رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


محاكم مالية متخصصة يا وزارة العدل

أكاد أجزم بأن تحديد التخصصات أو المسؤوليات أو الأدوار يعد من أهم محاور النجاح والعطاء في أي مجال كان، وما يقتل النجاح ما هو عكس ذلك من تشعب الصلاحيات وتعدد المرجعيات وازدواجية الأدوار، فعندما خلق الله - عز وجل - الإنسان وهبه من بين النعم نعمة البصر وجعل العينين هما الكفيلتان بذلك، أي أن مهمتهما الرئيسة هي البصر، ولم يحملهما - عز وجل - غير هذه المسؤولية وكذلك هي حال الأعضاء الأخرى كل فيما أوكل إليه.. نفهم من ذلك أنه عندما نرى جهة معينة تهتم بجميع الأمور والجوانب حتى من غير تخصصها، فإنها بالتالي لن تعطي النتيجة المتوقعة منها، بل يكون إخفاقها أكثر من إنتاجيتها، هذا ليس تخاذلا من منسوبيها، لكن تشعب الصلاحيات وعدم التخصص يؤدي دائما إلى الإخفاق وضياع الوقت وعدم القدرة على المحاسبة والتقييم.. وهنا تكمن أهمية التخصص وتوحيد المرجعيات والصلاحيات في جانب مراد يجمع شتات الجهود المبعثرة ويوزع الأدوار بشكل متناسق يؤدي في نهاية المطاف إلى النجاح وحفظ الحقوق والمحافظة على الوقت.
من هنا تأتي ضرورة إنشاء محاكم مالية متخصصة تابعة لوزارة العدل، يتم فيها الفصل في جميع القضايا المالية، والفصل السريع في القضايا المالية المستعجلة التي لا تتحمل التأخير من قبل محاكم متخصصة ذات خبرة، حيث إن ذلك سيسهم في خلق بيئة مشجعة للاستثمار وسيعزز مكانة المملكة كمركز مالي ومصرفي، وتضمن أكبر قدر من العدالة واستقرار البيئة الاستثمارية في المملكة.. وخير مثال في ذلك ما حدث في وقت سابق في قضية شركة الاتصالات المتكاملة التي افتقرت إلى جهة متخصصة للفصل فيها بسبب تعدُّد الأطراف ذوي العلاقة بالقضية، حيث دعا من خلال ''الاقتصادية'' حينها عدد من القانونيين إلى سرعة إيجاد محاكم مالية متخصصة تابعة لوزارة العدل، يتم فيها الفصل في جميع القضايا المالية والاقتصادية التي تنشأ محلياً؛ كما طالبوا بإلغاء الهيئات شبه الحكومية التابعة للجهات المالية ووصفوا وجودها بـ''المعيب والمخجل'' ما ينتقص من استقلالية القضاء السعودي، خاصة بعد أن فشلت في الفصل في كثير من القضايا، نظراً لتضارب المصالح، مبينين أن الهيئات شبه الحكومية تعمل بشكل مناف لتوجهات حكومة خادم الحرمين الشريفين بجذب رؤوس أموال أجنبية للاستثمار في السوق السعودية؛ لأن ضعف الفصل في القضايا المالية ينفر الاستثمارات الأجنبية.. كذلك شدني تقرير نشر في جريدتنا منتصف كانون الأول (ديسمبر) الماضي تقريبا ويتضمن مطالب عدد من المحامين بإخضاع جميع اللجان أو الهيئات أو المكاتب القائمة التي تباشر أعمالا قضائية، إلى التفتيش القضائي التابع للمجلس الأعلى للقضاء، وذلك لكون نحو 100 لجنة وجهة ما زالت تصدر أحكاما قضائية مهمة، ولا تخضع للتفتيش القضائي حتى الوقت الراهن، مبينين أن الحاجة أصبحت ماسة في الوقت الحالي إلى إخضاع كافة اللجان أوالهيئات أو المكاتب القائمة التي تباشر أعمالاً قضائية إلى التفتيش القضائي التابع للمجلس الأعلى للقضاء، وذلك لوجود بعض التجاوزات من تلك الجهات، الأمر الذي يتطلب ضرورة وجود رقابة قضائية عاجلة وتفتيش قضائي على كل من يفصل بين متخاصمين مهما كان اسمه الوظيفي.
من وجهة نظري أن تلك المطالبات لم تأت من فراغ، إنما أتت بعد ما لمسه هؤلاء القانونيون من أهمية إنشاء محاكم متخصصة في هذا المجال، خصوصا أن المملكة تعيش حاليا حالة من التطور الاقتصادي الكبير الذي يحتم تواكبه مع جميع المستجدات، التي منها ضرورة إنشاء محاكم اقتصادية مستقلة ومتخصصة تؤدي إلى سرعة الإجراءات والبت وضمان التخصص.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي