أسعار الوقود في المملكة.. هل لنا تأثير سلبي؟
صدرت دعوة من الهيئة الاستشارية الوطنية في الإمارات إما بتخفيض أسعار وقود السيارات أو دفع دعم مالي لتعويضهم عن الأسعار "العالية". متوسط دخل الفرد في الإمارات يبلغ نحو 48.200 ألف دولار في السنة، وهذا من أعلى مستويات الدخل في العالم، ولكن الناس دائماً تنظر إلى نصف الكوب الفارغ، حيث يقارن المواطن الإماراتي سعر الوقود الذي يبلغ 1.76 ريال للتر بعد أن رفعت الإمارات السعر 26 في المائة في 2010، بينما ارتفعت الرواتب بنسبة أعلى على مدى السنوات القليلة الماضية، فسرعان ما يقارن الإماراتي السعر مع المملكة (60 هللة للتر) وقطر (71 هللة). سجلت الإمارات خسائر باهظة نظراً لدعم الوقود بلغت 8.68 مليار ريال في 2011 وتقدّر هذا العام بــ 12.25 مليار ريال.
هذه توصية وليست قراراً، الغالب أن الحكومة لن تخفض الأسعار، خاصة في ظل الخسائر المتصاعدة من ناحية وقلة المواطنين مقارنة بالوافدين. لعل الإشكالية في الإمارات انعكاس لوضع غير متوازن أو مستدام في المملكة، فإذا كانت الخسائر بهذا الحجم فماذا عساها أن تكون في المملكة؟ لم تنشر أرقام عن المملكة ولكن نظراً لحجم السكان والفجوة بين السعريْن العالمي والسعودي لا بد أن الخسائر تتعدّى 120 مليار ريال سنوياً، على أقل تقدير، خاصة أن جزءاً منها يذهب إلى التهريب، ولعل أحد المستفيدين "الإمارات" نظراً لاختلاف السعر، خاصة في الديزل.
الجدير بالذكر أن منافس المملكة في أرخص سعر فنزويلا، أحد أبرز الأمثلة التاريخية في ضعف إدارة الموارد خاصة والتنمية الاقتصادية عامة، إضافة إلى تفشي الجريمة بعد اليأس المتراكم من الفشل التنموي وضعف الرابط الاقتصادي مع إدارة الموارد الطبيعية.
ما الحل؟
اقتصاد المملكة هو الأكبر في المنطقة، ولذلك عليه أن يكون المثال الأفضل في إدارة الموارد والمواءمة بين مصالح المواطنين المباشرة رفاهياً واقتصادياً. التفريط بين هذين الاستحقاقين يحمل مخاطر كبيرة. سمحنا لأنفسنا أن نكون مثالاً أقل من أن يُحتذى به نظراً لتراكم إداري غير فاعل ومفاهيم مغلوطة ومضللة في الجوهر وغير اقتصادية، ولذلك غير قابلة للاستدامة. ولكن الحل بسيط. رفع الأسعار إلى حد إيقاف النزيف، وهذا يقتضي تحويل هذا المبلغ (120 مليار ريال) إلى المواطنين مباشرة على طريقة نظام حافز لكل مواطن بالتساوي ثم رفع الأسعار، حيث تبدأ عملية التكرير والتوزيع على درجة معقولة من الربحية ومن ثم تخصيص هذه القطاعات لمزيد من الفعالية والشفافية. العناد في مواجهة الواقع لابد أن يكون حالة من شراء الوقت، ولكن الفاتورة المجتمعية قد تكون ممكنة اليوم، ولكن تكلفتها قد تتعدّى التكلفة المالية لاحقاً.