رحم الله .. المؤمن القوي نايف بن عبد العزيز
لم يكن وقع الخبر على الناس سهلاً.. فالوطن كل الوطن كان ينتظر عودة نايف بن عبد العزيز سليماً معافى بعد أن شاهده الجميع عبر التلفزيون منذ أيام قليلة وهو يتحدث ويبتسم لزائريه في مقر إقامته في جنيف.. وفي صباح يوم أمس السبت وافته المنية وأذيع الخبر رسمياً وتصاعدت الدعوات إلى العلي القدير أن يرحم المؤمن القوي نايف بن عبد العزيز، الذي عرفه هذا الشعب مدافعاً قوياً شجاعاً عن العقيدة الصحيحة وجندياً أميناً ثبت أركان الأمن ووقف في وجه الإرهاب والجريمة بكل حزم بالمناصحة والحوار الفكري أكثر من القوة العسكرية.. ولقد انخرط الأمير نايف بن عبد العزيز في الخدمة العامة في وقت مبكر، حيث عمل وكيلاً لإمارة منطقة الرياض عام 1371هـ، ثم أميراً للمنطقة عام 1372هـ، ونائباً لوزير الداخلية عام 1394هـ، ثم وزيراً للداخلية 1395هـ، وأخيراً نائباً لرئيس مجلس الوزراء عام 1430هـ، ووليا للعهد عام 1432هـ.
وبالإضافة إلى الوظائف الرسمية تولى رئاسة مجالس مهمة في المجالات الإعلامية والخيرية وتنمية الموارد البشرية وترأس أيضاً اللجنة التي وضعت النظام الأساسي للحكم ونظام مجلس الشورى ونظام المناطق.
ومن كل ما تقدم يتضح أن سموه (يرحمه الله) كان رجل دولة من الطراز الأول وكان حليماً وحازماً وهما صفتان يندر اجتماعهما في النفس البشرية إلا لدى القادة العظماء.. ويتميز فقيدنا الكبير بأنه يستمع بشكل جيد وهادئ للموضوعات التي تعرض عليه ثم يتخذ القرار اللازم دون أي انفعال.. ولعل الزملاء الكُتاب يتذكرون لقاءات عديدة جمعتنا بسموه فكان واسع الصدر يحتفي بمن يضع يده في يده مصافحاً ويسأل عن حاله بحفاوة تشعره بأنه يخصه بتلك الحفاوة بينما هي للجميع.. لأنها خلق كريم لم يتغير مع تغير المناصب وعظم المسؤولية.. وأي مسؤولية أكبر من قطاع الأمن.
ومن صفات سموه المعروفة للجميع دقته في اختيار الكلمات حينما يرتجل خطاباً.. ولذا فإن كلماته المرتجلة أفضل بكثير مما يتم إعداده مكتوباً.
وإلى جانب الوظيفة الرسمية وجهود سموه في تدعيم الأمن والاستقرار في المملكة كانت له جهود في توظيف الشباب السعودي، حيث رأس مجلس القوى العاملة، ثم رأس مجلس إدارة صندوق التنمية البشرية، وكان يتابع تنفيذ سياسات إحلال المواطنين في الوظائف، ويمنح الجوائز للمؤسسات والشركات التي تحقق نسبة عالية في هذا المجال.
وأخيراً: الأمير نايف بن عبد العزيز فقيد كبير، ولكن هذه البلاد - ولله الحمد - غنية بالرجال القادرين على إكمال المسيرة بقيادة خادم الحرمين الشريفين.. وستظل الأنظمة والتشريعات التي وضعها الأمير نايف بن عبد العزيز في جميع المجالات، وخاصة في مجال الأمن، مطبقة وفعّالة لحماية بلادنا من المخاطر التي تهددها من جميع الجهات، وما زلت أذكر رداً حازماً من سموه على تصريح لمسؤول إيراني قبل سنوات، قال (إن أحداثاً ستقع في موسم الحج) ورد الأمير نايف في مؤتمر صحفي وبكل هدوء (وأنا أقول لن يحدث شيء من ذلك بإذن الله)، وفعلاً مرّ موسم الحج بسلام.. رحم الله المؤمن القوي وأسكنه فسيح جناته وجزاه الله عن بلاده خير الجزاء.