رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«التفحيط» على الآذان الصماء!

لم يعد التفحيط ظاهرة تحدث في أماكن محدودة، بل انتشرت هذه الممارسة (ولا أسميها رياضة) لمختلف أرجاء المملكة. لا شك أن التساهل في تطبيق الأنظمة وفراغ الشباب دون وجود برامج مشوقة ومتنوعة لفئاتهم كافة، إضافة إلى غياب دور الأب أو الأسرة، تُعد من الأسباب الرئيسة! لذلك فإن "التفحيط" المتكرر داخل مدينة الرياض واستهتار بعض الشباب بأرواح الناس وممتلكاتهم يعكس المثل القائل "من أمن العقوبة أساء الأدب"!
لا أكاد أصدق ــــ أبداً ـــــ أن أكون بين سيارات المفحطين محاولاً تفادي الارتطام بسياراتهم أو السيارات الأخرى في أحد الشوارع المكتظة داخل المدينة، وفي طريق الإمام تركي الأول بالتحديد، ولا أصدق قبلاً أن يحدث التفحيط في طريق رئيسة كطريق صلبوخ! ليس هذا فحسب، لكن هل تصدقون ــــ أيها القراء الأعزاء ــــ أن تصبح ممارساتها شائعة على الطرق السريعة المكتظة بالسيارات في كثير من مناطق المملكة؟! نعم قبل أيام قليلة اطلعت على مقطع فيديو لحادث مفجع، نتيجة ممارسة التفحيط على الطريق السريع بين حائل والجوف يحدث والطريق يعج بالسيارات والحافلات!
إن شكوى المواطنين من هذه الظاهرة والحديث عن خطورتها لم تعد جديدة. ولم تعد الآلام والوفيات والإعاقات الناتجة عنها خافية على أحد! فقد كتبت عنها في الماضي، وكتب عنها غيري، بل قام بدراستها بعض الباحثين، أمثال الزميل العزيز الدكتور صالح الرميح. وتشير الدراسة التي قام بها الدكتور الرميح حول العوامل المؤثرة في ارتفاع ظاهرة التفحيط بين الشباب السعودي إلى أن من أهم أسباب التفحيط والاستخفاف بأرواح الآخرين ما يلي: قلة الوعي، والجهل بالعواقب، وتدني المستوى الدراسي، والفراغ، وإهمال الأسرة، والتفكك الأسري، ووفرة المال في أيدي الشباب، وعدم معاناة المفحط في الحصول على سيارة، وطبيعة نظام التأمين.
ومن جهة أخرى، يُشير نظام المرور إلى أن عقوبة التفحيط تكون على النحو التالي:
(أ‌) في المرة الأولى حجز المركبة 15 يوماً، وغرامة مالية مقدارها ألف ريال، ومن ثم يحال إلى المحكمة المختصة للنظر في تطبيق عقوبة السجن في حقه.
(ب‌) في المرة الثانية حجز المركبة لمدة شهر وغرامة مالية مقدارها 1500 ريال، ومن ثم يحال إلى المحكمة المختصة للنظر في تطبيق عقوبة السجن في حقه.
(ج) في المرة الثالثة غرامة مالية مقدارها ألفا ريال وحجز المركبة، ومن ثم الرفع إلى المحكمة المختصة للنظر في مصادرة المركبة أو تغريمه بدفع قيمة المثل للمركبة المستأجرة أو المسروقة وسجنه.
لا شك أن القبض على الممارس للتفحيط ليس بالأمر السهل، خاصة أن الجهات المسؤولة تخشى على الأرواح والممتلكات التي قد تتأثر نتيجة المطاردة. ولكن الأمر ـــ في الحقيقة ــــ لا يتطلب القبض على المفحط أثناء ممارسة التفحيط، بل يمكن تصويره وتحرير مخالفة ومن ثم استدعاؤه أو القبض عليه عند نقاط التفتيش أو متابعته والقبض عليه في منزله، دون الحاجة لمطاردته.
لقد قمت بطرح هذه القضية مرات عديدة في مواقع الفيسبوك وتويتر، ولقيت تفاعلاً كبيراً وأثيرت حولها تساؤلات كثيرة تشير إلى صمم آذان الجهات المسؤولة وإهمالها، كما طرح بعضهم مقترحات قيمة أستفيد منها في اقتراح بعض الحلول، ومنها: أولاً: تطبيق نظام المرور بجدية أكبر وعدم التسامح مع المفحط. ثانياً: التوعية بأخطار التفحيط في المدارس ومن خلال وسائل الإعلام ومنابر المساجد. ثالثاً، إضافة بند إلى عقوبات المفحط ينص على تعميم اسم المفحط لجميع شركات تأجير السيارات ومنعه من الاستئجار لمدة سنة كاملة. رابعاً، تعميم اسمه لشركات التأمين لرفع رسوم التأمين. خامساً، وضع مضمار خاص لممارسة التفحيط تحت ضوابط محددة. سادساً، توسيع البرامج المخصصة للشباب حسب فئاتهم المختلفة. سابعاً، التوسع في إنشاء نواد متخصصة في مختلف الهوايات كالرماية وسباق السيارات وسباق الخيل وتسلق الجبال ونحوها في المدن. ثامناً، السعي الحثيث لتطبيق فكرة مراكز الأحياء لتوفير الخدمات الرياضية والاجتماعية لسكان كل حي.
في الختام لا بد من التأكيد أنه لا يمكن الحد من هذه الظاهرة التي خلفت وراءها الكثير من الوفيات والمعوقين والثكالى والأرامل إلا بتضافر جهات كثيرة، في مقدمتها وزارة الداخلية، ثم وزارة التعليم، ووزارة الشؤون الإسلامية، والرئاسة العامة للشباب، ووزارة البلديات، ونادي الفروسية، ووزارة الشؤون الاجتماعية، وغيرها. فهل تجد هذه الدعوة آذانا صاغية؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي