الإجازة الصيفية.. والمساهمة الاجتماعية

قد يكون موضوع الإجازة الصيفية وهموم الإجازة، من المواضيع التي ينطبق عليها قول ''الأسطوانة المشروخة''، الكل يتحدث عنها خطباء المساجد، المربون، الآباء، والإعلاميين. وكل شخص يتناولها من منظوره الخاص. لكن في هذا اليوم أعتقد أن موضوع المساهمة المجتمعية يجب أن يكون من أهم موضوعات تفريغ طاقات الشباب في الإجازات، فهي فرصة لاكتشاف مواهبهم، وتهيئتهم للحياة المستقبلية. وهي بالتأكيد اختبار حقيقي لكل شركاتنا التي تدعي أنها عنصر فاعل في المواطنة والمساهمة الاجتماعية. ثلاثة عناصر ذات ارتباط وثيق بهذا الموضوع: الشركات والشباب ومجالات العمل. يجب أن تتكاتف جميع الجهود لتحقيق الاستفادة العظمى من طاقات الشباب، وأوقاتهم، والاستفادة مما سينفق على هذه البرامج الصيفية.
بالنسبة للشركات، يحرص عديد من الشركات على المساهمة في تدريب الشباب من خلال منحهم وظائف مؤقتة خلال موسم الصيف. أحيانا تكون هذه الوظائف تحت ضغط الجهة الرسمية، أو لكسب تعاطف الجهات الرسمية مع هذه الشركات، وفي أحيان عديدة تكون هذه الفرص التدريبية صورية ومجرد مكافآت تمنح في نهاية الشهر مقابل تسجيل بيانات الطالب. وهذا بلا شك فيه تجنٍ على الشباب وقتل لإبداعهم ومهاراتهم وتلاعب بالأنظمة والقوانين. قد يكون لبعض هذه الجهات عذرها المقبول في أن الشباب لا يملكون التأهيل الكافي ليتولوا مهام عمل كامل في هذه المنظمات، لكن الهدف من هذه البرامج هو تأهيلهم بشكل صحيح وليس تعليمهم التلاعب بالأنظمة.
أما بالنسبة للشباب، فأغلبية شباب التعليم الجامعي يحرصون على الحصول على مثل هذه الفرص، التي قد تفتح لهم آفاقا مستقبلية، وتساعدهم على قضاء أوقات فراغهم، لكنهم يواجهون بصدود منسوبي الشركات ''إلا قليل''. والبعض قد تروق لهم فكرة الحصول على مكافأة مالية بسيطة دون تعب. والحقيقة أن هذا أيضا فيه تجنٍ على الوطن، وبدلا من تأهيل هؤلاء الشباب بالتأهيل الذي يصقل مهاراتهم، يتم تأهيلهم للتلاعب بالأنظمة وتجاوزها والتخاذل في إنجاز المصالح العامة. ثم نشتكي بعد زمن من وجود الإهمال والتقصير وقد تتطور الشكوى إلى وجود علامات الفساد في أداء الأمانة الموكلة إلى بعضهم.
بقي أن نقول: ما الذي يمكن أن تقدمه هذه الشركات من برامج لهؤلاء الشباب والشابات؟ الحقيقة أن المساحة لن تكفي لذكر إلا الجزء اليسير من ذلك، ولكن على الشركات أن تنوع في أشكال دعمها المجتمعي، وأن تتعاون مع الجامعات والجهات التطوعية المتخصصة لتصميم برامج يستفيد فيها الشباب من طاقاتهم وأوقاتهم، وبذلك تسهم الشركات في حل مشكلة اجتماعية تتكرر كل عام، ويستفيد المجتمع والوطن من هذه الإمكانات شبه المهدرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي