رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أسعار النفط إلى أين؟

بعد أن كان التفاؤل سيد الموقف لأسعار النفط بأن تصل إلى 150 دولارا للبرميل، بدأت في التراجع السريع إلى نحو 90 دولارا للبرميل. وكان من المتوقع أن تتسارع وتيرة ارتفاع أسعار النفط حتى نهاية حزيران (يونيو)، وهو التاريخ الذي يبدأ فيه الحظر الفعلي على النفط الإيراني. لكن أسعار النفط تشهد تراجعات سريعة لأسباب عديدة؛ يمكن إيجازها في عوامل عدة، منها:
- الفترة التي تبناها الاتحاد الأوروبي لتنفيذ قرار الحظر الكامل بدأت في نهاية كانون الثاني (يناير) 2012، ما أعطى فرصة لكثير من الدول لتخفيف اعتمادها على النفط الإيراني بشكل تدريجي، وفي الوقت نفسه كانت فترة اختبار لمدى التزام الدول خارج المنظومة الأوروبية بذلك القرار، والضغط التدريجي على إيران في الانصياع لقرارات الأمم المتحدة.
- استطاعة الدول الغربية بناء مخزونات تجارية كافية، وفي الوقت نفسه تعهدت بإطلاق كميات كافية من المخزون الاستراتيجي عند الحاجة إلى تبديد المخاوف.
- تحسن إنتاج النفط الليبي والعراقي.
- الدور الكبير الذي لعبته المملكة في الوصول بإنتاج النفط إلى عشرة ملايين برميل في اليوم، مع طمأنتها الاقتصاد العالمي على قدرتها على رفع الإنتاج بأعلى من تلك المستويات، دور مهم في استقرار أسعار النفط.
- لعب تزايد احتمال خروج اليونان من العملة الأوروبية مع ما قد يؤثر بشكل كبير في النمو في أوروبا، وتباطؤ النمو في الصين والهند، دورا في تسارع انخفاض أسعار النفط في الأسابيع الأخيرة.
وستؤثر تبعات تلك العوامل في تزايد الضغوط على أسعار النفط، ما قد يدفعها للتراجع إلى مستويات أقل مما ترغب فيه الدول المنتجة عند متوسط 100 دولار للبرميل. ومع ذلك، فإن التراجع قد يكون مؤقتاً، انسجاما مع التطورات العالمية التي تتغير - ليس بالأيام - بل بالساعات. وذلك أن ''أوبك'' ستعمل على إعادة التوازن بين العرض والطلب في فترات وجيزة بخفض الإنتاج، خصوصا المملكة التي أصبحت تلعب الدور الأكبر والمؤثر في أسعار النفط، وقد لا أكون مجانبا الحقيقة في القول إن السعودية منفردة تستطيع التأثير في أسعار النفط، ما يضيف إلى مكانتها الاقتصادية وأهميتها الاستراتيجية للاقتصاد العالمي. خصوصا أن تصريحات وزير النفط السعودي الأخيرة بوجود حقول نفطية وبمخزونات ضخمة في البحر الأحمر، ناهيك عن تشديده على أن حقبة النفط قد تمتد إلى مئات السنين، ترسخ دور المملكة كلاعب كبير في السوق النفطية، وتؤكد استمرارية النفط في أن يظل المصدر الأفضل للطاقة لسنوات أطول مما يعتقد. إن مثل هذه العبارات تضفي طابعا مهما للاقتصاد العالمي في استمراره على الاعتماد والوثوق بالنفط لعقود قادمة.
إن الطاقة الإنتاجية المحدودة لمعظم الدول المنتجة - ما عدا المملكة - تعد أيضا من العوامل المهمة في عودة أسعار النفط إلى الارتفاع، خصوصا أن ذلك العامل هو الأهم في تجاوز أسعار النفط مستويات 50 دولارا للبرميل في السنوات الأخيرة، وستكون عاملا مهما في استقرار الأسعار عند مستوياتها الحالية. وقد تتذبذب أسعار النفط بين 80 و100 دولار للبرميل خلال العامين الحالي والقادم، خصوصا إذا استطاعت ''أوبك'' موازنة قوى العرض والطلب في السوق النفطية، وهي قادرة على ذلك بعد أن تأكدت أن الاقتصاد العالمي أصبح معتادا على نمو صحي في ظل أسعار نفط مقاربة للمتوسطات العالية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي