رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


أين موقع العرب والمسلمين مما نشهده من تطورات في العالم؟

نتائج الانتخابات في اليونان وفرنسا وُصفت بالزلزال. وقلنا في الأسبوع الفائت إن العالم الغربي في مخاض عسير ستحس بتداعياته الدنيا وفيه سألنا عن موقع العرب والمسلمين منه.
وأنا أخوض هذا المعترك الشاق، آملا ألا يشك قرائي الكرام في موقفي الإيجابي المتفائل من مستقبل الإسلام كفكر وحضارة ونعمة للبشرية. فقد كتبت الكثير في هذا الشأن إن في العربية أو الإنجليزية، وما زلت على موقفي أن المسلمين سينهضون وبقوة كي يحتلوا الدور الذي يوائم عظم المسؤوليات الأخلاقية والفكرية والإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يلقيها على عاتقهم دينهم الحنيف.
وحتى أن يأتي ذلك اليوم الذي نتوخاه - ومعنا الكثير من المفكرين الغربيين المنصفين - لا بد للعرب والمسلمين أن يتقبلوا الرأي الآخر النزيه ويدرسوا الوضع الراهن الذي هم فيه، ليس من خلال أعينهم فقط بل من خلال ما يراه الآخرون أيضا.
ومن هذا المنطلق فإنني أرى أن الوضع الحالي لا يحسدون عليه وأن الاستمرار فيه قد يبدو وكأنه انتحار. وقد أظهرت الانتخابات الفرنسية واليونانية أن تغيير الوضع الراهن ممكن حالما تسوء الأمور. والأمور ليست ذات علاقة بالسياسات الخارجية أو الدول الأخرى. تغيير الوضع كان سببه استياء المواطنين من السياسات الداخلية ولا سيما الاقتصادية منها.
الدول العربية والإسلامية التي تسمح بهكذا تداول سلمي للسلطة من أجل رفاه شعوبها لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة. وأستطيع القول إنه باستثناء ماليزيا وإندونيسيا، الدولتين اللتين تضمان أكبر عدد للمسلمين في العالم، فإن تغيير الوضع العربي والإسلامي الراهن بالطريقة التي حصلت في اليونان وفرنسا صعب التحقيق إن لم يكن مستحيلا.
والإبقاء على الوضع الراهن كما هو يعاكس منطق وسياق التاريخ، ولا سيما الحديث منه، حيث صرنا اليوم نبدل هواتفنا المنقولة وأنظمة كمبيوتراتنا مرتين أو أكثر في السنة، ومع ذلك هناك إصرار كبير في الدول العربية والإسلامية على إبقاء الأمور كما هي. والحفاظ على الوضع الراهن الذي يعارض في أغلبه توجهات الشعوب العربية والإسلامية، يفرض على الدول العربية والإسلامية التركيز على السياسات الخارجية وليس الداخلية كما هو الشأن في فرنسا مثلا. ولأن التوجه هو صوب الخارج صار الاعتماد على الخارج تقريبا جزءا من التركيبة السياسية والاقتصادية.
فكلما زاد الاهتمام بالخارج (السياسة الخارجية)، زاد اتكال التركيبة السياسية على الدول الأجنبية، الذي صار مكلفا جدا ولا سيما اقتصاديا، إلى درجة أن بعض الدول هي التي تتبرع ببناء قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها والصرف على قاطنيها من الأجانب، أو تبني منشآت حديثة تربوية كانت أو ثقافية أو غيرها من أجل الأجانب فقط، حيث صارت السياسة الخارجية هي المحافظة على الوضع الراهن وليس تلبية متطلبات الإرادة الوطنية.
سينهض العرب والمسلمون بصورة خلاقة إن أداروا ظهورهم للسياسات الخارجية وانكبوا على تلبية رغبات السياسات الداخلية. الوضع الراهن المتعلق بالخارج سياسيا واقتصاديا صار واحدا من الموانع التي تعوق النهوض، وإلا كيف نفسر غياب أي دور مؤثر للعرب والمسلمين في توجيه بوصلة السياسة الدولية أو التأثير في الاقتصاد العالمي رغم ما يملكونه من موارد هائلة لا حد لها؟ وكيف نفسر غياب تكتل اقتصادي عربي أو إسلامي مؤثر في العالم؟ وكيف نفسر عدم قبول أي دولة عربية أو إسلامية كعضو فاعل في المنظمات أو التكتلات السياسية والاقتصادية العالمية التي بوسعها توجيه بوصلة القيادة في العالم؟
وإلى اللقاء

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي