رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الصخر الزيتي يغيِّر من مشهد توقعات الطاقة

لقد أحدث استخدام تقنيات الحفر الأفقي وتقنيات التكسير نجاحا كبيرا في إنتاج الغاز من طبقات السجيل الغازي الذي مهد الطريق لما يعرف اليوم بطفرة السجيل الغازي (الصخر الغازي)، التي نقلت صناعة الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة نقلة نوعية كبيرة وحولتها من مستوردة إلى مكتفية ذاتيا وربما مصدرة للغاز في المستقبل. تسعى صناعة الطاقة في الوقت الحاضر جاهدة لاستيعاب هذا التحول الكبير في إمدادات الغاز.
في المقابل غير إنتاج النفط من المكامن المحكمة أو ما يعرف Tight Oil (الصخر الزيتي) الاعتقاد الذي ساد لعقود طويلة بأن إنتاج الولايات المتحدة من النفط وصل إلى ذروته وهو في انخفاض مستمر، وأن الاعتماد على الواردات في ارتفاع مستمر. جاء هذا التوسع أيضا باستخدام نفس تقنيات الحفر الأفقي وتقنيات التكسير الحديثة التي أسهمت في طفرة السجيل الغازي.
مع ارتفاع أسعار النفط الخام الأمريكي وتراوحها حول 100 دولار للبرميل، وانخفاض أسعار الغاز الطبيعي إلى أدنى مستوياتها في عشرة أعوام، انتقلت مئات من منصات الحفر إلى مواقع مكامن النفط المحكمة. في الوقت نفسه تقوم مصافي التكرير بإجراء التحويرات اللازمة لاستيعاب الكميات المتزايدة من النفط الخفيف واطئ الكبريت المنتج من هذه الحقول. كما عمدت شركات خطوط الأنابيب والسكك الحديدية إلى توسيع شبكاتها لنقل الإمدادات الجديدة من جنوب تكساس من حوض النسر فورد ومن داكوتا الشمالية من حوض باكن.
تعتبر تقنيات التكسير الهيدروليكي الحديثة والمواد الكيمياوية المستخدمة فيها مصدر تحد رئيسيا، حيث يدعي حماة البيئة أن هذه العملية يمكن أن تكون ملوثة للمياه الجوفية وللبيئة بصورة عامة، ما يثير بعض الشكوك بخصوص تشديد الأطر التنظيمية والقانونية لعمليات التنقيب في هذه المكامن. لكن حتى الآن احتمال تشديد الرقابة على عمليات التنقيب لم يؤثر سلبا في الآفاق المستقبلية لازدهار إنتاج النفط من المكامن المحكمة.
بعد عقود من تراجع إنتاج النفط من الحقول التقليدية، أعاد ازدهار إنتاج النفط عام 2008 من تكوينات الصخر المحكمة أو الصخر الزيتي النمو إلى الولايات المتحدة، حيث تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يرتفع إنتاج النفط الأمريكي بمقدار الخمس تقريبا بحلول عام 2020 مما كان عليه عام 2011، مدعوما بصورة كبيرة بتدفق النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي من تشكيلات الصخر الزيتي. عليه من المتوقع أن ينخفض اعتماد الولايات المتحدة على النفط المستورد في عام 2020 إلى 45 في المائة من نحو 50 في المائة في عام 2010، قبل ذلك من 60 في المائة في عام 2006. لقد نجحت الولايات المتحدة بعكس اتجاه الواردات الذي كان يبدو حتميا حتى وقت قريب.
هذا وقد أشادت الإدارة الأمريكية الحالية بهذا التطور الكبير في إنتاج النفط المحلي. لكن مع ذلك ليس من المتوقع أن يتخذ صناع القرار أي تحولات تنظيمية مهمة تسمح برفع الحظر عن تصدير النفط الأمريكي إلى الخارج.
في الوقت الحاضر تشير معظم التوقعات إلى أن إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة سيرتفع على أقل تقدير بنحو 20 في المائة إلى 6.7 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2020، من 5.6 مليون برميل في اليوم في عام 2011، إضافة إلى ذلك إنتاج الولايات المتحدة من سوائل الغاز الطبيعي NGLs سيرتفع إلى 2.8 من 2.2 مليون برميل في اليوم حاليا، حيث إن تكوينات الصخر الزيتي تحتوي على الكثير من سوائل الغاز الطبيعي.
في ضوء هذه التوقعات من المرجح جدا أن يعود إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة بحلول عام 2020 إلى مستويات لم يشهدها منذ عام 1994. لقد ارتفع إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة بنحو 110 آلاف برميل في اليوم في عام 2011، مدعوما بارتفاع الإنتاج من الولايات 48 السفلى بنحو 380 ألف برميل في اليوم معوضة هبوط الإنتاج من الحقول البحرية ومن ألاسكا. للمرة الأولى منذ عام 1949، أصبحت الولايات المتحدة في العام الماضي مصدرا صافيا للمنتجات النفطية. من المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الخام بنحو 250 و100 ألف برميل في اليوم في عامي 2012 و2013 على التوالي.
هذه الطفرة في الإنتاج تعكس أيضا القدرة على اجتذاب الاستثمارات، حيث قفز الإنفاق في الولايات المتحدة على عمليات تطوير حقول النفط والغاز إلى نحو 70 مليار دولار في عام 2010، بزيادة أكثر من الثلث من 50 مليار دولار التي أنفقت في عام 2009. من المتوقع استمرار ارتفاع وتيرة تلك الاستثمارات في الأعوام اللاحقة، الأرقام الأولية لعام 2011 تؤكد هذا الاتجاه.
من المتوقع أن يستمر ارتفاع حصة إنتاج النفط من الصخر الزيتي ضمن إنتاج النفط الأمريكي، ما يعوض تباطؤ الارتفاع في إنتاج النفط المعزز باستخدام تقنية حقن غاز ثاني أوكسيد الكاربون، حيث إن اقتصاديات إنتاج الصخر الزيتي أكثر ملاءمة.
في كانون الأول (ديسمبر) الماضي اقترب إنتاج النفط الخام من ولاية داكوتا الشمالية من 550 ألف برميل في اليوم، حيث ارتفع إنتاج الولاية من حوض باكن أكثر من 70 في المائة إلى 470 ألف برميل في اليوم. من المتوقع أن يتجاوز إنتاج ولاية داكوتا الشمالية من النفط ولاية ألاسكا خلال عام واحد لتصبح ثاني أكبر ولاية منتجة للنفط في الولايات المتحدة.
لقد تزامن ازدهار إنتاج النفط من تكوينات الصخر الزيتي في الولايات المتحدة مع ارتفاع الإنتاج من الرمال النفطية في كندا، حيث من المتوقع أن يصل إنتاج النفط من الرمال النفطية الكندية إلى 3.0 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2020، وهو ضعف المستوى الذي كان عليه في عام 2010. مع هذه التطورات تشير نشرة شركة بريتيش بتروليوم لتوقعات الطاقة لعام 2030 إلى أن أمريكا الشمالية ستكون مكتفية ذاتيا من الطاقة بحلول عام 2030.
لكن هذا الشعور المتنامي لأمن الطاقة ليس من المرجح أن يدفع باتجاه إحداث تغير رئيسي في سياسة الطاقة في الولايات المتحدة في أي وقت قريب. حيث إن لدى الولايات المتحدة قيودا صارمة على صادرات النفط الخام إلى الخارج. لكن في ظل ظروف معينة فقط يمكن للشركات النفط تصدير النفط عبر خط أنابيب ألاسكا، أي صادرات أخرى تحتاج إلى تراخيص خاصة، لكن وزارة التجارة توافق عموما على الصادرات إلى كندا. حيث إن هناك دائما كميات صغيرة من النفط المنتج في الولايات المتحدة تتدفق بانتظام إلى كندا، لكن معظم هذه الكميات يتم تكريرها هناك وإعادتها لتلبية الطلب في الولايات المتحدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي