رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


اتفاقيات الشراكة الاقتصادية وقضية الحلول

يهتم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز كثيراً بالشأن الاقتصادي، ولذلك أسس المجلس الاقتصادي الأعلى وترأسه شخصياً، ثم قام بمجموعة كبيرة من الزيارات إلى الدول الناشئة التي حققت معدلات عالية في النمو الاقتصادي.
ولقد وقعت المملكة اتفاقية شراكة اقتصادية مع الصين والبرازيل، واتفاقية شراكة اقتصادية مع الهند وماليزيا، واتفاقية شراكة اقتصادية مع روسيا والفلبين، واتفاقية شراكة اقتصادية مع تركيا وبولندا، أي وقعت المملكة اتفاقيات شراكة اقتصادية مع الدول المتقدمة في مجال الاقتصاد الدولي.
وكل هذه الدول حققت معدلات سنوية عالية في نمو الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 9 في المائة سنوياً، والآن وبعد مرور أكثر من خمس سنوات من توقيع الاتفاقيات نتساءل: أين ذهبت هذه الاتفاقيات، ولماذا لم نباشر بتنفيذها، وما الفوائد التي تحققت للاقتصاد السعودي؟
ونظراً لأهمية هذه الاتفاقيات، وبالذات مع دول حققت معدلات عالية في نمو الناتج المحلي الإجمالي كان يجب على الإعلام أن يتابع كل مراحل تنفيذ هذه الاتفاقيات، وإذا لم تنفذ الاتفاقيات، فإن واجب الإعلام أن يبحث في أسباب عدم التنفيذ ويعمل على إعادة التذكير وإزالة العوائق، كما أن الواجب على المؤسسات الرقابية في المملكة، وأخص بالذات ديوان المراقبة العامة وهيئة مكافحة الفساد ومجلس الشورى، أن يسألوا عن مآل ومصير هذه الاتفاقيات، وإذا نامت في الأدراج كان واجب مجلس الشورى أن يسأل عنها ويصحيها من سباتها الذي اختاره لها البيروقراطيون، لأن في تنفيذ هذه الاتفاقيات فوائد جمة على الاقتصاد الوطني السعودي.
والمؤسف أن الإعلاميين لم يدركوا أهمية هذه الاتفاقيات على نمو الاقتصاد الوطني، وكل الذي عرفوه هو ضرورة أن ينظموا لها زفة إعلامية عند توقيعها كتلك الزفات الكثيرة التي تنظم لحفلات ''الشو الإعلامي!''.
نحن نحزن لأننا لم نهتم بمشاريع جرى الاتفاق على تنفيذها مع دول حققت على أرض الواقع إنجازات يجدر أن نستفيد منها، إذ إن الصين تعتبر المثل الأعلى في النمو، كذلك الهند التي لها تجربة أذهلت العالم المتقدم، كذلك التجربة الماليزية والتركية والبرازيلية، كلها دول تتمتع بمميزات رائعة في نمو اقتصادها الوطني، وأقل ما يجب أن نفعله هو أن نُفعّل الاتفاقيات التي وقعناها مع هذه الدول، وأن نحرص على تنفيذها لأن في تنفيذها خير لنا وفائدة لاقتصادنا.
أقول كان يجب أن يفتح مجلس الشورى ملف اتفاقيات الشراكة الاقتصادية مع هذه الدول، ويسأل عنه وينكش فيه ويفعله حتى يدفع كل مؤسسات الدولة إلى الاستفادة من هذه الاتفاقيات، وعندئذ يجب أن نشعر الطرف الآخر بأننا جادون في توقيع هذه الاتفاقيات وراغبون في تحقيق أعلى درجات الاستفادة المتبادلة من هكذا اتفاقيات.
إن توقيع اتفاقيات الشراكة الاقتصادية ليس مجرد ''شو إعلامي'' بل هو عقد اقتصادي يهدف إلى تبادل المنافع وتحقيق معدلات أعلى في النمو والتنمية الاقتصادية لجميع الدول الأطراف الموقعة على الاتفاقيات.
إن أول ما يتبادر إلى الذهن عند توقيع اتفاقيات الشراكة الاقتصادية هو قيام الدول الموقعة على الشراكة بتبادل الزيارات بين رجال الأعمال وبين المسؤولين الحكوميين للوقوف على الإمكانات والميزات النسبية لكل دولة من الدول، وكذلك إقامة المعارض الدائمة في المدن الرئيسة بغية إطلاع الرأي العام في الدول الموقعة على الاتفاقيات على بعض المنتجات التي يتميز فيها نسبياً عن الطرف الآخر، ولعل أهم ما في قوائم الشراكة هو قيام الدول المتقدمة اقتصاديا بتدريب الكوادر السعودية في مجالات يفتقر إليها السوق السعودية، إضافة إلى ذلك هناك قائمة طويلة تتضمنها الاتفاقيات، إذا تم تنفيذها فإنها ستحقق الفائدة المثلى للاقتصاد السعودي.
أكثر من هذا فإن تنفيذ مثل هذه الاتفاقيات الاستراتيجية على أرض الواقع من شأنه أن يرفع كفاءة الإنتاج السعودي ويزيد من إنتاجية المواطن السعودي، تلك الإنتاجية التي تعاني تدهورا مريعا، وكان يمكن أن تقوم هذه الاتفاقيات بدور فاعل في لجم غول التضخم الذي بات يغزو السوق السعودية بأسنان حادة، وذلك من خلال المزايا التي تمنحها (لبعضها البعض) الدول الموقعة على اتفاقيات المشاركة.
إن دراسة العلاقات الاقتصادية الدولية على درجة كبيرة من الأهمية لأنها توضح كيف تسير هذه العلاقات، وكيف يعمل النظام الاقتصادي العالمي لتحقيق الفائدة لكل أطرافه، وكيف نحقق الفائدة لاقتصادنا الوطني الناشئ.
إن حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هيأت المناخ وأتاحت أمام التنفيذيين الحكوميين ورجال الأعمال الفرص كي يُفعّلوا اتفاقيات الشراكة الاقتصادية ويحققوا الفوائد المتوخاة من هذه الشراكة التي تشكل - كما ذكرنا - المناخ المناسب للارتقاء باقتصادنا الوطني في ظل ظروف اقتصادية دولية تعاني كثيرا من الأزمات الصعبة.
والمطلوب الآن من كل الجهات المعنية بالشراكات الاقتصادية المبادرة بمباشرة التنفيذ - كل فيما يخصه - حتى تصبح الشراكات حقيقة ماثلة على أرض الواقع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي