تركز الملكية.. وأثره في تطور حوكمة الشركات
تتنوع ملكيات الشركات حسب مؤسسيها إلى شركات عائلية، أو شركات مؤسسة من قِبَل الجهات الرسمية أو شبه الرسمية، شركات تابعة للمؤسسات المالية والاستثمارية، شركات مملوكة للمساهمين الأفراد، والشركات المتنوعة التي تحوي كل أو بعض هذه الخصائص. تاريخيا الشركات بدأت من خلال الاستثمار العائلي، أو التأسيس من قبل الحكومات دعما للاقتصادات المحلية.
في الشركات الحالية التي يتأثر بها قطاع كبير من المساهمين، يكون تركز الملكية في أيدي فئة من الفئات سببا في الإخفاق في منح بقية الأطراف حقوقهم كاملة، خصوصا المساهمين الأفراد، أو أقلية المساهمين، حيث إن الثلاثة أنواع الأولى في الملكية تملك قوة تأثير في تسيير مصالح الشركات، كما أنها لا تتأثر ببقية الملاك.
في دراسة إحصائية قامت بإعدادها إدارة بحوث الاستثمار في شركة مشاريع الكويت الاستثمارية لإدارة الأصول عن نسب ملكية المؤسسات الحكومية الخليجية في الشركات المدرجة. قامت الدراسة باختيار أكبر 20 شركة مدرجة من حيث القيمة السوقية من كل سوق، والتي بلغت القيمة السوقية فيها لأكبر 140 شركة مدرجة في أسواق الأسهم الخليجية من أصل إجمالي 640 شركة نحو 566 مليار دولار أمريكي. شكلت هذه الشركات ما نسبته 79 في المائة من إجمالي القيمة السوقية للبورصات الخليجية جميعا. وقد بلغت القيمة السوقية لملكية المؤسسات الحكومية في الـ140 شركة نحو 214 مليار دولار أمريكي أو ما يعادل 38 في المائة من القيمة السوقية.
أظهرت الدراسة أيضا أن نسبة مساهمة المؤسسات الحكومية في أكبر 20 شركة في السعودية تبلغ نحو 45 في المائة من إجمالي رأس مال هذه الشركات. وبقيمة سوقية بلغت 116 مليار دولار أمريكي، وهي تتركز في قطاعات البنوك والبتروكيماويات والاتصالات والطاقة والمرافق الخدمية.
هذه النسبة لا تشمل نسب التملك العائلي، أو نسب تملك شركات الاستثمار وكبار الملاك من خارج القطاعات الرسمية أو شبه الرسمية، لكن بنظرة إلى هذه النسب نجد أن تركز نسب الملكية بهذا الحجم في كبرى الشركات العاملة في السوق، يعني أن القرار يبقى في صالح كبار الملاك Major shareholders على حساب أقلية المساهمين Minority shareholders.
تركز الملكية بهذا الشكل قد يعطي اطمئناناً لدى مسيري السوق بأن الشركات في أيدٍ أمينة، لكنه في المقابل يبطئ تطور السوق، كما أنه يحرم بقية الملاك من ممارسة حقوقهم في الشركات التي يملكون فيها. وهذا بالتأكيد يؤثر في تطوير أنظمة السوق التي من أهمها نظام حوكمة الشركات في الوقت الحالي.
ويبقى السؤال المهم: هل ستكون السوق السعودية سوقا جاذبة للاستثمار فيها، مع تركز الملكيات في أيدي فئة بسيطة داخل السوق؟