رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


رمضان والهوس الإعلامي

بعد يوم أو يومين سيحل علينا ضيف عزيز ننتظر قدومه كل عام بلهفة المحب واشتياق العاشق حيث تتعطر لياليه بالروحانية النورانية الشفافة وتحلو أيامه بالعطاء والبذل والجود والصدقات وتسمو أوقاته بالذكر والدعاء والقرآن الكريم.
إنه رمضان الذي أنزل الله فيه القرآن والذي نصر الله عباده فيه بغزوة بدر والذي تتخفى في لياليه العشر الأخيرة ليلة خير من ألف شهر والذي كان رسولنا عليه الصلاة والسلام يصبح فيه أجود من الريح المرسلة ..!
لكن في السنوات الماضية بدأ مفهوم عجيب في الزحف نحو هذا الشهر العظيم وما زلت حائرة في السبب!
في الدول الأجنبية ''في هذا المقام أقصد بالدول الأجنبية غير المسلمة'' يقيمون المهرجانات الفنية كمهرجان كان السينمائي ومهرجان برلين السينمائي ومهرجان جوائز الأوسكار لعرض الأفلام السينمائية الحديثة والتنافس على المراكز الأولى للأفضل منها دون أن يكون هناك حاجة لاقتران هذه المهرجانات بمناسبة دينية لديهم كأن تكون مقرونة بأعياد رأس السنة الميلادية مثلا أو عيد الفصح أو غيرهما من مناسباتهم الدينية، ولكن بما أن الحاجة هي أم الاختراع بالنسبة للبعض من بني جلدتنا فقد أوجدوا لهم موسما فنيا سنويا يقام ''غصب عن اللي ما يرضى'' وبما أننا شعوب مسالمة ونمشي ''جنب الحيط'' فلم نتذمر أو نعترض وحتى لو فعلنا فمن سيستمع لنا أصلا؟!
لذا يأتي رمضان العظيم فتقبل علينا شركات الإنتاج الفني بخيلها ورجلها بعشرات المسلسلات الدرامية المحزنة المبكية التي لا نشاهد فيها إلا عويلا ونواحا وضربا ودموعا وكأننا ''ناقصين هم وغم''، والتي أثق بأنه لو تابعها جلمود امرئ القيس لانفلق نصفين قبل أن يحَطََّه السَّـيْلُ مِنْ عَلِ، ثم تأتيك برامج الكاميرا الخفية وما أدراك ما الكاميرا الخفية استخفاف واستهتار بمشاعر الآخرين وعدم احترام لكبار السن الذين قد يكونون مصابين بالسكر والضغط، لكن الحسنة الوحيدة فيها أنهم يسألون الضحية نذيع أو ما نذيع؟ .. وأظن هذه خطوة جميلة على طريق الديمقراطية!
في رمضان يحشرون الأعمال الفنية حشرا ويتسابقون على أوقات الذروة والتي تزداد فيها نسبة المشاهدين وهذه الأوقات تعتبر أيضا صيدا ثمينا لبرامج المسابقات التي تستنزف جيوب الحالمين بالثراء وبالسيارة المزينة ''بفيونكة حمراء'' والتي يمني كل متصل نفسه بها!
قالت إحداهن لقد اتفقت مع شقيقاتي كل واحدة منا تتابع مسلسلا وبرنامجا ونخبر بعضنا البعض عن الأفضل بينهم ولذلك وزعنا أنفسنا على أجهزة التلفزيون الخمسة الموجودة ببيتنا .. فعلا شر البلية ما يضحك!
بغض النظر عن الأعداد المهولة من الأعمال الفنية التي ستضخ خلال هذا الشهر الفضيل سواء مسلسلات درامية أو كوميدية أو برامج مسابقات أو أفلام تاريخية أو أيا كانت نوعيتها ومسماها، فإني أتساءل بصدق وأرجو أن أجد من يجيبني بكل شفافية: لماذا تسعى معظم شركات الإنتاج الفني إلى عرض أعمالها خلال هذا الشهر العظيم؟!
ولماذا يصرون على الاحتفال بهذا الهوس الفني خلال هذا الشهر العظيم؟
شيء محير فعلا لكني أنتظر منكم الجواب..!
وكل عام وأنتم بخير ..

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي