سلمان المهام الصعبة .. حكمة الرؤية ووفاؤها
''ها هي اليوم تزهو بظل وارف من الأمن والاستقرار، ولله الحمد. هذا الاستقرار الذي بني وأسس على ركيزتين مهمتين هما تطبيق شرع الله التزاماً بكتابه وسنة نبيه الأمين ـــ عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. وثانيتهما العدل الذي أرسى دعائمه جلالة المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، طيب الله ثراه، وستبقى هاتان الركيزتان ما بقيت بلادنا الغالية بحول الله وقوته'' (11 جمادى الآخرة 1433هـ، حفر الباطن). ''أجزم بأن المهام التي يقوم بها الجميع شاقة، لكنني أصبحت على قناعة بأنه مهما كانت تلك المهام شاقة، إلاَّ أن لدينا من فضل الله رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، والعمل الشاق لديهم هو عنصر التحدي'' (5 المحرم 1433هـ، الخرج). ''إنني أشعر بثقل المسؤولية، لكني عندما أراكم وإخوانكم في المناطق الأخرى أشعر بأننا جميعا سنكون على مستوى مسؤوليتنا لخدمة ديننا ووطننا ودولتنا'' (16 جمادى الآخرة 1433هـ، خميس مشيط). كلمات خالدة صدح بها الأمير سلمان - حفظه الله، خلال عدد من زياراته التفقدية لعدد من القطاعات العسكرية في كل من الخرج والمنطقتين الشمالية والجنوبية خلال الفترة الماضية للوقوف على الجاهزية القتالية والتدريبية المستمرة لدعم المنظومة الدفاعية عن وطننا الغالي ومقدراته.
أعيد قراءة هذه الكلمات تزامناً مع مناسبة وطنية عزيزة مقرونة بالثقة والتفاؤل والطموح لصدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، باختيار الأمير سلمان بن عبد العزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع. مناسبة وطنية عزيزة تدعونا إلى مدارسة مجموعة من الدروس في مسيرة الأمير سلمان في خدمة دينه ومليكه ووطنه من خلال ما جسده، حفظه الله، خلال أكثر من نصف قرن من الزمن من دور تاريخي رائد في مسيرة تنمية منطقة الرياض وتطورها بكل مقوماتها التعليمية، الصحية، الاقتصادية، الاجتماعية، والأمنية.
حظيت منطقة الرياض في العاشر من رمضان من عام 1382هـ بتعيين الأمير سلمان أميراً لها بعد فترة الإمارة الأولى خلال 1374- 1380هـ. من أول أعماله عند توليه الإمارة أن وضع مخططاً استراتيجيا بعيد المدى لمدة 50 عاماً لما ستكون عليه الرياض في 2000، بعون الله تعالى وتوفيقه. يقول أمين مدينة الرياض خلال 1966 - 1976م الأمير عبد العزيز بن ثنيان، رحمه الله، واصفاً الهدف من مخطط الرياض الاستراتيجي، ''أن يقوم العمران والنمو في المدينة على أساس سليم وضمن خطة معينة تهدف إلى أن تكون الرياض مدينة حديثة جميلة وتنمو نمواً ضمن أحدث الأسس العلمية في الحسبان بأن تنمو المدينة إلى عام 2000،'' (جريدة ''الجزيرة'' ـ عدد 656، تاريخ 21/7/1973).
تميّزت الرياض نهاية الألفية الماضية ببلوغ الرؤية الأولى وتحقيق نقلة نوعية من حراك تجاري إلى منظومة اقتصادية. نقلة نوعية أسهمت في توثيق جسور العلاقات الدولية عبر مجموعة من الأنشطة كان من ضمنها سلسلة معارض ''الرياض بين الأمس واليوم'' إبان حقبة الثمانينيات الميلادية في عدد من مدن العالم المختلفة. يعود تاريخ معرض ''الرياض بين الأمس واليوم'' إلى منتصف أيلول (سبتمبر) 1985 عندما افتتح الأمير سلمان باكورة هذه السلسلة في مدينة كولون الألمانية. أوضح سموه الكريم في كلمته الافتتاحية للمعرض الهدف من إقامته، المتمثل في ''تعميق التفاهم والصداقة بين البلدين الصديقين (السعودية وألمانيا) عن طريق نشر المعرفة بكل أبعادها؛ وذلك انطلاقا من قوله تعالى في كتابه الكريم: (إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)، (صفحة 11، العدد 4737، 17/9/1985م، صحيفة ''الجزيرة''). اقترن اسم المعرض بمدينة الرياض، وجمع في ترويجه الاقتصادي مدن المملكة كافة. أسهم المعرض في تنمية العلاقات الاقتصادية بين السعودية والدول المستضيفة بدءاً من المدن الألمانية كولون، وفشتوتجارت، وهامبورج، فلندن، باريس، القاهرة، الجزائر، تونس، الدار البيضاء، واشنطن، أتلاتنا، بوسطن، نيويورك، لوس أنجلوس، وأخيرا دالاس.
الخلاصة الشمولية لهذه التطورات أن الرياض شهدت نمواً عمرانياً سريعاً لدرجة أن مواكبته، واستثمار آفاقه، وتفادي تحدياته قد يكون ضرباً من الخيال. لكن، بفضل من الله - عز وجل وتوفيقه، ثم برعاية حكومتنا الرشيدة، وجهود الأمير سلمان، تحولت تحديات الأمس إلى آفاق اليوم.