رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


غياب السعودي في قطاع تجارة الجملة والتجزئة مسؤولية مَن؟!

لا يخفى على أحد خطورة البطالة وأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والأمنية! لذا حظيت باهتمام المجتمع عموماً والحكومة خصوصاً. فقد اتخذت الدولة سياسات وإجراءات وقرارات متعددة للحد من البطالة منها قرار (50)، وسعودة العمالة في أسواق الخضار، ورفع تكلفة استقدام العاملة الأجنبية، وسعودة العمل في سيارات الأجرة، وسعودة العمالة في محال بيع المستلزمات النسائية، وأخيراً برنامج نطاقات وبرنامج حافز وغيرها. والأمل كبير في أن تسهم هذه القرارات والإجراءات وغيرها في تخفيض البطالة، ومن ثم الحد من آثارها السلبية والتخفيف من الخلل في التركيبة السكانية.
وعلى الرغم من هذه الإجراءات وغيرها، فإن من الملاحظ غياب العاملة السعودية في قطاع تجارة الجملة والتجزئة بشكل لافت للنظر! يحدث هذا مع أن وزارة العمل ومكاتب الاستقدام لا تمنح تأشيرات ''بائع''! وإذا كان الأمر كذلك، فكيف تم توظيف مئات الآلاف إن لم يكن الملايين للعمل في محال البيع؟! ليس الحديث عن عشرات الآلاف، بل من المتوقع أن يصل عدد العمالة الأجنبية في هذا القطاع إلى مليون عامل!
أركز على هذه المهنة من بين المهن الأخرى لسهولة سعودتها، لأن عمليات البيع لا تتطلب مهارات عالية ولا تحتاج إلى إعداد طويل ومكثف أو درجات علمية عالية، كما هو الحال في مهن أخرى كالطب والصيدلة والمحاسبة ونحوها. إن الأمر لا يتطلب سوى عدة أسابيع فقط من التدريب لاكتساب المهارات المطلوبة لممارسة هذه المهنة، وذلك بعد اختيار من يجدون في أنفسهم ميلاً لهذا النوع من الأعمال! وتؤيد ذلك إحصاءات وزارة العمل التي تشير إلى أن الأغلبية الساحقة من العاملين في هذا القطاع أميون لا يحملون مؤهلات دراسية!
لا يقتصر الأمر على البيع في محال الملابس والبقالات ومحال ''أبو ريالين'' (وهي كثيرة!)، لكن يشمل ذلك البيع في محال بيع قطع الغيار ومحال مواد البناء ومحال الأجهزة الكهربائية ومحال الديكور وغيرها. إن هناك حاجة ليس إلى إخلاء هذه المهن من العمالة الأجنبية، لكن إلى إدخال السعودي ليكتسب مهارات البيع من خلال الاحتكاك بالعمالة الأجنبية.
لكن أخشى أن الأمر لا يقتصر على إدخال العمالة الوافدة في مجال تجارة الجملة والتجزئة بطرق ملتوية فحسب، إنما قد ينطوي الأمر على عمليات ''تستر'' قذرة تنخر في جسد الاقتصاد السعودي. فبعض هذه الأنشطة والمحال واجهاتها ''سعودية''، لكنها أجنبية بالكامل وتعود ملكيتها لرجال أعمال أجانب يفضلون توظيف العمالة الأجنبية لرخص أجورها وسهولة استغلالها.
لا أقترح هنا حظر الاستثمار الأجنبي، لكن أدعو إلى ضبطه وفق أنظمة عادلة لجميع الأطراف، أي ليس على النحو المطبق في الوقت الحاضر! فلم تسهم برامج تشجيع المستثمر الأجنبي الذي تبنتها ودعمتها الهيئة العامة للاستثمار ولم تصب في مصلحة الاقتصاد السعودي!
إذن ما المطلوب؟! إن المطلوب بإلحاح هو معرفة سبب بروز هذه المشكلة والجهة المسؤولة عن تفاقمها، ثم معرفة كيف تم توظيف هؤلاء في مهن لم يستقدموا من أجل العمل فيها، وذلك من أجل تفادي تكرار حدوثها في المستقبل. ولا يقل عن ذلك أهمية، الحاجة إلى تفعيل الأنظمة والقرارات في هذا الشأن. وأخيراً فإن الحاجة ملحة إلى تحديد احتياج هذا القطاع من العمالة الوافدة ضمن الحدود المعقولة، لأن وجود العمالة الأجنبية من مختلف دول العالم يثري ويضيف، لكن بما لا يتجاوز 10 إلى 20 في المائة مثلاً، وليس كما هو عليه الحال في الوقت الحاضر الذي تصل فيه النسبة إلى أكثر من 90 في المائة تقريباً!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي