استعدْ .. وخطِّط جيداً
يقول توماس أديسون ''من المفيد أن تخطط للأمور مقدماً، فلم يكن المطر قد نزل بعد حين قام نوح ببناء سفينته''.
ويقول هايمان في تعريفه للتخطيط ''هو تحديد سابق لما سيتم عمله، وتحديد لخط سير العمل في المستقبل، يضم مجموعة منسجمة ومتتابعة من العمليات بغرضِ تَحقيق أهداف معينة''.
لكن الكثيرين - مع الأسف - لا يدركون أهمية التخطيط الجيد للوصول إلى أهدافهم التي رسموها، فهم يعيشون ضمن الإطار الزمني لليوم الواحد فقط ويتأثرون كثيراً بتجارب الآخرين المحبطة، لذا نراهم يردّدون باتكالية: ''اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب'' وغيره من الأمثال الشعبية المحبطة التي تدعو للتقاعس والاتكالية وعدم التفكير المنطقي والتخطيط الواعي المدروس، خاصة إن كان الشخص يقيم وزناً لآراء الآخرين.
لنفترض مثلاً أن شخصاً ما قد وضع له هدفاً يتمثل في امتلاك بيت ملك خاص به وبأسرته خلال خمس سنوات، لكنه لم يخطط جيداً لتحقيق هذا الهدف فهو (ماشي بالبركة) فيسافر سنوياً ضمن ميزانية تفوق دخله المادي بكثير وربما استدان وألزم نفسه بأقساط شهرية لأجل هذا السفر، إذاً في هذه الحالة هو ابتعد عن هدفه خطوة، وهو لا يمانع لهاث زوجته وراء الكماليات من تحف وإكسسوارات وألعاب ولوحات وأثاث ربما يعلوه الغبار أحياناً قبل أن يجلس فوقه أحد الضيوف، وهذه الكماليات سترهقه مادياً من حيث لا يشعر وستكون مثل البعوضة التي تمتص دمه فلا يشعر حينها بلسعتها، لكن حين تتورم يده سيحس بالأثر العميق للألم، وهنا سيكون قد ابتعد خطوتين عن هدفه، وهو لا يمانع في تناول العشاء أو الغداء مع أطفاله مرتين أسبوعياً في المطاعم والمتنزهات والملاهي، وهكذا سيكون قد ابتعد عن هدفه ثلاث خطوات، إن كل خطوة غير مدروسة ستسهم في إبعاده عن هدفه، لأنها قائمة على عدم التخطيط الجيد. يقول والتر أولبرخت: ''لكل أسرة واعية ميزانية توضح كم سيتم الإنفاق على البيت والأغراض الأخرى، ومن دون ذلك التخطيط، ستسوء الأمور بسرعة''.
التخطيط الجيد لا بد منه لكل شخص يرغب حقاً تحقيق أهدافه التي يصبو إليها وهناك مبدأ swot، الذي يقوم على طرح أربعة أسئلة رئيسة يجب أن يكون الشخص المخطط على دراية بإجاباتها، وهي:
أين أنا الآن؟ وما وضعي الحالي (التشخيص)؟
أين أريد أن أكون؟ وما طموحاتي المستقبلية (التهديف)؟
كيف سأبلغ تلك المرحلة؟ وما الوسائل المطلوبة (التنظيم)؟
كيف سأعرف أنني حققت ما أصبو إليه؟ (التنفيذ والتقييم).
والتخطيط الجيد لا يقتصر على الأفراد فقط، بل يتعداه إلى المؤسسات والشركات والمجتمعات والدول، ولذلك اهتمت الدول المتقدمة بالتخطيط وصرفت الأموال الطائلة عليه ولم (تمشي بالبركة) ولعل خير مثال على التخطيط الجيد في عصرنا الحالي هو ما فعله مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا، الذي رسم خريطة لمستقبل ماليزيا حدّد فيها الأولويات والأهداف والنتائج، التي يجب الوصول إليها خلال عشر سنوات .. وبعد 20 سنة .. ثم حتى عام 2020!
إذن - عزيزي القارئ - إن لم تتحقق أهدافك فربما يكون هناك خلل في تخطيطك، فأعد النظر فيه مرة أخرى، وبهذه المناسبة ليت بعض المسؤولين أيضاً يعيدون النظر في تخطيط (بعض) مقاولي الطرق الذين لا يسلمون المشاريع في وقتها، والضريبة حفريات تكاد ظهورنا تتكسر منها!