ليتهم يصمتون!
في أثناء مشوار حياتك ستصادف أنواعاً شتى من البشر يختلفون في طباعهم وسلوكهم وأخلاقهم وأفكارهم عنك، ولأنك كائن اجتماعي بطبعك فأنت مجبرٌ على التعامل معهم بحكم أمور كثيرة منها ما هو بسبب حق الرحم، ومنها ما هو بسبب حق الجيرة ومنها ما هو بسبب حق صداقة العمل وهكذا، لكن ما لست مجبراً على تحمُّله هو تلك الروح السلبية التي قد يحاولون صبغ حياتك بها، ففي هذه الحالة لك مطلق الحرية في القيام بثورة عاتية؛ لا على نمط ثورات الربيع العربي، بل على نمط ما قامت به الزنجية الأمريكية روزا باركس حين قالت (لا) ورفضت أن تقوم من مقعدها في الحافلة ليجلس فيه رجل أبيض، حيث كانت تنص قوانين التمييز العنصري على أن السود ليس من حقهم أن يجلسوا في الحافلات، بينما رجل أبيض واقف، وقد كان موقفها البطولي هذا سبباً في إلغاء قوانين التمييز العنصري، لذلك ابدأ من اليوم وقل (لا) بكل وضوح لمَن يريد أن يطبق عليك قوانينه السلبية المدمّرة.. ويجرك إلى عالمه السوداوي البائس!
قل (لا) لكل شخص متذمّر كثير التشكي والتسخط رغم أنعم الله التي يرفل بها من زوجة ومنزل وذرية وصحة ووظيفة، فهذا لم يؤد حق الله المتفضل عليه بالنعم بالشكر والامتنان، فهل تتوقع منه أن يشكرك أنت مهما وقفت بجانبه في أزماته وكوارثه الحقيقية والوهمية؟!
قل (لا) لكل شخص يضيع وقته في صُنع قارب خوفاً من "تسونامي" يحل بأرضه رغم أنه يعيش في الصحراء والبحر يبعد عنه آلاف الأميال، لكنه متشائم بطبعه، فهو لا يرى من الورد إلا أشواكه، ومن السماء إلا شهبها، ومن الأرض إلا وحلها، إن حدّثته عن جمال الدنيا تنهد متحسراً ودعاك للبكاء معه على الأطلال، وإن سامرته بالشعر الرقيق أورد لك من أشعار الفراق والهجر والحزن والرثاء ما يضيق به صدرك وتتحشرج به أنفاسك!
قل (لا) لمَن يعلّم أطفالنا كيف ينشدون أناشيد الأمة الإسلامية بلغة الانهزام والحزن والحسرة وذرف الدموع ودفعهم إلى التباكي على ماضٍ اندثر وأمجاد ولّت متناسياً أن أعظم إيجابي عرفته البشرية حبيبنا محمد - عليه الصلاة والسلام - قال: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود".
قل (لا) لكل مَن لا يعفو ويتسامح ويتناسى أخطاء الآخرين ويصر على همزهم ولمزهم بها وتذكيرهم بما مضى من الزلل والمعصية والرقص فوق ذكرياتهم السيئة التي يحاولون جاهدين تناسيها ليبدؤوا حياة جديدة يفرح فيها الإله الغفور بعودتهم إليه!
قل (لا) لكل مَن يبث روح الانهزام في الأمة ويفرح حين يرى الشتات بالوطن، ويعمل بصمت ليقوض الاطمئنان في الصدور، فتراه يحيك الشائعة ويطرزها، ثم يبدأ بنشرها ليبتسم بزهو الأشرار وهو يرى نتائجها السلبية المقيتة تحرق روح الإيجابية والأمل في الآخرين، لكني أقول له لا تفرح وتأمل حديث أبي القاسم - عليه أفضل الصلاة والسلام: (إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم).
لذا من الآن اطلب من أي شخص سلبي في حياتك أن يصمت أو قل له (لا) أو طالبه بالرحيل!