كيف تستفيد شركات التمويل العقاري من الرهن العقاري؟
في مقال الأسبوع الماضي كتبت عن كيف يستفيد المواطن العادي من الرهن العقاري. ولإكمال السلسلة في كيفية الاستفادة من أنظمة الرهن العقاري أجد أنه من المهم الحديث عن كيف تستفيد شركات التمويل العقاري التي هي محور أنظمة الرهن العقاري من هذه الأنظمة. وللمعلومية فإن أنظمة الرهن العقاري تضمنت نظام شركات التمويل العقاري، ونظام مراقبة شركات التمويل العقاري، ونظام التأجير التمويلي، وبذلك تحوز شركات التمويل النصيب الأكبر من منظومة الرهن العقاري.
وقبل صدور الأنظمة يوجد نحو ثلاث شركات تمويل عقاري نشطة، وشركات تقسيط أخرى معظمها فردية تمول أنشطة مختلفة بما فيها العقار، وكذلك المصارف التي كونت إدارات تمويل عقاري لإقراض القطاع العقاري. فمن المتوقع أن تقوم البنوك بإنشاء شركات تمويل عقاري بذمة مالية مستقلة ومنفصلة لتفادي مخاطر القطاع العقاري على أنشطة البنوك الرئيسة. ففي نظام الشركات الجديد يحق للبنوك إنشاء شركات مساهمة من طرف واحد هو البنك فقط. حيث إن المعتاد أن إنشاء شركة ينتج من اتفاق طرفين أو أكثر حتى تسمى شراكة أو ''شركة''. وهناك الكثير من المستثمرين السعوديين والأجانب الذين يترقبون صدور أنظمة الرهن العقاري لدخول السوق، حيث ستشهد السنوات القادمة إنشاء العديد من شركات التمويل العقاري برساميل ضخمة. وبالنسبة لشركات التقسيط الأخرى فإنها ستصبح مخيرة بين أن تتجه كلية إلى التمويل العقاري أو التركيز على تمويل السيارات والسلع الأخرى. وفي كل الحالات، فإن شركات التقسيط ستنضوي تحت نظام التأجير التمويلي تحت رقابة مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما). ما يجعلها مجبورة على التكيف مع اللوائح الجديدة بما فيها إدارة المخاطر حسب أنظمة القطاع البنكي، ما يرفع تكاليفها ويجعلها تبحث عن الاندماجات أو الشركات مع مستثمرين متمرسين في هذا القطاع سواء كانت شركات أو أفرادا.
وتتسم شركات التمويل العقاري الحالية وكذلك شركات التقسيط بضعف رساميلها، وعدم قدرتها على منافسة المصارف في الأسعار، مع اعتمادها على المصارف لبيع ديونها فيما يسمى سيكيوريتزيشن، لتوليد سيولة جديدة للإقراض. وهي تميل إلى إقراض الأفراد ذوي الملاءة المالية العالية، ناهيك عن تحالف بعضها مع شركات التطوير العقاري الأخرى لتمويلها مباشرة أو تمويل المشترين الأفراد من تلك الشركات. لذلك فقد أقدمت شركات التمويل العقاري على ابتكار منتجات تمويلية تناسب كل مشروع على حدة. فقد ابتكرت (كما هو الحال لدى المصارف حاليا) ''المنتج الموصوف بالذمة''، الذي يوصف المسكن الذي يقوم المطور العقاري ببنائه بحيث إن المشتري الفرد يشتري من على الخريطة البيت الذي صمم وأنشئ من قبل شركات التطوير. كما اتجهت بعض شركات التمويل العقاري وشركات التطوير إلى إنشاء صناديق الاستثمار العقاري – المرخصة من قبل هيئة السوق المالية - لتمويل وتطوير الأبراج والمستودعات والوحدات السكنية، بسبب محدودية قاعدة التمويل لدى تلك الشركات، حيث تضطر إلى تجميع الأموال من الأفراد الراغبين في الاشتراك في تلك الصناديق.
إن من المؤمل أن تستمر تلك الشركات بالتحالف مع المصارف وشركات التطوير حتى بعد صدور أنظمة الرهن العقاري. وستستمر كذلك في تقديم منتجاتها الحالية، إضافة إلى منتجات مستقبلية تناسب الأفراد وتتلاءم مع قدرتها الرأسمالية والتمويلية. إن أهم ما تريده تلك الشركات هو القدرة على التصكيك وبيع تلك الصكوك في السوق الثانوية، التي نأمل من هيئة السوق المالية عمل المزيد في هذا الخصوص. وهناك توجه من وزارة المالية السعودية إلى إنشاء شركة كبيرة تشتري تلك الصكوك وتدرج في السوق الثانوية. لذا فإننا نتوقع إنشاء مثل تلك الشركة قريبا، حيث سيكون صندوق الاستثمارات العامة شريكا مهما فيها. كما هو الحال الآن في رغبته في الدخول شريكا في بعض شركات التمويل العقاري في سبيل تحقيق هدف الحكومة في تمليك المواطنين مساكن بأقل التكاليف.
إن أهمية تلك الأنظمة هي فتح الطريق للكثير من المستثمرين للدخول في قطاع التمويل العقاري ضمن أنظمة واضحة وشفافة تساعدهم على المنافسة. فالسوق قبل ذلك افتقدت المنافسة بسبب وجود شركات لا تخضع لتنظيم مؤسسة النقد، هي شركات التقسيط، ومصارف لديها قاعدة عملاء كبيرة ومحافظ ضخمة تصعب منافستها في الأسعار واستقطاب العملاء، يضاف إلى ذلك أن الحكومة ستظل ممولا وراعيا مهما لتلك الأنظمة حتى تكفل نجاحها.