كتََّاب ونقاد لـ "الاقتصادية" : المشهد الأدبي السعودي يخلو من الكتابة الإباحية لعدم جرأة الروائيين
يعاني العديد من الروائيين والقاصين السعوديين توجيه سهام الاتهام لهم بخرقهم العادات والتقاليد المهذبة اللبقة المناسبة في الأسلوب الكتابي الذي أصبح في الآونة الأخيرة مع طفرة الإنتاج الأدبي غالبا عليه الطابع المتحرر المتمرد على الضغوط الحياتية والقهر الاجتماعي، ما دعا العديد من الكتاب للتوجه إلى الخارج لإصدار رواياتهم، رغم تأكيد النقاد لعدم وجود الكتابة الإباحية الفاحشة أو ما شابهها في المشهد الثقافي في السعودية، إنما هي مجرد اتهامات عشوائية قائمة على عدم القراءة ونقل الحديث دون التأكد من صحة ما تم إشاعته.
وذكرت الروائية أميرة المضحي أن النتاج الأدبي في السعودية غير خادش للحياء ولا توجد كتابات إباحية، إنما هو تفاوت استقرائي من قارئ إلى آخر حسب بيئته الاجتماعية وميوله الفكرية، لذا نجد تقبل بعض الشرائح في المجتمع للنتاج الأدبي الأجنبي وما يحمله من مضامين جنسية صريحة، في الوقت الذي لا يتقبل من الكاتب المحلي الإشارات والتلميحات البسيطة في عمله الأدبي ويعود لازدواجية الشخصية في مثل هؤلاء الأفراد في الشرائح المجتمعية.
#2#
وقالت المضحي: أنا أستغرب من منع نشر روايتي الأخيرة (أنثى مفخخة) وعدم طباعتها في السعودية دون تبيان الأسباب رغم مخاطبتي لوزير الثقافة والإعلام شخصيا، وطباعتي لها في بيروت، خاصة أن الكتابة عمل حر ويفترض عدم تدخل النقاد أو القراء في توجيه اتهامات وانتهاكات للكتاب كيلا تفقد الكتابة خصوصيتها، مبدية أسفها من قوانين وأنظمة الكتابة والنشر السعودية لضيق فكرها ومحدوديته وعدم حداثته في ظل انتشار الشبكة العنكبوتية وإثرائها للحركة الأدبية من خلال نشرها للكتابات وإلغائها جميع قوانين النشر القديمة.
ورأت المضحي أنه ينبغي أن تكون الرقابة ذاتية وموجودة غير مغيبة في أصل الكاتب بغض النظر عن وجود الرقيب الاجتماعي والديني الذي تسيره أهواء الموظفين في الجهات المعنية لإصدار الروايات حيث لوحظ أن ما يتم قبوله في منطقة يرفض في غيرها نتيجة غياب القواعد والأنظمة المحددة الثابتة المتبعة في أرجاء المملكة دون استثناء، منوهة بأن الوضع المربك غير الواضح جعل الكثير من الكتاب يلجأون للإصدار في الخارج.
#3#
وعن مدى تقبل النقاد وعامة الناس لجرأة الكاتبة واستخدامها لمصطلحات إيحائية تدل على الإثارات الغريزية بينت المضحي أن المسألة وصاية أكثر من أي شيء آخر، بمعنى أن الرجل ما زال يمارس الوصاية على المرأة وإن كانت كاتبة متعلمة مثقفة بنظريته التي يمكن أن توصف بالأبوية، لأن المجتمع الذكوري لا يرغب في أن تقف المرأة بجرأتها وتمردها أمامه، مستدركة أن تمرد المرأة يعود لرد فعل تجاه الضغوط وحالة القهر الاجتماعية.
ولفتت المضحي إلى أن إحلال ثقافة العيب لا تنحصر على الكتاب والرواة وحدهم، إنما على كل شرائح المجتمع لأن النخبة لا يمكنها أن تقود ثورة ثقافية اجتماعية دون توافق مع بقية الجماهير، خاصة أن الملاحظ في الآونة الأخيرة تحول كثير من المفاهيم وحدوث تغيرات في الحقوق والأوضاع تفوق 50 في المائة من تجاوز ثقافة العيب، مفيدة بأن الرواية السعودية أثبتت وجودها على الساحة العربية وإن كانت لا تزال في حاجة إلى الاهتمام والمتابعة والنقد والتطوير، ولا سيما أن مستوى الرواية ما زال يعد حديثا.
من جانبه أوضح الناقد محمد العباس أن المشهد الأدبي السعودي لا يشهد وجود كتابة إباحية جريئة لعدم وجود كتاب وروائيين جريئين ولا يمكن لكتاباتهم أن تصمد أمام الفحص المتبع في قانون الكتابة والنشر، وأن ما يثار من أقوال أو اتهامات وانتقادات يشيعها بعض المثقفين وعامة الناس على الملأ وفي الأوساط الإعلامية ما هي إلا مجرد أوهام لدى مدعيها لا تنم عن قراءة جيدة، وبالتالي لا يتم استيعاب المفهوم الذي احتوته الرواية أو القصة.
وقال العباس: أنا قارئ لمجمل المنجز ولم أجد أعمالا روائية تتجاوز حتى لمن تم اتهامهم بخدش الحياء العام، إنما تخلو من المعاني الإباحية في كل مقاطعها ولا توجد إشارات للممارسة الجنسية أو ما يقاربها ولا في مقطع واحد منها، وأن عدم قراءة الرواية مع تنقل الحديث لمن يعتبر الحديث مع الجنس الآخر معيبا وإباحيا هو سبب تفشي المفاهيم المغلوطة للروايات وكتابها، مؤكدا ضرورة بحث المحرر والإعلامي الجيد وألا ينخدع بالعناوين الخارجية مع عدم أخذه بالأحاديث المشاعة دون الرجوع لصميم الكلام.
وأضاف العباس أن هناك ألفاظا تعد جمالية الفحش اللفظي، وهي متداولة في المجتمعات العربية على ألسنة العجائز باعتبارها من الحكم والأمثال الشعبية، لذا لا تعد انتهاكا في حال إدخال مثل هذه الألفاظ في مستهل سطر أو سطرين من الرواية أو القصة، لافتا إلى أن بعض الروايات التي أثير حولها ضجة كبيرة في وقت سابق تصنف من الروايات الرجعية التي لم تخرج عن إطار العلاقات الزوجية وزواج المرأة وأهميته بالنسبة إليها ولم تصل إلى فكرة الانتهاك التي تبعدها بشكل كبير.
وعرف العباس معنى الكتابة الإباحية بأنها التحدث عن خارج العلاقات الزوجية وممارسة الانتهاك كما عرفها فلورنس بأن الرواية هي طرح الحياة والقول بكل ما في العقل، في حين أن الكتاب السعوديين لا يزالون محافظين ولم يضربوا بالأعراف والقدسيات عرض الحائط ولم يتغافلوا عن التعامل مع الخطوط الحمراء، الدين والجنس والسياسة، وإن دخلت بعض الانتقادات لممثلي المؤسسات الدينية وليس للدين نفسه، منوها بأن تقاليد كتابة الرواية غير متوافرة في المشهد الثقافي المحلي وتفتقد إلى أبسط مقومات الكتابة المدار بشكل فني كي تصل إلى الانتهاكية التي يدعيها الآخرون ويروجون لها في الخارج.