المتعامل في السوق والتأرجح
ما هو مزاج السوق اليوم، أو بالأحرى مجموعة المؤثرين في السوق من زاوية العرض؟ هل هو أحمر ودموي أم أخضر وهادئ، قضية نعيشها يوميا وكأننا في أرجوحة تصعد بنا مرة وتعود لتهوي بنا مرة أخرى، وبين الإثارة والخوف نتخذ قرارات حيوية تؤثر في مستقبلنا ومدخراتنا، وتصب الترجمة في النظرة لسوقنا وتعتبره بالتالي عالي المخاطر وهو في الواقع ليس كذلك من واقع المتغيرات الكلية الأساسية.
لعل الرغبة في الكسب من خلال الصعود والهبوط والخوف تؤتي ثمارها للبعض ويحقق فائدة على حساب مجموعة كبيرة ويعدها ذكاء وإبداعا. وينسى في غمار ذلك أن العملية أكبر من مكاسب بسيطة له، حيث تنعكس على مجموعة كبيرة من المتعاملين وعلى اقتصاد دولة وسوق مالي. كما تنعكس سلبا على عدد كبير من الشركات والتي تؤدي الذبذبة السعرية لها إلى رفع درجة مخاطرها، وبالتالي تكلفة تطوير وتكوين المشاريع والتمويل.
التأرجح ثمنه كبير إذا استمر في الحدود الحالية وتجعل البعض الذين ارتضوا البيع بالأمس يندمون على القرار ويسعد من اشترى بسعر منخفض وباع بسعر مرتفع ليحقق لنفسه نوعا من الربح. والفرق بين الأمس واليوم هو الخوف والرغبة في التسرع بعيدا عن الصبر والتروي واختيار التوقيت الملائم للدخول والخروج. بعدان يؤثران عن السوق بعيدا عن العقل والاتزان هما الخوف وعدم الصبر وهما خصلتان جبل الإنسان عليهما وهما الدافع وراء التحرك، فالمعلومات متوافرة وسهل الوصول لها وعند الحديث وقت الشراء تكون هناك قناعة وسعر مستهدف البعد الوحيد المؤثر الذي يدفع جوانب الخوف وعدم الصبر عندنا هو سعر السهم المعلن كل لحظة مع مراقبتنا اللصيقة له ونتخذ قرارا ليس بناء على المعلومة والمعرفة بقدر سرعة هبوط السعر. والغريب في الأمر عندما تتحدث مع الأفراد عن سبب الدخول والخروج تجده لا يستند على معلومة ولكن على توصية قد لا يؤمن بأسباب حدوثها أو مدى منطقيتها ولكن (السوق يبغى كده) بالعامية.
لا نطلب أن يتم تجاهل السوق والمؤشرات أو تجاهل الوضع ولكن المطلوب التفكير والاستناد إلى وقائع حتى يبنى القرار على أساس منطقي بعيد عن عاطفتي الخوف وعدم الصبر.