بالتحفيز يمكن الخروج بحلول إبداعية للقضايا التنموية
نعلم تماما أننا في عجلة تطوير دائمة سواء على المستوى التنظيمي أو العملي الميداني أو التعليمي... إلخ. هذه الأنشطة أو البرامج أو يمكن أن يطلق عليها ''المشاريع'' جعلت المجتمع يعمل بجد لتنمية هذا البلد الكريم. التكريم والتحفيز عادة ما يؤسس لمفهوم يصحح مسار أنماط الحياة اليومية، فيصبح الحراك المدني سببا مباشرا في ازدهار وتقدم كثير من أوضاعنا في المجالات كافة.
أن تعيش تجارب مؤرقة سواء عائلية أم مجتمعية نتيجة تزايد التعداد السكاني واختلاف النسيج السكاني في مختلف مناطق المملكة تبعا للظروف الخاصة بكل منطقة، ليعني أننا مقدمون على حقبة تتقاطع فيها المصالح وقد تزداد الهموم. بعض المظاهر المقلقة استدعت البعض لأن يفكر في مخارج وحلول قد تكون إيجابية، وقد يحتاج بعضها إلى بلورة بهدف تنفيذها والاستفادة من هذا الرأي، لذلك فالتعامل مع هذا الفكر النير يحتاج إلى أكثر من النشر العشوائي في وسائل الإعلام الورقية والإلكترونية. كما أن الاستمرار في بقاء بعض المشكلات دون حلول جذرية لفترة طويلة يتسبب عادة في هدر مادي مكلف للأجيال القادمة وهو في الحقيقة يمكن تفاديه بالتوجه والتوجيه الصحيحين. وبما أننا نعيش مواسم متوالية خلال العام وأصبحت المملكة ولله الحمد مقصد شعوب الدنيا في هذه الألفية، فلماذا لا نذيب هذه المشكلات ابتداء من تقدير وتكريم أصحاب الحلول؟
لقد قابلت خلال هذا العام كثيرا من الشباب الطموح الذين أبدوا اقتراحات هنا وهناك تدل على فهم للمشكلة القائمة. قد ينقصها بعض التطوير والتحوير، ولكن في حد ذاتها فخر شعرت به يستحق منا العناية بهم وتنمية مثل هذا الشعور، لذلك فإذا حاولنا تشجيع هؤلاء بجائزة قيمة لمن يتقدم بحل علمي كان أم اجتهادي مقبول، فسنكون أمة منتجة. بالطبع لا بد من وضع تصور كامل وشامل، ولكن بالنظر إلى إيجابية النتائج، فسيكون تبني الأفكار المساهمة في حلول ناجعة قمة الشعور بالإنسانية.
كأمثلة وليس حصرا دقيقا، فالكثافة السكانية في حي مع زيادة الحفريات واستمرارها لأكثر من ثلاث سنوات مسألة مؤرقة. انقطاع ماء أو كهرباء مفاجئ يجعل الحياة تعيسة للرضع وكبار السن. حركة المرور، وما يتعلق بها من انسيابية الحركة أو مخالفة القواعد المرورية بعكس الاتجاه أو التفحيط وقطع الإشارات وغيرها، ما هي إلا إفرازات، ولكن قد تكون للبعض أفكار تسهم في جل معضلة تتنامى مع تزايد السكان. ترك مخلفات البناء بعد الانتهاء من مشاريع التشييد والبناء المختلفة، وتوفير أراض لمشاريع الإسكان في مناطق المملكة عموما، تزايد أعداد أطفال الشوارع، المماطلة في تطبيق مشروع الحكومة الإلكترونية، ضوضاء السيارات وأجهزة التسجيل في المناطق السكنية، سوء استغلال أرصفة المشاة؛ حيث إن هذه المعضلة تنتشر في كل مدينة ومحافظة وكل المناطق في حاجة إلى تكريس الجهود للتخلص منها. وقف استيراد الأجهزة والسيارات المخالفة للمواصفات والمضرة بالصحة العامة، صعوبة إيجاد مواقف في وسط المدينة خصوصا في المدن الكبيرة في المملكة. إنشاء وإحداث متنزهات عصرية داخل المدن كمتنفس للسكان من خلال الاستفادة من مفهوم التوسع العمودي مع تحقيق المحافظة على المتنزهات العامة داخل المدينة وخارجها، مشكلة التحرش في الأسواق والشوارع والمتنزهات.
من ناحية صحية فأصحاب النحافة المفرطة والسمنة المتزايدة في الانتشار يعانون أمراضا نفسية، إضافة إلى الصحية العضوية. قد يعانون مشكلات مالية وقد لا يكون ذلك صحيحا، وبالتالي فهو وضع يحتاج حلا مع أنه ظاهرة سجلت على مستوى العالم. عموما لا يمكن لنا أن نقف مكتوفي الأيدي. تراكم النفايات نتيجة إضراب عمال النظافة أو لأي سبب آخر. والتخلص من النفايات الطبية كتنظيم وإعداد كوادر متخصصة للعناية به موضوع أصبحت له آلية عمل واضحة وكفلت به بعض الشركات المتخصصة حسب عقود عمل نظامية لمشاريع كانت ضعيفة الإشراف. المشكلة الآن باتت في الكادر وليست في آلية التخلص منها ولا بد لذلك من حلول لنشر مفهوم العناية بالصحة العامة.
في الواقع لا يمكن أن نرمي باللوم كله على الجهات الخدمية المعنية لكل وضع تسبب في مشكلة. قد تكون التصاريح والبهرجة الإعلامية من مسببات المشكلات أيضا، ولكن القصور في هذه الحالة جماعي والمسؤولية في حاجة إلى حلول فردية وجماعية في الوقت نفسه. وبالتالي إذا اتيحت الفرصة للفرد أن يتقدم بحلول لتدرس وتبلور تمهيدا للاستفادة منها بشكل عملي وتطبق على مدى محدود ثم توسع الدائرة إذا أثبتت نجاحا بنسبة كبيرة، فإن الباب سيفتح لنا آفاقا قد لا نفكر فيها، وبالتالي نرى يوما انحسار هذه المشكلة وبداية تلاشي أخرى، ويصبح بالتالي المجتمع السعودي راقيا في تناوله المشكلات اليومية، مستعدا لكل طارئ، متقدما في مواجهة الأزمات، ومعينا لبعضه البعض في شؤون الحياة وبذلك تزدهر الدولة ماديا ومعنويا.
أن ''سعفة القدوة الحسنة'' و''موهبة'' و''جوائز مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية'' وغيرها من الجوائز والمحفزات لهي مشاريع قيمة جدا لأنها تركز على تبني ذوي القدرات الفكرية والمؤسسات ذات التقدم في تحسين بيئة العمل وما إلى ذلك من أهداف، ولكن لهذه الجائزة توجه آخر يعنى بمن يجد حلا لمعضلة نشأت من ممارسة ميدانية أو تشغيلية أو نظامية خاطئة. فهل نفكر ملياً في التعاون معا على حل مشكلاتنا المتكررة يومياً وبذلك ندفع عجلة التنمية فعلياً؟ آمل ذلك.