بين «سابك» و«العقير» .. ربع قرن من التنمية المعطلة

جاء خبر موافقة مجلس الوزراء على المساهمة في تأسيس شركة لتطوير ''شاطئ العقير'' السياحي في منطقة الأحساء ليعيد لنا ذكريات تأسيس عملاق الصناعة الوطنية شركة سابك، التي أسست برأس مال حكومي 100 في المائة. هذا يعتبر فتحا جديدا في مجال الاستثمار الحكومي المحلي، حيث إن صندوق الاستثمارات العامة الذي تشرف عليه وزارة المالية، لم يكن له دور ملحوظ منذ تأسيس شركة سابك إلا من خلال استثمارات محدودة قد لا يعلم عنها الكثير، لكن من أهمها شركة العلم التي أسست بمبادرة ''مركز المعلومات الوطني في وزارة الداخلية''.
تجربة ''سابك''، كشركة تنشأ من مجرد فكرة رعاها الوزير غازي القصيبي - رحمه الله، لتكون مفخرة وطنية من ناحية الإبداع في الصناعة، والتمويل الوطني وتوفير الفرص المحلية لشباب الوطن، عجزت عنه وزارات عديدة خلال أكثر من 40 عاما هي عمر صندوق الاستثمارات العامة، فهل كان القصور من القطاعات المختلفة أم أن سياسات الصندوق حرمت الوطن من كم كبير من الاستثمارات العملاقة، كانت كفيلة بالقضاء على البطالة، ورفع مستوى التعليم وتوفير الحياة الكريمة لكل من يعيش على هذه الأرض؟
بعض الحقائق عن ''سابك'' تقول إن هذا العملاق أصبح يدير أكثر من 20 شركة داخليا وخارجيا. يعمل فيها 33 ألف موظف حول العالم. دخل الشركة في عام 2010، بلغ 152 مليار ريال سعودي. بوجود مثل هذ الشركة فقد ساهمت في تأسيس العديد من الشركات الثانوية المصنعة للمنتجات المختلفة ذات الارتباط بالنشاط الرئيس.
تُعقد الآمال على شركة التطوير السياحي لشاطئ العقير، كفتح استثماري جديد في مجال السياحة، والذي يغيب تماما عن السوق السعودية إلا من خلال استثمارات صغيرة ومحتكرة. هذا المشروع يعد باكورة مشاريع الهيئة العامة للسياحة والآثار بقيادة الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز. ويتوقع أن يسهم هذا المشروع في فتح المجال أمام أكثر من 1500 فرصة استثمارية متاحة في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في مشروع العقير السياحي فقط، ويتوقع أن يسهم هذا المشروع مع تأسيسه في خلق فرص عمل مباشرة بما يقارب 37 ألف وظيفة، إضافة إلى خلق فرص عمل غير مباشرة تتجاوز 55 ألف وظيفة.
مع اختلاف النشاط عن التصنيع، إلا أن نشاط السياحة يعد من أكثر الأنشطة المحفزة للاستثمار في المملكة. ويبقى الأمل معقودا أن نرى مواءمات مماثلة بين مال الدولة ''صندوق الاستثمارات العامة'' والوزارات المختلفة لخلق شركات تسهم في التوزان الاقتصادي وتوجيه التنمية للقطاعات والأنشطة التي يحتاج إليها الوطن، من مشاريع سكن، ونقل، وصحة، وتعليم وغيرها.
المتتبع لقصة تأسيس شركة سابك، وكم استغرقت من الجهد، إضافة إلى المبادرة في تخطي الصعاب بالدعم الحكومي منقطع النظير، أوجد لنا قصة تستحق أن نفاخر بها في كل مكان. ونأمل أن تحقق هيئة السياحة والآثار نجاحا مماثلا في تطوير القطاع الاستثماري السياحي في المملكة. وعلى أمل أن نرى تحركا مماثلا بين وزاراتنا المختلفة للمبادرة بإطلاق المشاريع الاستثمارية التي تلبي آمال المواطنين، وتترجم حرص حكومتنا الرشيدة على رخاء الوطن واستقراره.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي