هيدرات الميثان.. القادم الجديد
أحد المجالات التي يمكن أن تحقق اختراقا سريعا آخر في موارد الطاقة الطبيعية قد يكون مشابها إلى حد للسجيل الصخري وهو الغاز الطبيعي المتجمد والمتحد مع الماء مكونا طبقات من الجليد تعرف هيدرات الميثان Methane Hydrate. هيدرات الميثان هي عبارة عن هياكل ثلاثية الأبعاد من الجليد انحصر فيها الغاز الطبيعي على مر العصور. عند إذابة هذه الطبقات الجليدية أو تعرضها لمستويات مختلفة من الضغط والحرارة تتحرر جزيئات الميثان المتجمدة على شكل غاز. تتواجد هذه التجمعات من طبقات هيدرات الميثان في ترسبات طبقات المحيطات العميقة جدا وعلى اليابسة بكميات كبيرة تحت طبقات الجليد في القطب الشمالي Arctic.
غالبا ما توصف الموارد العالمية من هيدرات الغاز بأنها موارد هائلة جدا، لكن إنتاج كميات تجارية من هذه الموارد يجابه تحديات وصعوبات كبيرة، حيث تتواجد هذه المصادر بتراكيز مختلفة في رواسب من حبيبات الرمل الدقيقة. لكن مع ذلك تشير الأبحاث الحديثة إلى أن منطقة القطب الشمالي تحوي كميات كبيرة من هيدرات الغاز قابلة للاسترداد (إنتاج) باستخدام التقنيات المتوفرة حاليا: الهيدرات عبارة عن مكامن معظمها رملية تحتوي على تراكيز عالية من الغاز المتجمد مع الماء. لقد ازداد الاهتمام في إنتاج الهيدرات بعد قيام هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية USGS بنشر تقييمات عن كميات غاز الهيدرات المتواجدة على المنحدر الشمالي للقارة في عام 1995.
في عام 2002 قامت شركة يابانية بالتعاون مع الحكومة الكندية ضمن مشروع مشترك بإجراء اختبارات تجريبية لإنتاج الهيدرات من منطقة تعرف ''ماليك'' في المناطق الشمالية الغربية من كندا. كانت النتائج مشجعة، ما دفع الطرفان إلى الاقتناع بتحويل اتجاه أبحاثهم من طريقة التحفيز الحراري السائدة إلى طريقة تخفيض ضغط المكمن، كونها أفضل لإنتاج الغاز من الهيدرات. في عام 2007 و2008 عادت اليابان وكندا لإجراء مزيد من التجارب والفحوص بلغت في ذروتها الوصول إلى إنتاج مستمر ومتصاعد للغاز لمدة ستة أيام. هذه النتائج شجعت الحكومة اليابانية على إطلاق مجموعة من التجارب والأبحاث تستهدف طبقات هيدرات الغاز المتواجدة في المياه العميقة قبالة الساحل الجنوبي الشرقي لليابان.
في عام 2007 أيضا، قام المختبر الوطني للطاقة والتكنولوجيا لوزارة الطاقة الأمريكية وشركة بريتيش بتروليوم ألاسكا بإجراء سلسلة من البحوث على إنتاج الهيدرات من منطقة المنحدر الشمالي لألاسكا. لقد أثبتت البحوث التي أجرت اختبارات مكمنية من خلال بئر غير مبطنة على إمكانية إنتاج الغاز باستخدام طريقة تخفيض ضغط المكمن، كما تمكن فريق العمل من تحديد إنتاجية المكمن المستقبلية.
في ضوء هذه النتائج والمعلومات قدرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية في عام 2008 الاحتياطي الغازي غير المكتشف القابل للاسترداد بالتقنيات الحالية من تكوينات هيدرات الميثان المتواجدة في المنحدر الشمالي لمنطقة ألاسكا وحدها بنحو 85 تريليون قدم مكعبة من الغاز، يعتبر هذا التقييم أول تقييم في العالم لاحتياطي هيدرات الغاز القابل للإنتاج بالتقنيات المتوافرة حاليا. في حين تشير التقديرات المتداولة وفقا لتقرير صدر حديثا من وزارة الطاقة الأمريكية إلى أن موارد هيدرات غاز الميثان العالمية تقدر بنحو 20000 تريليون متر مكعب، أو نحو 700000 تريليون قدم مكعبة، هذا الرقم يفوق الاحتياطيات الحالية لموارد الغاز الطبيعي التقليدية بنحو 100 مرة.
نتيجة للنجاح الذي تحقق في منطقة المنحدر الشمالي لألاسكا، تتعاون وزارة الطاقة وهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية مع الشركات العاملة في المنطقة، خصوصا شركتي بريتيش بتروليوم وكونوكو فيليبس، لإجراء اختبار حقلي لمدة طويلة لاختبار عملية تبادل غاز ثاني أوكسيد الكربون مع غاز الميثان في منطقة حقل برودو باي.
من خلال هذه الاختبارات تحاول الشركات تحقيق تجربة حقلية مسيطر عليها توفر قدرا أكبر من المعلومات عن السلوكيات الهيدروليكية الطبيعية لمكامن هيدرات الغاز. في الوقت الحاضر لا تسعى الشركات إلى الوصول إلى أعلى معدلات الإنتاج، لكنها بدل من ذلك تحاول التوصل إلى فهم أفضل للعمليات الفيزيائية والديناميكية داخل المكامن. في الاختبارات اللاحقة سوف يحاولون الاستفادة من المعلومات التي جمعوها والخبرة التي اكتسبوها من مختلف التجارب لتصميم البرامج الميدانية التي من شأنها معالجة الجدوى الاقتصادية والوصول إلى مستويات عالية من الإنتاج.
لقد تمت المباشرة أولا بمشروع شركة كونوكو فيليبس بالتعاون مع هيئة النفط، الغاز والمعادن اليابانية ووزارة الطاقة الأمريكية، في نيسان (أبريل) الماضي أعلنت وزارة الطاقة الأمريكية النجاح في الوصول إلى إنتاج مستمر من الغاز الطبيعي من هيدرات الميثان في المنحدر الشمالي لألاسكا، ما قد يمهد الطريق لاستغلال مصادر جديدة للطاقة غير مستغلة في منطقة القطب الشمالي. خلال التجارب الأولية تم حقن خليط من ثاني أوكسيد الكربون والنيتروجين في تشكيلات هيدرات الميثان لتسهيل تحرير غاز الميثان من الهيدرات، ما أدى إلى إنتاج الغاز وفي نفس الوقت خزن ثاني أوكسيد الكربون.
وقد دفعت النتائج التي تم تحقيقها في المنحدر الشمالي لألاسكا وزارة الطاقة الأمريكية لإطلاق أبحاث واختبارات جديدة أطول أجلا في منطقة القطب الشمالي تهدف إلى التوصل لإنتاج مستدام ومجد تجاريا، في نفس الوقت تساعدها على استكشاف التقنيات التي يمكنها تحديد مكان وأسلوب استخراج هيدرات الميثان على نطاق واسع من خليج المكسيك.
اليابان، التي كانت شريكا في الاختبارات من خلال شركة النفط والغاز والمعادن الوطنية، تتطلع أيضا إلى إنتاج هيدرات الميثان، في أوائل هذا العام قامت بعمليات حفر تحت قاع البحر تبعد 50 ميلا قبالة سواحلها بحثا عن هيدرات الميثان.