رئيس نادي الأحساء الأدبي: على المثقفين أن ينسوا حرب المصطلحات

رئيس نادي الأحساء الأدبي: على المثقفين أن ينسوا حرب المصطلحات

فتح الدكتور ظافر الشهري رئيس النادي الثقافي الأدبي في الأحساء النار على بعض المثقفين واصفاً إياهم بالمتناقضين، فيما يخص المرأة وأن توظيفها بهذا الشكل ما هو إلا تمرير أجندات ثقافية مريضة نفسياً وأخلاقياً داعيا إلى أن يبتعد المثقف عن حرب المصطلحات. ومقت الشهري إشكالية توظيف الثقافة والدراما في النزاعات المذهبية داعيا إلى أن يبتعد المجتمع بشكل كامل عن السقوط في مستنقع "المذهبية" التي وصفها بـ"البغيضة".. فإلى نص الحوار:

هل المرأة تعتبر إشكالية ثقافية عند بعض التيارات الثقافية؟ وما المعالجات لمثل هذا؟
المرأة في حد ذاتها إشكالية عند المرضى أخلاقيا أو نفسيا مهما كانت توجهاتهم الثقافية، فإذا كان الهم الثقافي لم يخرج من دائرة المرأة كهاجس عند المثقفين فإن العقلية الثقافية ستبقى مشلولة الإرادة الثقافية المُثلى، المرأة نصف المجتمع، ولا يمكن أن تستقيم الحياة بدونها، ولا ينبغي أن يُوظَّف جسد المرأة للمتاجرة فكريا أو ثقافيا، ويبقى شماعة يُعلق عليه الفاشلون إخفاقاتهم في صياغة ثقافة تعبر عن روح العصر بعيدًا عن المتاجرة بالأخلاقيات واتهام الناس في نواياهم، وليس من الإنصاف للمرأة في سياقاتنا الثقافية والأدبية والفكرية أن نجعل منها قضية بقصد إقصائها عن المشهد الثقافي أو توظيفها لتحقيق أجندات ثقافية مريضة على حساب أنوثتها ودورها في الحياة، وفي ظني أن مثل هذه التناقضات عند بعض المثقفين فيما يخص المرأة أصبحت الآن غير مجدية في تحقيق أهداف أصحابها في ظل الوعي المجتمعي المتنامي، وهذه هي المعالجة المجدية في واقعنا الثقافي الحالي لمثل هذه القضية.

هل المنتج الروائي النسائي في السعودية يعتمد على الإثارة والدخول في إشكاليات السلوكيات؟
لا يمكن تعميم مثل هذا الحكم على منجزنا الروائي النسائي في أدبنا السعودي، فهناك منجز روائي نسائي سعودي يحق لنا أن نفاخر به، ولا أريد أن أذكر أسماء روائيات سعوديات مبدعات، فهن كُثر - ولله الحمد - في الساحة الأدبية السعودية ولا يمكن حصرهنَّ هنا.
نعم هناك من جيل الشابات مَنْ كتبن تحت مسمى رواية نسائية بشكل متسرع بحثا عن الشهرة فسقطت تلك الروايات حيث بدأت، وإن كن حققن شهرة وقتية لكنها لم تكن على أسس متينة، أما قضية السلوكيات وإشكالاتها في المنجز الروائي النسائي في المملكة، فالحقيقة أن بعض الكاتبات الشابات وقعن في هذه الإشكاليات التي أساءت للتجربة الإبداعية عندهن أكثر مما خدمتهن لأن مثل هذه الأعمال الإبداعية تبقى في متناول الحكم النقدي من جهة والرؤية المجتمعية من جهة أخرى، وهذا كفيل بغربلتها وبيان ضعفها وهشاشة محتواها، وبالتالي نبذها وموتها، باختصار شديد الجسم الصحيح القوي يبقى والهزيل المريض يموت.

ما مدى اعتقادك بمصطلح الأدب النسائي؟ وهل يمكن أن يُصَنَّف ويستقيم إلى إبداع؟
الأدب مصطلح واسع يستقيم عند الرجل والمرأة على حدٍّ سواء، وتقسيم هذا المصطلح إلى أدب نسائي وأدب رجالي غير دقيق؛ فالمرأة قد تبدع في الشعر أو النثر أو أي جنس أدبي آخر أكثر من الرجل ومثل هذا الرجل أيضا، وهنا يكون المقياس هو الإجادة بغض النظر عن القائل، وعلى هذا الأساس يمكن القول: إن الشاعر الناقد الجاهلي النابغة الذبياني كان أدق منا اليوم عندما كان يُحَكِّم في سوق عكاظ بين الشعراء، وغلَّب الخنساء على حسان بن ثابت والأعشى على الخنساء، ولم يقل هذه امرأة وهذا رجل، بل نظر للإبداع بغض النظر عن القائل، وبناء على هذا لا أرى فرقا بين الأدب إلا من حيث الإجادة والرداءة سواء كان القائل رجلا أو امرأة.

هل تؤيد إعادة التعريف في ظل الظروف والإشكاليات المذهبية الراهنة بالشخصيات الإسلامية كنوع من إعادة السياق التاريخي في نصوص الدراما؟
يجب أن نبتعد في مجتمعنا كليا عن الترويج لهذا المصطلح البغيض "المذهبية" ولا نجعله سببا في توظيف الدراما لخدمته، الشخصيات الإسلامية التي صنعت أمجادا للأمة ليس من الإنصاف لها ولفن الدراما مذهبتها أو تسييسها، لأن هذه الشخصيات يجب أن تقرأ بعيدا عن الشحن المذهبي الذي لم تجن منه الأمة إلا الفرقة والتشرذم، وحتى تُقدَّم هذه الشخصيات بما يجب أن تُقدم به، وما يتوافق مع دورها الريادي في صناعة التاريخ.
هناك عوائق تعترض الربيع الثقافي السعودي، وتحد من خطابه، كيف تقيِّم المشهد؟ وكيف تستشرف المستقبل الثقافي؟
أنا لست متشائما إلى هذه الدرجة، فالثقافة السعودية اليوم تمر بأزهى عصورها، ومساحة الحرية التي تتمتع بها مؤسساتنا الثقافية سواء منها المؤسسات الإعلامية بجميع صفاتها، أو الأندية الأدبية قد لا توجد في محيطنا العربي كله، ولهذا يجب ألا نصادر هذه المعطيات ونُغَلِّب بعض الأصوات التي قد يكون لها بعض المصالح الذاتية على حساب المجموع العام، يجب على المثقف السعودي رجلا كان أو امرأة أن يبتعد عن حرب المصطلحات وعن سلطة النرجسية التي تجعله يُصَدِّر الأحكام دون أن يشارك في صناعة هذه الثقافة، ولا يعني هذا أنها لا توجد لدينا معوقات، غير أنه من الممكن التغلب على هذه المعوقات بكل سهولة، المهم كل المهم صلاح النيات ونبل الهدف والمقصد.

الأكثر قراءة