رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


أنجح المؤسسات تنمويا أقدرها على التعامل مع الشبكات

في المقال السابق كان الحديث عن توجه المنظمات في الاعتماد على الشبكات الخدمية Business Network أو Stakeholders Network لقياس مدى تقدم الدول في تحقيق متطلبات التنمية المستدامة. وليكون التصور واضحا حول عمل الشبكات وإنجازاتها فإن محور الحديث سيكون هنا حول الإعداد لشبكات فاعلة في كل مجال ولكل برنامج يمكن أن تحقق استراتيجيات وأهداف الدولة في إجادة عمل أو رفع مستوى ثقافي وفكري أو إنجاز تقدم علمي غير مسبوق أو نهضة شمولية تحذو حذوها مجتمعات لم تستطع إيجاد سبيل لذلك.
واقعيا وقبل تكوين أو تأسيس أي شبكة لا بد أن تعالج كل منشأة تتحد في بعض التوجهات مع أخرى مشاكلها من خلال الإجابة عن أسئلة عدة تمهد لسيرها في طريق التنمية دون عوائق تتسبب فيها أو تعوقها. أهم هذه الأسئلة يبدأ بـ:
(1) هل تفحصنا قدرتنا على تحقيق الأهداف، ومن ثم عمق نظرتنا المستقبلية وقوة العزيمة حيال البقاء في وجه مخلفات الماضي ومفاجآت الحاضر؟
(2) ما مكانتنا وموقعنا في نفوس المستفيدين وباقي أفراد المجتمع؟
(3) هل علاقة المؤسسة بالمجتمع المهتم وغير المهتم في مكانها أم تحركت أم تجمدت عند نقطة معينة؟
(4) ما الذي تحقق من إنجازات إبداعية علمية ميدانية أم ثقافية أم غير ذلك يجعل هذه المؤسسة محببة ومقربة لدى المجتمع؟ (5) هل المسؤولون في المراتب العليا على وفاق ووئام يجبرون الجميع مع المستشارين والخبراء والموظفين على التصرف بكل سمو أخلاق وحسن أداء؟
(6) هل الاعتماد على الأسس والقوانين يتم لتسيير العمل برؤية مستقبلية؟
(7) هل نسبة نجاح المشاريع تفوق النسب الموضوعة حسب قياسات معايير المنظمات الدولية؟
(8) هل سنحقق مكاسب معلوماتية ومادية من تشكيل الشبكة والبقاء فيها إلى أن تتحقق الأهداف التي منها جلب مشاريع ودعم للميزانية... إلخ؟
(9) هل فعلا بالالتحاق بالشبكة نكون أفضل عملا وأخلاقا وبالتالي سمعة وسيرة.
(10) هل بالاتحاد بهذه الشبكة نكون أقوى وأقرب لتوحيد التوجه والوصول إلى تأييد سياسي واجتماعي يقف أمام العوائق محلية كانت أم خارجية؟
(11) هل نستطيع بعد هذه التكتلات الاستمرار في قدرتنا على ابتكار المشاريع وإجادة تنفيذها مع وجود الدعم المستمر قانونيا وماليا؟
إذا أجبنا عن الأسئلة بكل أمانة قولا وفعلاً، فسنجيب عن السؤال الكبير: ماذا استفاد المجتمع حولنا؟ وما التأثير الفعلي الذي يمكن قياسه في سبيل تحقيق التنمية المستدامة؟
إن الهيكل في الشبكة يكاد يكون معدوما لأنه ببساطة ''شبكي'' ولكن مع ذلك سيادة كل فريق في الشبكة متحققة 100 في المائة. كما أن تعقيد الشبكة يعتمد على عدد الأعضاء وتعقيد أنظمتها وثقافة مسؤوليها، لذلك فالدور الرئيس الذي يلعبه أكثر الأعضاء خدمة للهدف في الدولة هو ما يقيض أو يساعد على نجاح المهمة، فهل يمكن أن تنبع من مكاتب وأروقة كل مؤسسة إلا ما يدل على تنظيم الفكر وسلاسة الأداء وجودته. إن ما يميز الشبكة عن أية منظومة هو أن القيادة فيها جماعية، بينما يتمتع كل عضو (وزارة أو هيئة أو مؤسسة) بسيادته، فهي عبارة عن أدوار يلعبها الأعضاء تحت مظلة الأهداف المراد تحقيقها. بالطبع تواجه جميع القطاعات الكثير من العقبات وتدخل أنفاقا بعضها ضيق حرج وأخرى طويلة كثيرة المنعطفات، ولكن المشيئة التي جمعت هذه الجهات لتخدم الأسباب تجعل هذا التكتل يسهل مسألة جمع البيانات بشكل نموذجي ومن ثم التحليل بشكل شمولي وبتطبيق المعايير لجودة أداء وتطوير السوق لاقتصاد أكثر مرونة - مع الحفاظ على متانته - وتعليم متوال ينقل المجتمع من مستوى إلى آخر، فيكون بذلك أفضل إنتاجا وأوسع إدراكا متأقلما لما يدور حوله في العالم. في النهاية بتحديد الزمن الذي تلعب فيه هذه الأجهزة أدوارها يكون لزاما عليهم أن يصلوا إلى النقطة التي اتفقوا عليها ليبدؤوا برنامجا جديدا أو قد يكونوا منخرطين أصلا فيه ليحققوا إنجازا جديدا.
الأبحاث العلمية تشير إلى أن العمل في شبكة تضم مؤسسات مشتركة في التوجه والهدف وتسعى إلى معيارية الأداء بينها، يخفض تكاليف إنجاز المشاريع بل ويوجه كثيرا من الموارد نحو اكتشافات جديدة تعود على التجمع بالخير، حيث تتحقق الأهداف في وقت أقصر وتتحقق في الميزانية فوائض يمكن توجيهها لاستثمارات أخرى. هذا المفهوم إذا تم تبنيه على مستوى دول الخليج فإن مشكلات الوحدة المأمولة - بإذن الله - محلولة، لأن التدرج في التخطيط المدني ثم المناطقي ثم القُطري ثم الخليجي سيبني تكاملا في زمن كان أشبه بالحلم وأصبح حقيقة.
عمليا يمكن أن ننظر بعمق في كيفية أن تكون الشبكة أكثر توفيرا للموارد واستخداماتها بشكل نموذجي، ولكن نحتاج إلى النوايا الصادقة المكرسة للمفهوم لأن السنوات الثلاث المقبلة ستكون سنوات تحليلية وما ينتج عن ذلك سيكون إما مقدمة لبرامج مستقبلية أكثر عمقا وتداخلا بين المؤسسات المدنية المختلفة أو تراجعا يكرس لأوضاع إدارية غير محفزة وتحتاج فعلا إلى تدخل حازم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي