''كلانا'' إلى المبادرة بإطلاق مجموعة من البرامج الإنسانية الهادفة إلى تقديم خدمات الغسيل الكلوي، وتوفير الأدوية الأساسية والفحوص المخبرية ذات العلاقة لمرضى الفشل الكلوي المحتاجين. وهذه دعوة خاصة لأصحاب القلوب الطيبة من أهل الخير في هذا الشهر الكريم لتقديم الدعم المالي لمبادرات ''كلانا''. شفى الله المرضى ووقى الأصحاء وحمى الجميع من كل مكروه وجعل الله ذلك في ميزان حسنات كل من ساهم وساند ''كلانا'' ومبادراتها.