الأثر الاقتصادي للأحداث السياسية
من الواضح جداً الارتباط الوثيق بين الحياة السياسية والقرارات الاقتصادية المؤثرة في جملة الاقتصاد، حيث لا تكاد هذه العلاقة تنفك في كونهما مؤثرين ويتأثران ببعضهما بعضا، فالمصالح الاقتصادية تسيّر القرارات السياسية بشكل كبير وكذلك الحياة السياسية تؤثر في الحالة الاقتصادية، إما في زيادة قوتها أو الإنقاص من النمو والرفاه. والشواهد على مثل ذلك الأثر والارتباط الوثيق هذا أمر أزلي في حياة البشر تختلف وتتباين بحسب طبيعة الحقبة الزمنية التي حدثت فيه، حيث تأخذ أشكالاً متعددة بحسب البساطة أو التطور في منهجية الحياة السائدة غير أن الخاتمة المعروفة للأزمات السياسية هي خسارة الطرفين لمصالحهما الاقتصادية التي عنوا إليها بدرجات متفاوتة. وهذا الأثر والارتباط كله بسبب حتمية وجود التكامل الذي خلقه الله ـــ سبحانه وتعالى ـــ لمصالح الحياة، حيث لا يوجد شعب أو فئة أو اقتصاد لديه مقومات الحياة المنشودة كلها. لكنه التعايش بين الناس في تبادل لمصالحهم مع بعضهم بعضا، وبالتالي إذا كان الهدف وراء الأزمات السياسية هو لتحقيق مكاسب سياسية بحتة صارت الخسارة الاقتصادية سواء مباشرة أو غير مباشرة لمختلقها أكبر وأشد وطأة عليه من الطرف الآخر. ولست هنا بالمختص في دروب السياسة وعلومها لكنني كمشاهد لأحداث مختلفة عشتها أو قرأت عنها أرى أن النهاية الحتمية هي الخسارة الأكبر اقتصادياً لمَن هدفه فقط تحقيق مكاسب سياسية بحتة.
وللتمثيل لا أكثر ولكون الحادثة قريبة للأذهان حين ينظر إلى ما حدث بين السعودية وشقيقتها مصر خلال الأيام الماضية، والذي لولا الله، ثم حكمة قائد أمتنا صاحب القلب الكبير خادم الحرمين الشريفين ـــ أيّده الله ـــ والعقلاء الآخرين من صانعي القرار والمؤثرين في المجتمع المصري في رأب الصدع وبتر جذور الفتنة لتطورت إلى فيما لا تحمد عقباه محققة بذلك خسارة اقتصادية. فالسعودية ومصر هما عينان في رأس لقيادة الأمة العربية كافة سياسياً واقتصادياً وينكر كل جاحد مَن لا يؤمن بهذه الحقيقة.
إن ما أسميه "الألاعيب السياسية غير المحسوبة" لتعصف بكل محيط وبيئة تهدف إلى زيادة الإنتاج، وخاصة الحريص منها على تطوير مقومات الحياة للمجتمع. وهذا ليس فقط على مستوى الدول، بل أيضاً داخل محيط المنشآت. ولذا لم تغفل أدبيات السلوك الإداري والبحوث المتعلقة بالإدارة ذلك الأثر السلبي حين تزداد بيئة ما يسمى Politics أو السياسة بين أروقة المنشأة، حيث يحرص إداريوها رفيعو المستوى خصوصاً في الهرم الوظيفي على محاولة التقليل من تركزه بين الإدارات ووجوده بكثافة بين أوساط المشتغلين في إداراتها المختلفة طمعاً في خلق بيئة منتجة بتنافسية مهنية.