ممثلون سعوديون يرفضون شروط شركات إنتاج خليجية ويتركون أعمالهم
أبدى عدد من الممثلين السعوديين استياءهم من تدخل بعض شركات الإنتاج الخليجية التي تعنى بربط الأعمال التلفزيونية مع القنوات الفضائية، في سير العمل ووضعها لشروط أشبه ما تكون تطفيشية إزاء التضخم الحاصل في كثرة أعداد المقبلين على دخول مجال الفن، والتي تشهدها السوق في الآونة الأخيرة، حيث أسهمت هذه الشروط والتدخلات في ترك ما نسبته 25 في المائة من الممثلين لأعمالهم، مطالبين في الوقت ذاته بوجود اتحاد للممثلين يحمي الممثلين ويحفظ حقوقهم.
في هذا الصدد أكد المخرج عبد الخالق الغانم أن أغلب معاناة المنتجين هي عدم توافر المناخ الفني المناسب للحد من إضاعة الوقت والجهد، والذي يتطلب في أوقات الذروة كقرب شهر رمضان استقطاب طاقم فني من خارج الدولة كفني إضاءة، وتصوير، وصوت، وممثلين، نتيجة أن أغلب الأعمال تنفذ في وقت واحد، ولذا فإن أغلب الموجودين في المنطقة مرتبطون بأعمال أخرى، منوها إلى أن هذه المعاناة لا تعانيها شركات الإنتاج في السعودية وحدها، إنما هي معاناة في كل شركات الوطن العربي.
وقال الغانم لـ ''الاقتصادية'': منتج العمل كونه مرتبط بعقود مع القنوات الفضائية بأسماء محددة لنجوم شهيرة من ممثلين ومخرجين، بالتالي هو يضع أسماء بديلة في حال لم يتمكن أي من الأسماء المرشحة من المخرجين أو الممثلين من أداء العمل المنوطة به، كما أن المنتج قبل بدء العمل يكون لديه النص جاهزا من قبل المؤلف في عمل الحبكة الدرامية مع كل أدواتها، قد يحدث بعض التشاور ما بين المخرج والمنتج في اختيار البديل بحسب ما تقتضيه مصلحة العمل، مستدركا أن المخرج في الأغلب لا يعترض مع المنتج على ما يراه مناسبا لسير العمل.
ولفت الغانم إلى أن تعديل العمل من قبل المخرج والمنتج ضروري لزيادة عنصر التشويق وإضفاء نوع من الجماليات والمحسنات، ولا سيما أن الأخير مسؤول عن تسويق العمل ومرتبط بعقود عليه الإيفاء بها، في حين أنه قد يحدث ويرفض مخرج العمل ما يقدمه المنتج من نص يلزم بالالتزام به دون تعديل أو إضافة، مشيرا إلى أنه كمخرج سبق أن رفض أعمالا قدمت له بسبب تدخل المنتج واختلافه معه في وجهات النظر.
#2#
من جانب آخر، أوضح الممثل سمير الناصر أن قلة من شركات الإنتاج التي تمتلك القدرة على التدخل في شؤون العمل الفني، في حين أن القنوات الفضائية التي تتبنى العرض الحصري هي الأكثر تدخلا في نوعية القصة ونوعية الإخراج، إضافة إلى كبار المسؤولين في التوزيع الذين قد يطلبون تغيير أسماء الممثلين وشروطا معينة تفرضها عملية التسويق متسببة بهلهلة المواضيع بحسب قوله، ولذا المسوق يفرض على القناة الفضائية أو على الشركة المنتجة شروطا تدعم تسويق العمل وتعزز مصلحة المستثمر.
وقال الناصر: ''الأعمال الدرامية التراجيدية أصبحت نتيجة تحكم المعلن تتشكل في قضيتها العنصر النسائي أكثر من الرجالي، وبالتالي الاهتمام بالشكليات هو الغالب في مثل هذه الأعمال، كما قد يتخللها بعض المشاهد التي تخدش الحياء العام وتثير حفيظة العائلة، كون أن صاحب القرار ليس الرقيب، وإنما المعلن نفسه الذي يهدف إلى تحقيق نسبة مشاهدة عالية لرؤية الأربعة إلى الخمسة إعلانات خلال عرض العمل، وأن مثل هذه الأعمال السطحية المعتمدة على الإغراءات الشكلية عرضت ونسيت ولم تبق حاضرة في ذاكرة المشاهد''.
وعن مدى تقبل الممثلين لتدخلات المعلن أو الموزع في سير العمل أفاد الناصر أن ما يناهز 25 في المائة من الممثلين رفضوا تدخل وشروط المعلنين وتركوا العمل، في حين أن بعض الممثلين وجدها تقدم له قفزة جماهيرية وفرصة للبقاء، ولا سيما أن الجيل الصاعد من الشباب تعد فرصهم معدودة أمام وفرة عددهم، لافتا إلى أن اختلاف بيئة المخرج وثقافته مع بيئة الممثلين في السعودية تتطلب مجالا خصبا للنقاش لمناسبة الدور مع الحياة الاجتماعية في المنطقة، خاصة في ظل بزوغ تجارة المفاتن بطريقة غير مباشرة.
في حين يرى فنان فضل عدم ذكر اسمه أن شركات الإنتاج المحلية ضيقة الأفق ومحدودة الفكر في التعامل مع المسائل الفنية والممثلين نتيجة تفكيرهم التجاري واهتمامهم الربحي، كما أن بعض هذه الشركات يماطل في دفع المبالغ المتفقة قبل بدء العمل متناسين تأثير ذلك في أداء الممثل والمخرج على حد سواء، منوها إلى أن لشخصية المخرج والممثل الدور الكبير في الحد من تدخل المنتجين في صميم العمل وصالحه ولا سيما أصحاب الأسماء الكبيرة المرغوب فيهم وبتشريفهم للعمل.
وتابع حديثه بأن الممثلين من الشباب والشابات هم الأكثر استغلالا من قبل المنتجين بسبب رغبتهم وحماسهم في البروز ونيل الفرص في التمثيل، معلنا أن افتقار السعودية لوجود جهة رسمية معنية للحد من تدخل شركات الإنتاج وضبط القوانين في إجراءات التعامل الفني بين الأطراف، كاتحاد الممثلين الموجود في مصر لحماية الممثلين، ساهم عدم وجود ما يشابه هذا الاتحاد لدينا في تفاقم المشكلة وتمادي بعض الشركات في وضع شروطها التي يمكن وصفها بالتطفيشية بحسب قوله.
بدوره، يتفق الممثل الشاب محمد الهاشم مع رأي سابقه في أن بعض مديري الإنتاج يعملون على استغلال طاقات الشباب في تشغيلهم خلف الكواليس وهو أمر غير منصوص عليه ضمن الاتفاق، إلا أن من باب المجاملة والتقرب والتودد للمنتجين لا يعترض بعض الممثلين على تقديم خدمة وعمل لا علاقة له بدوره في العمل التلفزيوني، كاشفا أن حلاوة العمل لدى محبي الفن هو أهم أهدافهم دون التفكير بالمسائل المالية أو أي شيء آخر، لأن الفن رسالة سامية يمكن إيصالها لأكبر شريحة في المجتمع.