سياسة الأبواب الإلكترونية المفتوحة ومكافحة الفساد

كل من يسير في طرق معظم أحياء الرياض وجدة والدمام يرى بأم عينه آثار الفساد المالي والإداري في الطرق المهترئة سواء تلك التي رصفت حديثا أو تلك التي رصفت منذ زمن وتعرضت لأكثر من مشروع حفر ودفن جعلها ذات مستويات متعددة، ولا شك أن مستخدم الطريق هو المتضرر الأول والأخير من جهة الأضرار المادية التي تلحق بسيارته والأضرار النفسية والصحية.
أكثر من طريق متعدد المسارات رأيت عملية سفلتته بمعايير سفلتة أقل ما يقال بشأنها إنها سفلته دون معايير، حيث المستويات المتعددة للطريق وبروز مناهيل صرف المياه أو الأمطار، والمشكلة أنه لا يلبث هذا الطريق المهترئ منذ البداية أن يتعرض لعمليات حفر تجعله مأساة، خصوصا تلك التابعة لمشاريع الصرف الصحي التي أتلفت الطرق بشكل أكثر من مخز والأدلة متعددة وأكثر من أن تحصى، حيث لم أر طريقا عاد إلى ما كان عليه بعد، ولو أن هناك وسيلة لإيصال حال طرقنا بالصوت والصورة بعد كل عملية حفر ودفن لمسؤول معني لأغرقناه بها ليعرف الحقيقة المرة وما يترتب عليها من خسائر بالملايين فضلا عن الحوادث المرورية.
وضع الطرق وغيرها من القضايا والمشاكل التي تهم المواطنين نسعى جميعا لإيصالها للمسؤولين أمام الله وأمام ولاة الأمر وأمام الشعب ليتخذوا بشأنها تدابير علاجية باجتثاث الفسادين المالي والإداري من جذورهما، وإيصال هموم وقضايا المواطنين الفردية والكلية تتطلب فتح أبواب المسؤولين أمام المواطنين، وهو أمر لا يزال صعبا رغم التوجيهات السامية وآخرها التي طلب فيها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من المسؤولين نزع الأبواب من مكاتبهم وعدم إقفالها، مؤكدا ـــ حفظه الله ــــ على أنه وهم خدام لهذا الشعب، ولهذا الوطن.
الصعوبة تتعلق بالمسؤول ذاته الذي يجب أن ينظم وقته واجتماعاته وزياراته وهو أمر لابد منه ولا يمكن لأي مسؤول العمل بباب مفتوح بشكل دائم ليدخل المواطن متى ما شاء، وبالتالي فالمسؤول في أحسن الأحوال سيخصص أوقاتا محددة لاستقبال المواطنين وهي بكل تأكيد لا تكفي بحال من الأحوال في ظل الزيادة السكانية الكبيرة وامتداد المدن وتكاثر المشاكل والقضايا الفردية والجماعية.
ما الحل إذا ونحن دولة قامت على سياسة الأبواب المفتوحة ولا زالت، وخادم الحرمين الشريفين يقول للوزراء ''كلكم أطلب منكم أنتم يا إخواني وأحملكم مسؤولية كبيرة لأنكم اخترناكم من بين شعب المملكة العربية السعودية ولازم تقدروا هذا ولازم تتحملوا المسؤولية وتؤدوا واجبكم نحو دينكم ووطنكم وشعبكم'' ويتمنى منهم الجد والاجتهاد والمسؤولية ''لأن هذه أمانة، أمانة، أمانة من عنقي لأعناقكم كلكم وأتمنى لكم التوفيق، وشكراً''.
الأخبار الجيدة تقول إن الحلول الإلكترونية أصبحت متاحة وبأيد سعودية ماهرة، ولقد اطلعت على أحد هذه الحلول التي طورها مختص سعودي حيث طور منصة إلكترونية تعتبر بكل ما تعنيه الكلمة بابا إلكترونيا مفتوحا يمكن المواطنين من التواصل مع المسؤول أيا كان مستواه من أي مكان وفي أي وقت دون الحاجة إلى الانتقال من مكان إلى آخر ودون الحاجة إلى التواجد في وقت محدد كما هو الحال الآن، حيث يستطيع المواطن أن يرفع طلبه أو شكواه أو ملاحظته أو رأيه بصيغ متعددة على شكل مستندات أو صوت أو صوت وصورة أو خليط من هذا كله على موقع إلكتروني من أي مكان وأي وقت ثم يتابع ما رفعه مع الجهة المعينة إلكترونيا والتي تتابع بشكل إلكتروني ويومي هي الأخرى وتصدر تقاريرا إلكترونية لا تدخل للعنصر البشري فيها تمكن المسؤول من صناعة القرار السليم والفعال دون تضليل من أصحاب المصالح والفساد.
وهذا يعني على سبيل المثال إدخال ملايين المواطنين، كما صرح بذلك وزير التجارة قبل أيام في عملية الرقابة والمتابعة ورفع التقارير على سبيل المثال الأمر الذي يجعل المسؤول أمام الصورة الواضحة، وهو بكل تأكيد سيلعب دورا كبيرا في رفع الجودة حيث يعلم كل فاسد أنه مرصود من قبل المستفيد وأن تقريرا مصورا سيرفع على الموقع الإلكتروني وسيصل لأسماع المسؤولين في حال تقصيره لأي سبب كان.
لا أخفيكم أن كل من تحدثت معه بشأن كفاءة موازنات الدولة السخية التي تستهدف تحقيق راحة المواطن ورفع مستوى معيشته يشير بطريقة أو بأخرى إلى ضعف الكفاءة بسبب الهدر الكبير لسوء النية أحيانا ولسوء الدِبرة أحيانا أخرى، وكل ذلك يتنامى في غياب الرصد والضبط والمساءلة الذي لم تعد سياسة الباب المفتوح التقليدية تحقيقه، ولا يمكن أن يستمر الحال هكذا دون تطوير لرفع كفاءة موازنات الخير في عصر ملك الإنسانية والخير ـــ حفظه الله ـــ.
في كلمة خادم الحرمين الشريفين ـــ حفظه الله ـــ بعد توليه مقاليد الحكم قال : '' أتوجه إليكم طالبا منكم أن تشدوا أزري وأن تعينوني على حمل الأمانة وألا تبخلوا علي بالنصح''. وأقول لقد حان الوقت لاستثمار التقنية في مؤازرة خادم الحرمين الشريفين لحمل الأمانة وتوفير الإمكانيات لجميع المواطنين لشد أزر خادم الحرمين لحمل الأمانة وهو حق له ـــ حفظه الله ـــ على المواطنين جميعا.
ختاما: كلي أمل ورجاء أن تطلق كافة الوزارات ذات الصلة بخدمة المواطن والبنى التحتية مشروع الأبواب الإلكترونية المفتوحة التي تمكن المواطن من التواصل مع المسؤولين في أي وقت لإيصال صوته ورفع شكواه وطرح رؤاه وآراءه وعندها سنرى جميعا أثر ذلك في فاعلية وكفاءة الموازنات السخية في تحقيق الأهداف التنموية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي