رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التعليم العالي.. أولوية الاهتمام

إذا صح لنا أن نسمي هذا العقد باسمه، فهو أولوية الاهتمام بالتعليم العالي. وضع خادم الحرمين الشريفين التعليم العالي ضمن أولويات التطوير الحكومي، فزاد عدد الجامعات من ثماني جامعات في مطلع 2000 إلى ما يزيد عن 32 جامعة، منها ثماني جامعات أهلية. انتشرت هذه الجامعات على رقعة المملكة الواسعة لتهدف إلى تقديم المعرفة، والمشاركة في تحقيق التنمية المستدامة للمجتمعات المحيطة بها.
يوم الإثنين الماضي احتفلت وزارة التعليم العالي بتشريف خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، حفل تدشين المرحلة الأولى لمشاريع المدن الجامعية ووضع حجر الأساس لمراحلها الثانية بتكلفة 81.5 مليار ريال. تم خلال هذا الحفل تدشين مدن جامعة لما يقارب عشرا من الجامعات الناشئة، إضافة إلى المشاريع التوسعية للجامعات الأخرى.
مر التعليم العالي خلال هذه الفترة بمراحل جعلته تحت المجهر كثيرا، وهذا بلا شك يعكس الأهمية النسبية لهذا القطاع. ويعطي حافزا للقائمين عليه من أجل بذل مزيد من العطاء للوصول إلى تطلعات وأمل قائد هذه الأمة، وشعبه الكريم.
إذا قلنا مجازا: إن فترة التأسيس والبنى التحتية شارفت على الانقضاء. فإن المرحلة المقبلة يجب أن تستهدف تطوير العنصر البشري، والتمويل والمشاركة في خدمة المجتمع. في بداية الثمانينات عاشت بريطانيا ثورة تطوير الجامعات، فاستهدفت تحسين الإطار الإداري لتشغيل وإدارة هذا العنصر الحيوي، كما ركزت على دعم وتمويل المجال البحثي. إن مؤسسات التعليم العالي في حاجة ماسة إلى رؤية لتطوير الهيكل الحوكمي لهذه المؤسسات.
التطوير الأكاديمي عملية مستمرة، وهي منطلقة منذ عشرات السنين، من خلال برامج الابتعاث الموجهة لاكتساب أفضل العلوم من أرقى المؤسسات العالمية. ولكن التطوير الأكاديمي يرتبط ارتباطا مباشرة بفاعلية الأداء الإداري للمؤسسات التعليمية. وعندما نركز على مسائل إدارة وحوكمة هذه المؤسسات الضخمة، فإننا بالتأكيد سنجني ثمارها في التطوير الأكاديمي والبحثي والمجتمعي.
قد لا تواجه بعض جامعاتنا مصاعب تمويلية في الفترة الحالية، نظير ما تقدمة حكومة المملكة لهذا القطاع من دعم سخي. لكن الحقيقة تقول إن هذه المؤسسات لا تكتفي من أي مصادر محددة، ويجب أن تطور مصادرها غير المستغلة لتطوير وتشغيل مراكز البحث والخدمة التفاعلية مع المجتمع، من خلال المشاركة مع القطاع الخاص، وتنمية الاستثمارات والأوقاف، وبرامج الشراكة والمبادرات الريادية مع منسوبيها وطلابها.
هذه المشاركات ستزيد من انخراط الجامعات في محيطها المجتمعي، وإضفاء رونق خاص للتفاعل مع مفردات المجتمعات المحلية، من خلال تقديم المعرفة، والتطوير المستمر، والبحث، وخدمة المجتمع. قد يقال إن الجامعات تقوم بجهد مذهل في هذا حسب إمكاناتها، لكن بنظرة ناقدة لما هي عليه مؤسسات التعليم العالي في دول العالم الأول، نستطيع أن نحدد مسارنا للعقد القادم.
ختاما، إذا كان العقد الماضي هو عقد البنى الأساسية لانطلاق التعليم العالي، فإن العقد القادم سيصطبغ بالتطوير وخلق بيئة العمل التفاعلية. وكلتا المرحلتين تدين بالفضل لله ثم لعبد الله بن عبد العزيز، الذي أسهم برؤيته الثاقبة في إعادة صياغة وتأهيل قطاعات التعليم العالي، ويجب أن نرد له الدين في ذلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي