كيف يستفيد العقاريون من أنظمة الرهن العقاري؟
في هذا المقال سأكمل السلسلة التي كتبتها حول الرهن العقاري بمحاولة الإجابة عن كيف يستفيد العقاريون والآخرون، مثل ملاك عقارات محدودة، من الرهن العقاري؟ والعقاريون ينقسمون إلى أنواع حسب النشاط العقاري الذي يمارسونه، فمنهم المطورون، ومنهم المضاربون، والمقيمون، والوسطاء والمسوقون. وفي ظل أنظمة الرهن العقاري يمكن لمالك العقار أن يرهن عقاره مقابل الاقتراض من البنك بما يعادل قيمته السوقيه أو أقل من ذلك بنسبة تصل الآن قبل الرهن العقاري إلى 50 في المائة لمعظم البنوك. وبعد صدور الرهن العقاري قد يصل القرض إلى 80 في المائة من قيمة العقار حسب تقدير البنك لسعر العقار وحالته، بحيث يتمكن البنك أو شركة التمويل العقاري من حيازة ملكية الصك حتى يتم السداد. وفي اعتقادي أن شركات التمويل العقاري، ومنها البنوك، لن تقرض إلا لأنشطة استثمارية في القطاع العقاري أو أي قطاع آخر استثماري يُدِرُّ دخلاً وتدفقات نقدية تضمن سداد الأقساط الشهرية. وسيلعب المقيمون (المثمنون) للعقارات دورًا كبيرًا في تحديد قيمة العقار والتدفقات النقدية المتوقعة منه، لذا فإن دور المثمنين العقاريين سيكون مهمًّا للغاية، خصوصًا في ظل ارتفاع أسعار العقارات الحالي. وهناك نظام لم يصدر حتى الآن، يخص تنظيم المثمنين العقاريين، الذي نأمل أن يرى النور سريعًا لتنظيم هذا القطاع المهم. ففي ضوء تقدير اثنين أو أكثر من المثمنين يمكن الاتفاق على سعر متوسط العقار، ومن ثم يقوم البنك (الراهن) بتقديم مبلغ التمويل إلى نسبة قد تصل إلى 80 في المائة أو أكثر أو أقل من قيمة العقار.
ويمكن للأفراد العاديين، الذين يملكون منازلهم، أو عقارًا واحدًا مثلاً، رهن هذا العقار مقابل الحصول على قرض استثماري لبدء نشاط تجاري أو تطوير عقار آخر. وبهذه الطريقة فإن التمويل المقدم للرهن العقاري سيتضاعف خلال السنوات القلية القادمة. فحجم التمويل البنكي للقطاع العقاري الحالي يصل إلى نحو 30 مليار ريال فقط، أي نسبة ضئيلة من إجمالي الناتج المحلي بين 2 و3 في المائة عند مقارنتها بدول أخرى يصل التمويل العقاري فيها إلى أكثر من 90 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وتقترب هذه النسبة من حدود 20 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لمعظم دول الخليج العربي.
إن انخفاض التمويل العقاري الحالي في المملكة جنّب القطاع العقاري وكذلك البنوك انهيارات وتبعات أزمة الرهن العقاري العالمية التي حدثت في 2008. فلو كان القطاع العقاري في المملكة ممولاً بصورة كبيرة في أثناء انهيار أسعار العقارات، لقامت البنوك بتسييل تلك العقارات مقابل تحصيل الديون، ناهيك عن أنها سترفع من المخصصات مقابل مخاطر القطاع العقاري، إلا أن ذلك لم يحصل- ولله الحمد- ما حصن القطاع البنكي السعودي من تبعات أزمة الرهن العقاري، لذا فإن قطاع التمويل العقاري لن يشهد تسارعًا أو هرولة– تجنبا لأزمات أخرى، ما يجعلني أؤكد في أكثر من مناسبة أن البنوك وشركات التمويل العقاري لن تكون مندفعة في تمويل القطاع العقاري كما يتوقع البعض، بل سيمارسون التحفظ نفسه لما قبل صدور أنظمة الرهن العقاري للسنوات الأولى. وفي هذه الأثناء ستنشأ شركات تمويل عقاري أخرى، ما سيساهم في زيادة محافظ الإقراض المعدة للقطاع العقاري.