الأسرة المالكة والشعب السعودي .. مسيرة تنمية
رحم الله الأمير نايف بن عبد العزيز وغفر له وأجزل له الأجر والثواب، أحزنتنا وفاته المفاجئة لنا جميعا ولكن لا نقول إلا ''إنا لله وإنا إليه راجعون'' والبركة بمن خلفه في ولاية العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز ـــ يحفظه الله ـــ الذي أسعد الشعب اختياره فهو الأمير المثقف المحنك الذي خبره الناس حاكما عادلا لمنطقة الرياض متفانيا في خدمة الشعب ومعالجة قضاياه، وبمن خلفه وزيرا للداخلية الأمير أحمد بن عبد العزيز ـــ حفظه الله ـــ أمير الأمن والعلم الذي أمضى أكثر من 35 عاما نائبا لوزير الداخلية عضيدا لشقيقه الأمير نايف ـــ يرحمه الله.
ولقد أسعدتنا سرعة القرارات التي اتخذها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـــ حفظه الله ـــ بتعيين الأمير سلمان بن عبد العزيز ـــ حفظه الله ـــ وليا للعهد إضافة لمنصبه كوزير للدفاع، وقرار تعيين الأمير أحمد بن عبد العزيز ـــ حفظه الله ـــ وزيرا للداخلية، ذلك أن هذه القرارات السريعة تؤكد قدرة الأسرة المالكة على التعامل السريع مع الأحداث دون أن تترك مجالا للتكهنات والشائعات أن تتراكم بشكل سلبي.
لن أتحدث عن مآثر الأمير نايف أو مناقب الأمير سلمان والأمير أحمد فقد تحدث غيري بما فيه الكفاية في جميع وسائل الإعلام القديمة والحديثة، ومهما تحدثنا في ذلك فلن نوفيهم حقهم فقد أفنوا وأبناء الأسرة المالكة الكريمة من أعمارهم السنوات الطوال في خدمة الشعب وقضاياه التنموية كلٌ من موقعه حتى تحولت بلادنا من صحراء قاحلة إلى مدن وقرى عامرة بالمباني والمصانع والمزارع والسكان.
ما أود أن أتحدث عنه أبدأه بهذه القصة، حيث ذهبت قبل نحو سبع سنوات برفقة أحد الزملاء الوافدين لقريتنا والقرى المجاورة وهي قرى قليلة السكان فعندما جال معي في هذه القرى قال أنا فرحٌ جدا بما رأيت، فقلت له وما الذي أفرحك فما رأيت إلا قرى صغيرة متناثرة وبعض المؤسسات الحكومية الموزعة على هذه القرى لخدمتها، فقال رأيت ما يؤكد حرص القيادة على تنمية الإنسان السعودي أينما كان ومهما كانت قريته صغيرة، حيث رأيت المخططات السكنية الحديثة والمدارس والكهرباء والهاتف وشبكات الماء العذب والبنى التحتية رغم قلة السكان، حيث تعد التكلفة في مثل هذه الحالة باهظة جدا على الدولة، ولكنه من الواضح أن الإنسان السعودي غال على قيادته ويعني لها الشيء الكثير، وقال أهنئكم على قيادتكم تعاونوا معها وساندوها لتحقيق المزيد من النجاحات التنموية.
لا أخفيكم أسعدني حديث زميلي والزاوية التي نظر بها لقرانا الصغيرة المتناثرة وما قاله لي من حرص القيادة الكريمة ـــ أيدها الله ـــ على تنمية المواطن السعودي أينما كان وتنمية البيئة التي يعيش فيها بما يرفع من مستوى معيشته وجودة حياته حتى وإن كانت تكلفة ذلك باهظة جدا وإن كان ذلك جليا بالنسبة لي، وتقبلت تهنئته وتمنيت أن يرزق الله بلاده بقيادة مماثلة حيث ترزح بلاده تحت قيادة اختصرت الوطن في حزب يأكل الأخضر واليابس ويهين كرامة المواطن ليل نهار.
وأقول ماذا سيقول زميلي الذي غادر البلاد لو رأى بلادي وقد تحولت منذ نحو خمس سنوات لورشة عمل في جميع أنحائها، حيث العمل على مد آلاف الكيلومترات من الطرق المزدوجة وسكك الحديد لربط جميع أنحاء المملكة بشبكة طرق وسكك حديد تسهل انتقال الأفراد والمواد والبضائع من مكان إلى آخر، وحيث العمل على تأسيس وتشغيل مئات المدارس سنويا وتسع جامعات جديدة في جميع أنحاء المملكة خصوصا الطرفية منها وفق أحدث المعايير وبكافة الكليات، إضافة لمجمعات الكليات في المحافظات والمعاهد الفنية والتقنية ومدن البنات الجامعية، وحيث العمل على تطوير وتشغيل عشرات المستشفيات أيضا منها نحو 13 مستشفى جامعيا.
مسيرة تنمية بدأت بتكاتف الأسرة المالكة والشعب السعودي عام 1932 بعد توحيد المملكة على يد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن ـــ يرحمه الله ـــ وتسارعت وتيرتها شيئا فشيئا حتى وصلت قمتها بعد ارتفاع أسعار النفط في منتصف السبعينيات الميلادية، وهي مسيرة حققت إنجازات هائلة ومبهرة مقارنة بالدول النامية في المنطقة التي تتمتع بموارد أغنى من المملكة كالعراق على سبيل المثال التي تمتلك النفط والأنهر والأراضي الزراعية الخصبة والموارد البشرية الهائلة، وهي إنجازات تحققت رغم العوائق والمشاكل الكثيرة التي اعترضت المسيرة من حروب إقليمية وأزمات اقتصادية حادة وتذبذب حاد في أسعار النفط الذي وصل سعره لأقل من عشرة دولارات للبرميل فترة الثمانينيات والتسعينيات التي شهدت الحرب العراقية ـــ الإيرانية وحرب احتلال وتحرير الكويت.
مسيرة التنمية التي أوصلتنا لما وصلنا إليه اليوم من نهضة وتطور وتقدم وبنى تحتية وفي ظل الظروف الحالية المحيطة بنا خصوصا تلك التي استدرجتها الجمهوريات العربية للمنطقة بأفعالها التي تناقض أقوالها والتي أخفقت في تنمية بلدانها وشعوبها، أقول هي مسيرة علينا أن نحافظ على وتيرتها وأن ندعم القيادة الكريمة التي أثبتت قدرتها على التعامل الفعال مع جميع الظروف والمعطيات بما فيها تلك التي تلت أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) الإرهابية وتداعياتها على المملكة والتي كان للأمير نايف ـــ يرحمه الله ـــ دور كبير في التصدي لها، نعم يجب أن ندعم هذه المسيرة التنموية الرائعة عبر العمل الجاد والمسؤول كل من موقعه ومن خلال استثمار الفرص التعليمية والتدريبية والوظيفية والاستثمارية التي تتيحها بلادنا لمواطنيها.
ختاما: أفخر كما يفخر كل مواطن سعودي بقيادتنا الكريمة وإنجازاتها التنموية الهائلة وأتطلع لمزيد من التكاتف المخطط بين القيادة والشعب للقفز ببلادنا إلى مصاف الدول المتقدمة في جميع المجالات بما في ذلك تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وهو أمر متناول في ظل قيادتنا الحكيمة التي تبذل الغالي والنفيس لتحقيق ذلك بالاستثمار بالموارد البشرية الوطنية وسيلة التنمية وغايتها.