استراتيجية الإسكان والدور التمويلي والتطويري للقطاع الخاص

تعكف وزارة الإسكان على إعداد اللمسات الأخيرة لاستراتيجية الإسكان، وهي الاستراتيجية التي وضعت الخطوط العريضة لقطاع الإسكان، متضمنة أرقاما إحصائية لقطاع الإسكان خصوصا. ورغم ذلك فإنها تفتقد، كما هو الحال في معظم الخطط الاستراتيجية، آلية تنفيذ واضحة. فالاستراتيجية قد ينظر إليها على أنها وثيقة علمية ومرجع مهم لصانعي القرار في قطاع الإسكان، إلا أنها تحتاج إلى آلية واضحة في التنفيذ، خصوصا في مشاركة القطاع الخاص التمويلي والتطويري. وتأتي هذه الملاحظة بناء على ما استمعت إليه من قبل مسؤولي الوزارة، وكذلك ما ينشر في الصحافة عن الجهود الواضحة لوزارة الإسكان في تفعيل الدور التمويلي لصندوق التنمية العقارية، والتطويري في بدئها بناء وحدات سكنية في بعض المناطق. وحسب الاستراتيجية، فإن بناء الوحدات السكنية هبة، خارج الاستراتيجية، تقوم بتنفيذها كحلول سريعة لفك الاختناق في قطاع الإسكان. أما دور صندوق التنمية العقارية فهو يأتي مكملاً للدور الأساسي الذي أنشئ من أجله، وأعتقد أن الوزارة نجحت بشكل واضح في تفعيله بصورة أفضل مما كان عليه. إلا أن الصندوق يواجهه من التحديات الشيء الكثير، خصوصا في جانب المنتجات المطروحة حتى الآن مثل برنامج ضامن. فرغم أن البرنامج صاحبته هالة إعلامية قوية، إلا أن مشاركة البنوك وشركات التمويل فيه حتى الآن لا تجعله يرقى إلى القول إنه ''أصبح مقبولا''. ذلك أن قطاع الائتمان في قطاع العقارات ما زال يفتقد التنظيم التمويلي والتشريعي. كما أن الشريحة الائتمانية للمتلقين للقروض السكنية من الصندوق قد تصنف على أنها شريحة ذات ملاءة مالية ضعيفة، مما يصعب معه إنجاح برنامج ''ضامن''، ما يتطلب النظر في هيكلة واضحة المعالم والطريق لـ30 سنة على الأقل، هي عمر القرض السكني حتى يتمكن من خدمة أكبر شريحة ممكنة من السكان. يضاف إلى ذلك أن القطاع التمويلي والتطويري للقطاع الخاص في الإسكان ما زال في بداياته ويعاني العقبات الشيء الكثير، خصوصا في البيئة التشريعية. وهذه العقبات تتمثل في:
- تأخر صدور نظام الرهن العقاري.
- عدم جاهزية وزارة العدل لتطبيق نظام الرهن العقاري، فبرنامج ''قضاة التنفيذ'' لتنفيذ أنظمة الرهن العقاري لم نسمع أي تحسن في شأنه. ناهيك عن أن السجل العيني الذي يفترض أنه أصبح حقيقة واقعة اليوم لم ير النور حتى الآن، خصوصا في المدن الكبيرة.
- عدم جاهزية السوق الثانوية المتمثلة في سوق عميق للصكوك والسندات، الذي سيساعد شركات التمويل العقاري والبنوك على إعادة تمويل القطاع العقاري. ناهيك عن أن هناك مشروعا مقترحا لإنشاء شركة حكومية للرهن العقاري على غرار الشركتين الأمريكتين فريدي ماك وفاني ماي لم تنشأ حتى الآن.
وفي خضم تلك العقبات، يبدو أن هناك ضعفا في التواصل بين القطاع التمويلي والتطويري الخاص مع وزارة الإسكان ساهم في تفاقم العقبات. لذا فإن من المهم إعداد دراسة مستقلة لتفعيل هذين القطاعين في مشاريع وزارة الإسكان، بصورة لا تقل أهمية عن الجهود التي بذلت في إعداد استراتيجية الإسكان نفسها. وأعتقد أن ذلك سيسد الفراغ التشريعي والتنظيمي الذي تشهده السوق العقارية الآن. وسيكون نجاحه مشجعا وحافزا على تهيئة السوق العقارية لأنظمة الرهن العقاري حين إقرارها. إن إقامة ورش عمل، بمعزل عن استراتيجية الإسكان الحالية، للقطاع التمويلي والتطويري الخاص وبرعاية وزارة الإسكان سيسهم في إنجاح استراتيجية الإسكان الحالية، ويسارع في تعجيل إقرار الأنظمة والتشريعات المطلوبة لقطاع الإسكان بما فيها تلك التشريعات التي خارج أنظمة الرهن العقاري. ناهيك عن أن ذلك سيسهم في قدرة وزارة الإسكان على تنفيذ برامجها التمويلية والتطويرية بكفاءة وفاعلية أعلى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي