أين تذهب هذا الصيف؟
بعد أسابيع قليلة ستطرق أبوابنا الإجازة الصيفية، هذا المسمّى الذي يشكل هاجساً ملحاً لمعظم الأسر حتى لكأني به يحتار فيها وتحتار فيه، فهل خطّطنا بشكل مدروس لها أم أننا سنظل نسير "على البركة" في كيفية استغلالها مع العلم أن هناك بعض الآباء ينظر للعطلة من منظاره هو دون أي اعتبار لرأي العائلة ورغبتها!
فنرى بعض الآباء يقرّرون فجأة أن يسافروا في رحلة سياحية داخلية ويخبرون عائلاتهم بهذا القرار إما ليلة السفر أو في أفضل الأحوال قبلها بيوم أو يومين، وفي ظل العجلة "وربكة" التجهيز ربما تنسى الزوجة الكثير من التجهيزات الضرورية مما يخلق جوا من النكد واللوم عند الحاجة إلى هذه الضروريات، وربما وصف الزوج زوجته بقلة "السنع" رغم أنه المسؤول الأول عن ذلك بسبب فجائية قراره السريع، فالإجازة الصيفية كأنها خبر عاجل في عرفه، لذلك هو يربك أسرته رغم أنها أمر محدد الوقت والتاريخ!
وبعض الآباء يفضلون أن يسافروا وحدهم خارج الحدود، وكأنهم بلابل فُتح لها باب قفص ظلت ردحاً من الزمن محبوسة بداخله فنراهم يطيرون دون أن يلتفتوا وراءهم ودون أن يتوقفوا لحظة ليتساءلوا بصدق: هل من العدل أن يمتعوا أنفسهم بالسفر مع أصدقائهم، بينما زوجاتهم وأبناؤهم يعيشون "الطفش" والملل وساعات نهار طويلة تأبى أن تمر بسهولة في ظل غياب أب أناني فضّل أن يغرد خارج سرب العائلة؟!
وبعض الآباء يحلو له أن يفتعل المشكلات والأزمات حتى يجعل من السفر رابع المستحيلات طبعاً بعد "الغول والعنقاء والخل الوفي"، فهو يرغي ويزبد حين لا يجد حجزاً على الخطوط رغم علمه مسبقاً أن الحجز العشوائي أثناء فترة الصيف لن يؤتي ثماره، ثم يقرر أن يسافر بأسرته براً فيتصل على الفنادق والشقق المفروشة فيجد الحجز مستحيلاً، وهنا لن يكون حاله بأفضل من حاله الأول.. نفسية سيئة وشتائم لا تنقطع، وفي ظل هذه الحالة الكئيبة التي يعيش فيها الأب ويجبر أسرته على العيش فيها سنجد أهله لا محالة يتدافعون على تقبيل رأسه وجبينه كي يلغي فكرة السفر وهم يرددون في داخلهم "اللي هذا أوله ينعاف تاليه"، وهنا تنشرح أسارير الأب فقد نجح مخططه وألغت العائلة فكرة السفر، وهذا النوع من الآباء غالباً هو من النوع البخيل الذي يعتبر السفر كارثة اقتصادية حتى ولو كان يملك أموال قارون!
وبعض الآباء تجده يخطط للعطلة الصيفية من بداية السنة مع أسرته فيتبادلون وجهات النظر ويتناقشون عن كيفية استغلال كل دقيقة فيها سواء بالسفر أو الالتحاق بالدورات المفيدة أو تنمية قدرات معينة أو الانخراط في بعض الأعمال التطوعية والتي قد لا يسعف الوقت أفرادها في أثناء السنة لأدائها.. هذا النوع من الآباء السفر معه متعة وجمال وانطلاق واستفادة فكل شيء مدروس ومخطط له جيداً!
فتأمل أيها الأب النماذج أعلاه واعرف أي نوع من الآباء أنت في الإجازة الصيفية، مع أمنياتي الحارة أن يكون معظم الآباء من النوع الأخير لأننا حقا نرغب في زوال العشوائية في التخطيط لإجازاتنا الصيفية، ونحلم أن يكون أبناؤنا مستمتعين بالإجازة لا "طفشانين" من طول ساعاتها!