«مع المدى» .. جديد الرحيلي
يحاول الشاعر الدكتور ماهر الرحيلي في آخر قصائده الوصول إلى فلسفة خاصة يجمع بها اختلاجات الروح مع ما يحيطها من عوالم تجتمع فيها رائحة البحر وأنفاس الليل وعطر الحبيبة، كل ذلك يجمعه الرحيلي في قصيدته الأخيرة التي وقعها في جدة.
للبحرِ طرتُ وفي جناحي رعشةٌ
لا تنطفي إلا بموجِ فؤادهِ
قابلتُه ومدى هوايَ.. وصبحُنا
نستلّ فيه الموجَ من أغماده
أنفاسُ ليلي والنهارِ تطايرتْ
لتذوبَ ملحاً في غمامِ رمادِهِ
وتسارعتْ من عُمقهِ أنشودةٌ
تمضي كصيدٍ راح عن صياده
ونصبتُ من حرفي وعيني لوحةً
فرمى إليّ بريشةٍ ومدادِه
وتدافعتْ نحوي رذاذاتٌ أرى
فيها انطلاقي غارقاً بعنادِهِ
وأشمّ فيها مثل عطر حبيبتي
وجموح شَعرٍ ندّ عن أصفادِه
ولحونَ صوتٍ من تموّج قلبِها
ورذاذَ صبرٍ بعد طول نفادِهِ
بحرٌ .. ولكن دمعةٌ هالتْهُ بي
ذرفَ النسيمَ لأجلها بمرادِهِ
لما رأى للجَهد.. فيّ علامةً
لطم الصخورَ مذكراً بجهادِه
وبياضُ أمواجٍ عليه تلألأتْ
يجري كشيبٍ لاح فوق سوادِهِ
يحكي حكاياتِ العزاءِ وبعضُها
أملٌ سقى العشاقَ من أورادِهِ
قد ضمّنا ضمّ الحبيبِ لحِبهِ
وحنا حنوّ الجدِ في أحفاده
إني بقيتُ هناك أشدو حبَّها
ومياهُهُ دامت على ترداده
ودعتهُ.. والشمسُ ترسل بحرَها
والظل يغمرنا بدفءِ مِهادِه
ودعتُه.. وهناك قلبي لم يزلْ
معها الرفيقَ.. لمنتهى آمادهِ