دول الخليج وإيران .. المصير غير المشترك!
في يوم الجيش الإيراني؛ ألقى الرئيس الإيراني أحمدي نجاد خطابًا سياسيًّا طالب فيه دول الخليج العربي (الفارسي!) بأن تتضامن مع إيران من أجل المصير المشترك.
وطبعًا؛ عبارة ''المصير المشترك'' يفهمها الخليجيون بطريقة مغايرة للمفهوم الإيراني، ومن وجهة نظر الخليجيين فإن إيران لم تترك مصيرًا مشتركًا مع دول الخليج، وبالذات في عهد حكومة الرئيس أحمدي نجاد، فهذا الرجل قام أخيرًا بزيارة استفزازية لجزيرة أبو موسى الإماراتية المتنازع عليها مع الإمارات، وهي زيارة أشعلت فتيلاً من الخلافات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وست دول عربية خليجية، كما أن أحمدي نجاد ما انفك يطالب دول الخليج بالكف عن استخدام عبارة ''الخليج العربي'' بحجة أنه خليج فارسي وليس خليجًا عربيًّا، أيضًا فإن إيران في عهد أحمدي نجاد رفعت وتيرة التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربية، بمعنى أن حكومة أحمدي نجاد تدفع شيعة البحرين إلى الثورة والانقلاب على الحكومة الشرعية، وهي التي تدعم قوى الانفصال في البحرين، وهي التي تعكر صفو الاستقرار والأمن في كل منطقة الخليج.
وطبعًا؛ كل هذه المواقف الإيرانية العدائية لن تجعل مصيرًا مشتركًا بين الحكومة الإيرانية والحكومات الخليجية التي كانت وما زالت تبحث عن مصير مشترك حقيقي بينها وبين إيران.
إن الإمارات تسعى ما وسعها الجهد مع شقيقاتها الخليجيات للبحث عما تبقى من سياسات إيرانية تنشد المصير المشترك، لكنها في الحقيقة لم تجد أي سياسة إيرانية تحرص على المصير المشترك.
وفي هذه الأيام؛ تستغل الإمارات الخلافات الهائلة بين حكومة أحمدي نجاد والمجتمع الدولي، وتُصعِّد من أجل الحصول على قرارات دولية لمصلحة الجزر الإماراتية الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى.
وتنطلق الخارجية الإماراتية من القول: إن المطلوب من مجلس التعاون الخليجي استغلال المناخ السياسي الدولي ضد سياسات الحكومة الإيرانية للحصول على قرار بإحالة مشكلة الجزر إلى محكمة العدل الدولية، وهو خيار طالما رفضته بقوة الحكومة الإيرانية.
إن وثائق الحدود الدولية التي صممتها بريطانيا في بداية القرن العشرين تعطي الإمارات العربية حقوقًا مشروعة في الجزر، لكن بريطانيا كعادتها وضعت الزيت في النار، وأتاحت للإيرانيين فرصة المحاججة والاستشكال، وها هي إيران تسلط الضوء على ما يعنيها من عبارات على الوثائق البريطانية، وتسقط ما لا يعنيها من أدلة وتوثيق رغم وضوح الرؤية في ملكية الإمارات هذه الجزر.
وتأمل الإمارات من المناخ الدولي الحالي أن يتخذ قرارًا تدعمه الدول الكبرى بدفع ملفات هذه القضايا إلى محكمة العدل الدولية، وإذا حدث وقبلت المحكمة الدولية النظر في القضية رغم رفض إيران، فإن الإمارات تأمل في الحصول على حكم يصدر من محكمة العدل الدولية لمصلحة عودة الجزر الإماراتية إلى حضن الوطن الأم دولة الإمارات العربية المتحدة.
والواقع أن المناخ السياسي الذي تمر به هذه القضية يؤكد أن الإمارات على حق فيما تنشده، وأن المناخ الدولي معبأ ضد حكومة الملالي التي اقترفت مواقف عدائية كثيرة ضد مبادئ الأمن والسلم الدوليين.
لكن ما نأخذه على الدبلوماسية الإماراتية أنها تركت هذه الملفات طوال 40 سنة لسياسة المهادنة، وليس الاستشكال بالصوت العالي، وكانت تأمل أن تتهادن إيران وتعطي الإماراتيين بالمحبة حقوقهم المشروعة في الجزر الثلاث.
وما نود أن نؤكده أن الارتهان إلى المفاوضات الثنائية بين الإمارات وإيران لاستعادة الجزر الثلاث مضيعة للوقت، ولقد أثبتت 40 سنة مرت على هذه القضية أن إيران ليست لديها نية في إعادة الجزر الثلاث إلى الإمارات، ولا حتى جزيرة واحدة، بل في ضمير إيران أن تستخدم عامل الوقت والتسويف حتى تسقط بالتقادم حقوق الإماراتيين في المطالبة بالجزر الثلاث، ولا سيما أن إيران تَعُدُّ هذه الجزر جزرًا إيرانية اغتصبتها بريطانيا العظمى إبّان الاستعمار البريطاني للخليج، وجيّرتها للإمارات العربية المتصالحة، وأن إيران تسعى ما وسعها الجهد إلى استعادة الجزر إلى الحضن الإيراني.
إذن؛ الكلام المبرمج الذي ورد في خطاب الرئيس أحمدي نجاد وطالب دول الخليج العربية بالحرص على ''المصير المشترك'' كلام ليس له أصل أو أساس في ممارسات السياسة الإيرانية، فإيران كثيرًا ما تعاملت مع دول الخليج العربية من دون مصير مشترك، بينما أثبتت الحكومات الخليجية أنها هي المعنية بالمصير المشترك وليس الحكومة الإيرانية، وأكبر دليل على ذلك إنشاء محافظة إيرانية جديدة في الجزر وعاصمتها جزيرة أبو موسى!