رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


كيف سيكون تقدير النفقة بعد ملتقى القضايا الأسرية؟ (1 من 2)

إن جهود خادم الحرمين الشريفين ـــ يحفظه الله ـــ في تطوير نظام القضاء والجهود الملموسة والمبشرة بالخير من قبل وزير العدل ـــ أعانه الله ـــ تبشر بخير كثير وعيش كريم وحياة راقية وسامية تحت مظلة قيادة حكيمة ولله الحمد. لا شك أن الأدلة عديدة ومن آخرها النهج الذي اتبعته وزارة العدل في سبيل نشر الوعي بآلية العمل وعقد الملتقيات ونشر مختلف الأحكام القضائية في المدونة وتسهيل إجراءات القضايا وتسريعها بكل ما يملكون من علم ووقت وجهد وصلاحيات يعينون فيها الناس على المضي في حياتهم. وأزيد هنا أن ذلك يساهم في تحسين أوضاعهم ومن ثم المشاركة في تنمية هذا الوطن الكريم. إن ''ملتقى القضايا الأسرية في المحاكم الشرعية.. رؤية مستقبلية'' الذي أقيم قبل شهرين تقريبا ورعاه وزير العدل وطرحت فيه قضايا عدة خلال 23 جلسة علمية بالتعاون مع الجمعية السعودية للدراسات الاجتماعية، سلط الأضواء على مواضيع حساسة للمجتمع السعودي من وجهة نظر شرعية متخصصة. في مثل هذه الملتقيات وبحضور عدد من المختصين القانونيين والشرعيين والاجتماعيين أيضا يظهر مدى التحرك الإيجابي لهذه الوزارة نحو تطوير الإجراءات والتسهيل على الناس في إنهاء قضاياهم بوقت أسرع والخروج برؤى جديدة تأخذ في حسبانها مستجدات العصر.
إن التقارب الذي وصل إليه القضاء بين المحاكم الشرعية والمختصين في العلوم الاجتماعية والنفسية كان بمثابة التحول مما كان متبعا في كثير من القضايا بالتقدير إلى الاهتمام بالمؤشرات والمعايير. هذا التحول ليس بغريب، ولكنه يؤكد أنه مواكبة لما يستجد في عصرنا الحاضر من أساليب اتبعت في البيع والشراء والزواج والطلاق والأعمال الحياتية اليومية كافة. بالطبع لفتت المحاور التي نوقشت في هذا الملتقى كل من يقرأ ما نشر عنها ولم تكن ردود الأفعال إلا تقديرا لما أثبتته بأننا قطعنا مسافة طويلة في مسار الجودة والتطوير. بالطبع كان دعم ولاة الأمر ـ يحفظهم الله ـ منقطع النظير وجهود الوزارة ومنسوبيها تجعلنا نسأل الله لهم السداد والمعونة.
علميا فما تمر به عموم الدراسات العلمية وما يمكن أن يستنبط خلال إجراء الدراسة يجعل أهل العلم والاختصاص في كل مجال يوجهون أنظارهم للمتغيرات والمستجدات ويركزون في تحليلاتهم على مدى التغيير الحاصل عبر الزمن. بل يشرعون في دراسات متعمقة ومتشعبة حول ما لاحظوه ليتثبتوا مما استنبط أو وضع فيه نظريات مبدئية ويضعون بذلك أطراً ومناهج تساعد على فهم العلاقات، ومن ثم تساعد من يليهم من طلبة العلم على البحث بما يخرج بنتائج تؤكد أو تبطل ما خلصوا إليه سابقا. في العلوم الشرعية لا يختلف الوضع كثيرا، بل قد يكون الوضع ملحا بإدخال علماء النفس والاجتماع والتخصصات المختلفة الأخرى كالرياضيات والإحصاء وعلوم الاقتصاد حتى يكون الحكم القضائي متزامنا ومراعيا ما يستجد في المجتمعات من اتباع أنماط حياتية جديدة (سلبية كانت أو إيجابية، وملتوية كانت أو مستقيمة) تظلل بظلالها على الأحكام التي تجعل القضاة أكثر قدرة مع الوقت على إصدار الأحكام وهم مطمئنون لإحاطتهم بما يتم فعلاً ميدانيا.
إن موضوع ''النفقة على الأطفال بعد انهيار عقد الزواج'' الذي ظل لقرون مضت يحسب تقديرا وتم فرضه ببعض المرونة والليونة مراعاة لظروف عدة أهمها: وضع المطلوب منه الإنفاق المالي والاجتماعي، والوضع المكاني كأن يعيش الأطفال في مدينة أو قرية أو هجرة، والأسعار الحالية للمتطلبات الأساسية، قد تكون الآن في مركز دائرة الدراسات الحالية والمستقبلية؛ حيث إن الملتقى ركز عليها كأحد أهم العوامل في استقرار الأسر والمجتمع. من جهة أخرى، فما يصدر بين الحين والآخر من إحصاءات عن نسب الطلاق وشكاوى الزوجات (المطلقات) بخروجهن ليعتنين ويربين أطفالا يفترض فيهم أن يكونوا شباب الغد وبناة المستقبل، ولا نفقة تساعد على إعانتهم. إضافة إلى اتجاه الكثير من الآباء إلى الزواج مرة بعد مرة مضيفا إلى أحماله أعباء جديدة تجعله مقصرا أو ممتنعا عن القيام بواجبه. هنا تتحمل المرأة ثقلا لا يتسنى للغالبية منهن أن يتجاوزنه بإمكاناتهن المالية المتواضعة وبالتالي يكون الضحية جيل المستقبل.
كما هو مقر ومعروف أجمع علماء الأمة على أن النفقة والكسوة واجبتان على الزوج، ولكن هناك ضوابط شرعية يحددها أهل العلم والاختصاص والصلاحية (القضاة)، حيث يفتون بها بعد الاطلاع على ملابسات القضايا والاطلاع على أحوال الزوجين الحقيقية خلال قيام عقد الزواج أو بعد انهياره. إلا أن الضوابط الاجتماعية التي تكفل بناء الأسرة بشكل متين وقوي في هذا العصر والآلية التي تناولها علم الاقتصاد في حركة الأسواق استجدت فيها عناصر ومؤشرات قد تكون إشكالا في حد ذاتها تقوض بناء الأسرة إذا لم تحل النزاعات لصالح الأبناء أولاً وتؤخذ هذه المواضيع عند تقدير النفقة بشكل آمن وعصري. وللحديث تتمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي